وفيه نظر. قوله: (وهو على سبيل التمثيل (يعني أن قوله: ﴿أَتَى اللهُ بُنْيَانَهُم﴾ الخ استعارة تمثيلية لأنّ ما نصبوه وتخيلوه سبباً للاستيلاء صار سببا للبوار، والعفاء فالأساطين كالمنصوبات، وانقلابها عليهم مهلكة كانعكاس مكايدهم عليهم، ووجه الشبه أن ما عدوه سبب بقائهم عاد سبب استئصالهم، وفنائهم كقولهم من حفر لأخيه جبا، وقع فيه منكبا. قوله: (وقيل المراد به نمرود) هو بضم النون، وفي آخره دال مهملة، وهو اسم جبار معروف وكنعان في حواشي الكشاف الأفصح فيه كسر الكاف، والفتح مروي فيه، وهو المعروف وفي التهذيب مقيد بالفتح، وعن الليث أن كنعان بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام، واليه ينسب الكنعانيون، ولغتهم العربية الذي في كتب التواريخ، أنّ كنعان بن كوس من أولاد حام بن نوج
والصرح القصر وكل بناء عال وبابل اسم ناحية معروفة وسمكه بمعنى ارتفاعه، وعلوّه، وقوله ليترصد أمر السماء أي ليعرف أمر السماء، ويقاتل أهلها وقوله: (فخرّ عليه وعلى قومه فهلكوا) يقتضي أن هلاك نمرود إذ ذاك بما ذكر والمعروف أنه عاش بعده، وأهلكه الله ببعوضة وصلت لدماغه إظهار الكمال خستة، وعجزه وجازاه من جن! عمله لأنه صعد إلى جهة السماء بالنسور فأهلكه الله بأخس الطيور، وعلى هذا لا يكون تمثيلا بل حقيقة، وأخره لأنه لا دليل عليه. قوله: (يذلهم أو يعذبهم بالنار كقوله الخ) قد مر أنّ المصنف رحمه الله تبعاً للراغب فسر الخزي بذل يستحيا منه، ولتضمينه لهذين المعنيين استعمل في الذل تارة نحو عليه الخزي، وأخرى في الاستحياء واعترض عليه بأنه ليس كما ذكر فإنه مشترك بين المعنيين المذكورين، ويدل عليه اختلاف مصدريهما فإنه يقال خزي بالكسر يخزي خزياً إذا ذل وهان، وخزاية إذا استحيا كما قاله الجوهري، وقد مر تحقيقه والمراد به هنا الذل مطلقاً أو فرده الكامل، وهو التعذيب بالنار، واستدل عليه بأنه ورد في القرآن بهذا المعنى والقرآن يفسر بعضه بعضاً، والآية المستشهد بها قد مر الكلام عليها، وأنها من قبيل من أدرك الصمان فقد أدرك المرعى، وقد حقق ثمة بما لا مزيد عليه، وقيل إنه في الوجه الثاني كناية عن التعذيب بالنار أيضا، وأشار إلى وجهها بقوله كقوده الخ فإنه يدل على أنّ الاخزاء من روادف التعذيب بالنار، وقيل عليه إن قوله أين شركائي يأباه لأنه قبل دخولهم النار فالمراد أصل معناه، وهو الاذلال، ولا ورود له لأنّ معنى لهم الخزي أي العذاب أنه يبين استحقاقهم له لما ظهر من الأحوال، ومشاهدة الأهوال مع أنّ الواو لا تقتضي الترتيب، ونقله بصيغة التمريض مغن عن الإيراد، والجواب فإنه يشير إلى أنه غير مرضي عنده فتأمّل. قوله: (أضاف إلى نفسه الخ) يعني في النظم تقريع، وتوبيخ بالقول، واستهزاء بهم إذ أضاف الشركاء إلى نفسه لأدنى ملابسة بناء على زعمهم مع الإهانة بالفعل المدلول عليها بقوله يخزيهم أي ما لهم لا يحضرونكم ليدفعوا عنكم لأنهم كانوا يقولون إن صح ما تقول فالأصنام تشفع لنا فهو كقوله: ﴿أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٢٢] وقوله أو حكاية الظاهر رفعه عطفا بحسب المعنى على قوله أضحاف كأنه قال مضاف أو حكاية، وأضاف أو حكى ويجوز نصبه عطفاً على استهزاء أي حكى عن المشركين زيادة في توبيخهم إذ لو قيل أين أصنامكم كان فيه توبيخ أيضاً، وقراءة العامة شركائي بالمد ومنهم من سكن الياء فتحذف وصلا لالتقاء الساكنين وقرأ البزيّ بخلاف عنه بقصره مفتوج الياء، وقد أنكر. جماعة وزعموا أنّ هذه القراءة غير مأخوذ بها لأنّ قصر الممدود لا يجوز إلا ضرورة وليس كما قالوا فإنه يجوز في السعة، وقد يوجه بأنّ الهمزة المكسورة قبل الياء حذفت للتخفيف، وليس كقصر الممدود مطلقا مع أنه قد روي عن ابن كثير قصر التي في القصص وروي عنه أيضاً قصر ورائي في مريم، وعن قنبل قصر أن رآه استغنى في العلق فكيف يعدّ
ذلك ضرورة فأعرفه فإنّ كثيرا من النحاة غفلوا عنه. قوله: (تعادون) المشاقة المعاداة، والمخاصمة من شق العصا أو لكون كل منهما في شق، وقوله المؤمنين إشارة إلى أنّ مفعوله محذوف، وقوله فيهم بمعنى في شأتهم من العبادة وغيرها والأولى أن يفسر تشاقون بتخاصمون وتنازعون ليظهر تعلق فيهم به كما في الكشاف، ويحتمل أن تكون في للسببية، وفي نسخة قبل قوله الذين كنتم تشاقون فيهم، وقرأ البزيّ بخلاف عنه أين شركاي بغير الهمزة، والباقون بالهمزة، وقد مرّ تحقيقه، والذين يحتمل الرفع، والنصب. قوله: (وقرأ نافع بكسر


الصفحة التالية
Icon