المراد بعاليها وجه الأرض وما عليها، وقوله وأمطرنا عليهم وفي هود عليها أي المدينة أو القرى، والمآل واحد والسجيل تقدم أنه معرّب سنك كل، وكونه من
السجل، وهو الكتاب أو الصك لأنها كتب عليها أسماؤهم أو لأنها مما كتب الله تعذيبهم بها، وقد مر الكلام عليه في سورة هود. قوله: (للمتوسمين) صفة آيات أو متعلق به، والتوسم تفعل من الوسم، وفسر بالتثبت والتفكر، وفسره ثعلب بالنظر من القرن إلى القدم واستقصاء وجوه التعريف قال:
بعثوا إليّ عريفهم يتوسم
وتوسمت فيه خيرا أي ظهرت علاماته لي منه قال ابن رواحة رضي الله تعالى عنه:
إني توسمت فيك الخير أعرفه والله يعلم أني ثابت البصر
وتوسم طلب عشب المطر الوسمي، وقوله المدينة أو القرى، وقيل الضمير للصيحة أو الحجارة أو الآيات وقوله للمؤمنين خصهم لأنّ غيرهم يظنها من الاقترانات، ونحوه. قوله: (وإن كان أصحاب الآيكة) أن مخففة من الثقيلة، واللام فارقة، والأيكة أصلها الشجرة الملتفة واحدة الأيك، وسيأتي أنه يقال فيها ليكة، وتحقيقه والغيضة بالضاد المعجمة البقعة الكثيفة الأشجار، وفيه إشارة لوجه تسميتهم بذلك وقيل الأيكة اسم بلدة، والظلة بالضم سحابة أظلتهم فأرسل الله عليهم منها ناراً أحرقتهم كما مرّ والتكاثف كثرة الأشجار والتفافها، وقوله والأيكة الشجرة المتكاثفة أي الملتفة الأغصان، وهذا بيان لمعناها الحقيقيّ، وأمّا المراد بها هنا فقد علم مما قبله، وهو أنه الغيضة أو البلدة بطريق النقل أو تسمية للمحل باسم الحالّ فيه، ثم غلب عليه حتى صار علماً فلا وجه لما قيل عليه أنه كان عليه أن يبدل الشجرة بالغيضة، ولا يحتاج إلى تكلف أنّ المراد الجماعة الواحدة من الشجر أو نوع منه. قوله: (يعني سذوم والأيكة الخ) يعني محل قوم لوط وقوم شعيب عليهما الصلاة والسلام، وقيل هما راجع إلى الأيكة والى مدين ومدين، وان لم يذكر هنا لكن ذكر أحدهما يدلّ على الآخر لإرساله إلى أهلهما. قوله: (فسمي به الطريق واللوح (يعني اللوج المحفوظ أو مطلق اللوج المعد للقراءة كما سمي به مصحف عثمان رضمي الله تعالى عنه، وحيث أطلق في القرا آت فهو المراد والمطمر بكسر الميم كالمطمار خيط البنائين الذي يقدرون به البناء، وهو المسمى زيجاً وبه سمي الزيج المعروف عند أهل الهيئة، وهو معرب زيه بمعنى الخيط وفي نسخة سمي به
اللوح، ومطمر البناء بدون ذكر الطريق لأنه علم تسميتها به من تفسير الآية فكأنه معناه الأصلي، وهذا منقول مأي سمي به اللوح، والمطمر كما سمي به الطريق فلا غبار في كلامه. قوله: (ومن كذب واحدا من الرسل فكأنما كذب الجميع الخ) جواب عن سؤال مقدر، وهو أنّ أصحاب الحجر كذبوا صالحاً ﷺ فقط فكيف قيل كذبوا المرسلين فأجاب بأنّ من كذب واحدا فقد كذب جميع الرسل لاتفاق كلمتهم على التوحيد، ودعوة الحق فجعل اتحاد المكذب فيه بمنزلة اتحاد المكذب، ولذا قال قكأنما لأنهم لم يواجهوهم بذلك حتى يك! ونوا مكذبين لهم حقيقة. قوله: (ويجوز أن يكون المراد الخ) على التغليب، وجعل الاتباع مرسلين كقوله:
قدني من نصر الخبيبين قدي
وقوله يسكنونها راجع للحجر أو الوادي، وأنث باعتبار البقعة. قوله: (يعني آيات الكتاب المنزل على نبيهم) أورد عليه أنّ صالحاً ﷺ ليس له كتاب ماثور إلا أن يقال الكتاب لا يلزم أن ينزل عليه بل يكفي كونه معه، وإن نزل على غيره لأنه أنزل على من قبله، والظاهر هو التفسير الثاني، وسقبها بفتح السين المهملة، وسكون القاف، والباء الموحدة، ولد الناقة وفصيلها وتفصيله مرّ في هود، وقوله أو ما نصب لهم من الأدلة أي ما أظهره الله من الأدلة ألعقلية الدالة عليه الميثوئة في الأنفس، والآفاق. قوله: (من الانهدام ونقب اللصوص الخ) فالحال مقدرة، وقوله أو من العذاب الخ الظاهر أنّ المراد عذاب الآخرة فظنهم أنها تحميهم منه من غاية الحماقة إذ لا وجه له، ولو أريد الأعمّ منه، ومن عذاب الاسنئصال في الدنيا كان التعليل بما ذكر أظهر، ويؤيده تفريع ما بعده عليه، والحسبان بكسر الحاء الظن. قوله: (فأخذتهم الصيحة) في الأعراف: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ [سورة الأعراف، الآية: ٧٨] ووفق بينهما بانّ الصيحة تفضي إلى الرجفة أو هي


الصفحة التالية
Icon