من قوله هل ينظرون أي كذلك كان من قبلهم مكذبين لزمتهم الحجة منتظرين فأصابهم ما كانوا ينتظرونه سديد حسن إلا أن هذا أقرب مأخذاً، ودلالة فعل عليه أظهر، وهذا فذلكة ما قابلوا به تلك النعم، وأدمج فيه تسلية الرسول ﷺ فلا يرد عليه أنهم كانوا ينتظرون حقيقة، وأنه لا يلائم قوله فأصابهم سيئات ما عملوا. قوله: (فأصابهم ما أصابهم (أي مثل ما أصابهم، وفي نسخة مثل ما أصابوا أي لقوا ووجدوا، وليس هذا تقديراً في النظم بل مبادرة إلى إظهار معنى المعطوف للإشارة إلى أن قوله وما ظلمهم الله الخ اعتراض، وقيل إنه مفهوم مما سبق أي كذلك كان من قبلهم مكذبين فأصابهم ما ينتظرونه وقوله فأصابهم سيئات الخ بيان لنتيجة ظلمهم أنفسهم فعلى هذا لا اعتراض!، وقوله بتدميرهم أي إهلاكهم. قوله:) أي جزاء سيئات اعمالهم (يعني هو بظاهره
يدلّ على أنّ ما أصابهم سيئة، وليس بها فإفا أن يقدر المضاف أو يجعل من المشاكلة كما في الكشاف أو من إطلاق اسم السبب على المسبب على ما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى فمن قال إن المشاكلة لا تصح هنا، ديمانه ليس في كلام جار الله ما يدل عليها لم يصب فتأمل. قوله: (وأحاط بهم جزاؤه) يعني أن ما مصدرية، وفي الكلام مضاف مقدر وبه متعلق بيستهزؤون قدم للفاصلة، والضمير للرسول عليه الصلاة والسلام، ويجوز أن تكون موصولة عامة للرسول ﷺ وغيره وضمير به عائد عليها. قوله: (والحيق الخ) يعني أن أصل معناه الإحاطة مطلقا لكنه خص في الاستعمال بإحاطة الشر فلا يقال حاقت به النعمة بل النقمة، ومن الأولى بيانية، والثانية زائدة لتأكيد الاستغراق، وكذا الثانية ونحن لتأكيد ضميو عبدنا لا لتصحيح العطف لوجود الفواصل، وان كان محسنا له. قوله: (إنما قالوا ذلك استهزاء ومنعا للبعثة والتكليف) يعني أنهم لم يقولوا ذلك اعتقاداً حتى يكون ذمهم عليهم حجة للمعتزلة في القول بخلق الأفعال، وبخلق الإرادة لكن لما سمعوا منه ﷺ ومن المؤمنين ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن قالوا ذلك استهزاء بهم فذكر ذلك نعيا عليهم في الضلال أو إثباتا لمنعهم الباطل. قوله:) متمسكين بأن ما شاء الله يجب الخ الما مرّ، وهو حق أريد به باطل فلا حجة فيه للمعتزلة كما زعمه الزمخشريّ، وتخصيص الإشراك والتحريم بالذكر لأنهما أعظم، وأشهر ما هم عليه فلا يرد عليه أنه لا يلائم تقريره كما قيل. قوله: (أو إنكارأ لقبح ما أنكر عليهم الخ (فذكره ليس لأنه منكر في نفسه عندنا بل لرذ ما زعموه من أنه غير قبيح، وهذا الوجه هو مرتضى المصنف رحمه الله تعالى في آخر سورة الأنعام، وقوله فما الفائدة فيهما أي في البعثة والتكليف بعد ما شاء إشراك بعض، ودخوله النار، وايمان يعض، ودخوله الجنة. قوله: (محتجين بأنها الخ) الضمائر عائدة على ما وتأنيثها مراعاة للمعنى، ولو راعى لفظها لذكر، وضمير خلافه وإليه للصدور، ويجوز عود الضمير على الثلاثة المذكورة في البيان، وضمير ونحوها للبحائر، والآية وإن دلت على تجويزهم مشيئة الله لإيمانهم فإنها تستلزم تعلقها بكفرهم أيضا لعدم القائل بخلافه، وقوله لا اعتذارا عطف على إنكاراً أو على قوله استهزاء، ولو كان اعتذاراً كان دليلا للمعتزلة في عدم جواز تعلق إرادة الله بالكفر والمعاصي، وقد مرّ ما قاله الفاضل المحشي في الأنعام إنه لا ينتهض ذمهم به دليلاً على أهل السنة لمكان الكسب فانظره ثمة، وقوله ملجئا إليه حال مؤكدة، وفي العطف بلا بعد صريح الحصر كلام في المعاني وقد مرّ تفصيله. قوله: (إذ لم يعتقدوا قبح أعمالهم (قيل عليه فرض القبح يكفي للاعتذار يعني لو
سلمنا القبح في هذه الأعمال فهي بمشيئة الله لا بقدرتنا، واختيارنا إلا أن يقال إنه سند لمنع كون قولهم ذلك على سبي!! الاعتذار فلا يرد عليه ما ذكر، وفيه أن فرض القبح لا يلائم مقام الإنكار، والاحتجاج المذكور فتأمّل وقوله تنبيه على الجواب الخ سيأتي بيانه، وقوله ورذوا رسله عليهم الصلاة والسلام يؤخذ مما ذكر لأنه يلزمه. قوله: " لا الإبلاع الموضح الخ (إشارة إلى أنّ البلاغ مصدر بمعنى الإبلاغ، وأنّ المبين من أبان المتعذي، وقوله مؤد إليه على سبيل التوسط أي توسط أسباب أخر قدرها، وهذا هو الجواب عن الشبهة الأولى لأنه علم منه أن ما شاء الله، وجوده أو عدمه لا يجب ولا يمتنع مطلقا، وقوله قدرها له أي توقف عليها


الصفحة التالية
Icon