مستطيلا ليل الهجر لما عنده من الملال، وهذا الشعر لم أطلع على قائله، وهو شاهد على إطلاق القطع على طائفة من الليل. قيل: ولا شاهد فيه لاحتمال أنه بمعنى القطعة مطلقا، وتخصيصه هنا بالإضافة. قوله: (وكن على أثرهم) بفتح الهمزة، والثاء أو بكسر فسكون بمعنى عقبهم وخلفهم، وقوله تذودهم الخ بذال معجمة بمعنى تسوقهم بيان الحكمة أمره بأن يكون خلفهم، وترك ما في الكشاف من أن خروجه مهاجراً سالما يقتضي الاجتهاد في الشكر، وفراغ البال للذكر فلم يكن قدامهم لئلا يشتغل عن ذلك بتفقد من خلفه لعدم تبادره. قوله: (لينظر ما وراءه فيرى من الهول الخ) فيكون لا يلتفت على ظاهره لأنّ الالتفات إنما هو للنظر وإذا كان بمعنى لا ينصرف، ويتخلف فهو مجاز لأن الالتفات إلى الشيء يقتضي محبته، وعدم مفارقته فيتخلف عنده فهؤ من لفته بمعنى ثناه وصرفه. قوله:) وقبل نهوا عن الالتفات ليوطنوا نفوسهم على المهاجرة (وتطبيب قلوبهم بمفارقة منازلهم لأنّ من هو كذلك لا يلتفت لما خلفه تحسراً على فراقه. قوله: (فعدى وامضوا إلى حيث وتؤمرون إلى ضميره الخ) كذا في الكشاف فقيل حيث ظرف مبهم فعلى تقدير نصبه على الظرفية لا يحتاج إلا في لأنه مبهم، والظرف المبهم منصوب، والمؤقت حكمه حكم ما ليس بظرف فيحتاج إلى في، وكذلك الضمير في تؤمرونه مبهم نظراً إلى تقديره، وهو راجع إلى حيث، ولو كان مؤقتاً لقيل تؤمرون فيه ورذ بأنه لم يرد ما ذكر فإن قلت هو مسلم في تعدية تؤمرون إلى ضمير حيث فإنّ صلنه، وهي الباء محذوفة إذ أصله تؤمرون به أي بمضيه فأوصل بنفسه، وأمّا تعدية امضوا إلى حيث فلا اتساع فيه كما سمعته إلا أن يجعل تغليبا قلت تعليق
حيث بالفعل هنا ليس تعلق الظرفية ليتجه تعدية الفعل إليه بنفسه بكونه من الظروف المبهمة فإنه مفعول به غير صريح نحو سرت إلى الكوفة، وقد نص النحاة على أنه قد يتصرف فيه فالمحذوف ليس في بل إلى كما أشار إليه الزمخشريّ، والمصنف رحمه الله فلا اشكال قلت، وإن دفع به اشكال التعدي لكنه غير صحيح لأنهم صرحوا بأنّ الجمل المضاف إليها لا يعود منها ضمير إلى المضاف. قال نجم الأئمة: اعلم أنّ الظرف المضاف إلى الجملة لما كان ظرفا للمصدر الذي تضمنته الجملة على ما مر لم يجز أن يعود من الجملة إليه ضمير فلا يقال يوم قدم زيد فيه لأنّ الربط الذي يطلب حصوله حصل بإضافة الظرف إلى الجملة وجعله ظرفا لمضمونها فيكون كأنك قلت يوم قدوم زيد فيه اهـ، وحيث تلزم الإضافة لجمله فكيف يقدر الضمير في تؤمرون عائداً عليه، وأغرب منه أنّ بعض المتأخرين صبه في قالبه مع أنه قال في بعض كتبه: إنّ حيث لا يصح عود الضمير عليها، واعترض به على صاحب التوضيح، وقد أتى من مأمنه فحرّره. قوله: (أوحينا إليه مقضياً ولذلك عدى بالى) يعني أنّ قضي لا يتعدّى بإلى لكنه ضمن هنا معنى أوحى فعدى تعديته، وقوله مقضيا بالنصب على الحال من ذلك إشارة إلى أحد وجهي التضمين، وهو جعل المضمن فيه حالاً، ولذ أخره ليظهر تعلق الجار به، والا فلا يلزم تأخره، وقوله ولذلك عدي بإلى أي لكونه بمعنى أوحينا. قوله: (يفسره أنّ دابر هؤلاء الخ) كونه تفسيرا ليس مخصوصا بقراءة الفتح، وقوله وفي ذلك أي في التفسير بعد الإبهام تفخيم للأمر حيث أبهم ثم فسر اعتناء بثأنه وأتى بلفظ ذلك الموضوع للبعيد وفي نسخة، وذلك بدون في، والأولى أولى وفي لفظ ذلك، والأمر حسن تعبير لايهامه معنيين، وقوله والمعنى الخ يعني أنّ الدابر الآخر، وليس المراد قطع آخرهم بل جملتهم، وقوله عن آخرهم مرّ تحقيقه، وهو واقع في محزه هنا، وقوله على الاستئناف أي في جواب وما ذلك الأمر، ونحوه والبدلية على الكسر لأنّ في الوحي معنى القول. قوله: (داخلين في الصبح) لأنّ الأفعال يكون للدخول في الشيء نحو أتهم، وأنجد وهو بيان لأنها تامّة هنا، وجعله حالاً من المضاف إليه لأنّ المضاف بعضه فهو مما يجوز فيه ذلك، وليس العامل معنى الإضافة، ولا يتوهم كونه اسم الإشارة لأنّ الحال لم يقل أحد أنّ صاحبها يعمل فيها فهذا من سقط القول، وقوله وجمعه توجيه لكونه حالأ من الدابر مع جمعه بأنه في معنى الجمع لأنّ دابر بمعنى المدبرين من هؤلاء. قوله: (سذوم) بفتح السين على وزن فعول بفتح الفاء، وذاله معجمة
وروي إهمالها، وقيل إنه خطأ، وهو أعلى ما قال الطبرفي رحمه الله اسم ملك من بقايا اليونان كان غشوما ظالما، وكان بمدينة سرمين من أرض قنسرين، وباسمه تسمى البلد كما في المثل أجود من


الصفحة التالية
Icon