تقديم المسند إليه يفيد الحصر كزيد غرق في إفادة التخصيص يعني أنه تعالى عالم بذلك دون ما يشركون به فإنه لا يعلم ذلك بل لا
يعلم شيئآ أصلا فكيف يعذ شريكا لعالم السرّ والخفيات. قوله: (والآلهة الذين تعبدونهم (إشارة إلى أن الدعاء بمعنى العبادة كما مرّ تحقيقه، وقوله: وقرأ أبو بكر الخ. قال المعرب: قرأ العامة تسرّون وتعلنون بتاء الخطاب، وأبو جعفر وشعبة بالياء التحتية، وقرأ عاصم وحده بالياء، والباقون بالتاء من فوق، وقرىء يدعون مبنيا للمفعول، وهو واضح فما وقع في النسخ تبعا للإمام، وقرأ أبو بكر يدعون الياء، وقرى حفص ثلاثتها بالياء مخالف لما في كتب القرا آت فلعلها رواية شاذة عنه، وفي بعض النسخ قرأ عاصم ويعقوب يدعون بالياء، وهو الصحيح الموافق للنقل وما وقع في بعضها من الجمع بين النسختين لا وجه له فالظاهر أنّ النسخة الثانية إصلاج من المصنف رحمه الله تعالى.) أقول (هذا ما قالوه بأسرهم وهو من قصور الباع وقلة الاطلاع فإنّ الثلاثة قرأت بالمثناة التحتية في رواية عن أبي عمرو وحمزة من طريق إلا اً نهما لم يقرآ بها وفي كتاب الزوائد المفيدة في الزيادة على القصيدة للأربلي وعن حفص أيضا قراءة الثلاثة بتاء الخطاب. قوله: (لما نفى المشاركة بين من يخلق ومن لا يخلق بين أنهم لا يخلقون شيئاً) المشاركة مأخوذة من التشبيه وهذا دفع للتكرار وبيان لأنه ذكر للاستدلال على نفي التشابه والمشاركة لأنه في قوّة هم لا يخلقون شيئا ومن يخلق لا يشارك من لا يخلق فينتج من الثالث من يخلق لا يشاركهم ويعكس، وقيل عليه أنه مبنيّ على أن من يخلق ومن لا يخلق مجرى على غير تعيين، وقد بناه فيما سبق على كون الأوّل هو الله تعالى، والثاني الأصنام، وتقريره هناك يقتضي عدم الحاجة إلى هذه المقدمة للعلم بها، وكونها مفروغا عنها فإنما كرر لمزاوجة قوله، وهم يخلقون، ولا يخفى أن من لا يخلق عامّ، وكذا من يخلق كما صزح به هنا، وأما تخصيصه بما مرّ كما يقتضيه التعبير بالموصول فلأن من يخلق عندنا مخصوص به تعالى في الخارج اختصاص الكوكب النهاري بالمشمس وإن عمّ باعتبار مفهومه ومن لا يخلق وان عتم ذهناً وخارجاً فتفسيره بمن عبد لاقتضاء المقام له مع أنه في الوجه السابق لا يختص بذلك وأفا توله أنه لا يحتاج إلى هذه المقدمة فليس كما ذكره، وإنما مقتضاه أنها في غاية الظهور بحيث لا تحتاج إلى إثبات، وهو مصحح لكونها جزءاً من الدليل، وإذا ظهر المراد بطل الإيراد. قوله: (لآنها ذوات ممكنة الخ) إشارة إلى أن علة الاحتياج هي الامكان، وقوله ينبغي من المجاراة إذ لا بد من ذلك عقلا. قوله: (هم أموات لا تعتريهم الحياة الخ) بيان لفائدة قوله غير أحياء بعد ذكر أنهم أموات، وان قيل إنه تأكيد لأن التأسيس هو الأصل مع الإشارة إلى أنه خبر مبتدأ مقدر، ويجوز أن يكون خبراً بعد خبر، وكلام المصنف رحمه الله تعالى يحتمله، وغير أحياء صفة أموات أو خبر بعد خبر فقوله لا تعتريهم الحياة أي لا تعرض لهم بناء على أن المراد الأصنام فهو بيان لأنهم غير متصفين بالحياة حالاً، ومآلا لعدم القابلية لها كما تقبلها
النطفة، ونحوها فهم أموات حالاً، وغير أحياء بمعنى غير قابلة للحياة مآلاً فهو تأسيس في الجملة، وهذا بناء على أن المراد بالأحياء الأجسام غير ذوي العلم بمعنى الأصنام. قوله: (أو أموات حالاً أو مآلاً) هو جواب آخر، وأو في قوله أو أموات للتنويع لا للترديد ومنع الجمع، وهو على هذا متناول لجميع معبوداتهم ففي لفظ أموات عموم المجاز فالمراد ما لا حياة له سواء كان له حياة، ثم مات كعزير أو سيموت كعيسى، والملائكة عليهم الصلاة والسلام أو ليس من شأنه الحياة كالأصنام فهو شامل لذوي العلم وغيرهم، والذي في الكشاف وجوه ثلاثة ثالثها أن يراد بالذين تدعون الملائكة عليهم الصلاة والسلام وكان ناس منهم يعبدونهم، وأنهم أموات أي لا بد لهم من الموت غير أحياء أي غير تامّة حياتهم فليس بعام وكلام المصنف رحمه الله تعالى محتمل له. قوله: (غير أحياء بالذات) فالمراد به نفي الحياة الذاتية فليس مستغنى عنه، وقوله ليتناول تعليل له لبيان فائدته إذ لولاه لم يتناول عيسى، والملائكة عليهم الصلاة والسلام ممن عبدوه. قوله: (ولا يعلمون وقت بعثهم الخ) فسر يشعرون بيعلمون، ومنهم من فرق بين العلم والشعور، وهو سهل إلا أنّ ظاهر قوله وقت بعثهم أن إيان خرجت عن موضوعها، وهو الشرط أو الاستفهام إلى محض الظرفية بمعنى وقت مضاف إلى الجملة بعده كقولك وقت يذهب عمرو كما


الصفحة التالية
Icon