الأجسام والخلق، ولا ظل لها، ومقتضى عموم ما أنه لا يخلو شيء منها عنه بخلاف ما إذا جعلت من بيانية ويتفيؤوا صفة شيء مخصصة له فقد رذ بأن جملة يتفيؤوا حينئذ ليس صفة لشيء إذ المراد إثبات ذلك لما خلق من شيء لا له، وليس صفة لما لتخالفهما تعريفاً وتنكيراً بل هي مستأنفة لإثبات أنّ له ظلالاً متفيئة، وعموم ما لا يوجب أن المعنى لكل منه هذه الصفة، ولا يخفى أنه إن أراد أنه لا يقتضي العموم ظاهراً فممنوع، وان أراد أنه يحتمله فلا يرد ردّاً لأنه مبنيّ على الظاهر المتبادر. قوله:) عن إيمانها وعن شمائلها الخ (إشارة إلى أنه كان الظاهر تطابقهما إفراداً وجمعا، وسيأتي وجه العدول عنه، وأن المعرف باللام في معنى المضاف إلى الضمير، والتفيؤ تفعل من فاء
يفيء إذا رجع وفاء لازم فإذا أريد تعديته عدي بالهمزة أو التضعيف كأفاءه الله وفيأه فتفيأ، وتفيأ مطاوع له لازم، وقد وقع في قول أبي تمام:
وتفيأت ظله ممدوداً
متعذياً، والكلام في الفيء والظل، والفرق بينهما معروف في اللغة. قوله:) أي عن
جأنبي كل واحد منها الخ (إشارة إلى الجواب عن سؤال مقدر، وهو أن انبساط الظل، وانقباضه وإنما هو عن جانبي المشرق، والمغرب باعتبار ما قبل الزوال وما بعده فأشار إلى أنّ المراد بهما جانبا الشيء استعارة أو مجازاً من إطلاق المقيد على المطلق لا جانبأ لفلك على الوجهين اللذين ذكرهما الإمام الأوّل، وهو أن المراد بهما المشرق والمغرب فشبها بيمين الإنسان، وشماله فإن الحركة اليومية آخذة من المشرق، وهو أقوى الجانبين إذا طلعت الشمس يقع الاظلال في جانب المغرب إلى انتهاء الشمس إلى وسط الفلك، ثم بعده يقع في جانب المشرق إلى الغروب فهو المراد من تفيؤ الظلال من اليميق إلى الشمال، وعكسه وسيذكره المصنف رحمه الله تعالى بقوله: وقيل الخ، وترك جوابه، والثاني وهو أن البلد إذا كان عرضه أفل من الميل ففي الصيف يكون الظل في يمين البلد، وفي الشتاء في شماله لاختصاصه بقطر مخصوص، والكلام ظاهره العموم. قوله:) ولعل توحيد اليمين وجمع الخ (هذه النكتة مصححة لا مرجحة فإنه يقال لم روعي في أحدهما اللفظ، وفي الآخر المعنى، وقد وجهه ابن الصائغ بأنه نظر إلى الغاية فيهما لأنّ ظل الغداة يضمحل بحيث لا يبقى منه إلا اليسير فكأنه في جهة واحدة، وهو في العشيّ على العكس لاستيلائه على جميع الجهات فلحظت الغايتان هذا من جهة المعنى، وأما من جهة اللفظ فجمع ليطابق سجدآ المجاور له كما أفرد الأوّل لمجاورة ضمير ظلاله، وقدم الأفراد لأنه أصل أخف، ولك أن تحمل كلام المصنف رحمه الله تعالى عليه، وتجعل قوله كقوله الخ إشارة إليه فتأمل، وعن اليمين متعلق بيتفيؤ، وقيل: إنه حال. قوله:) وهما حالان الخ (فهما حالان مترادفتان إن قلنا الواو حالية لجواز تعذد الحال، ومن لم يجوزه جعلها بدل اشتمال أو بدل كل من كل كما فصله السمين، وجاز من المضاف إليه لأنه كالجزء كقوله تعالى: ﴿مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [سورة البقرة، الآية: ١٣، كما مز تحقيقه أو هي عاطفة وهو ظاهر فلا تكون حالاً مترادفة بل متعاطفة، وقدم هذا لأنه واضح إذ جعل الحال الأولى من شيء، والأخرى من آخر خلاف الظاهر فلا يطالب بأنه لم لم يجعلها متداخلين كما في الوجه الآتي مع أن الآني ليس من التداخل في شيء فهو غفلة على غفلة،. قوله:) والمراد من السجود الاستسلام الخ (جواب عما يقال إنه إذا كان حالاً من الضمير الشامل للعقلاء،
وغيرهم وسجود المكلفين غير سجود غيرهم فكيف عبر عنهما بلفظ واحد، ودفعه بأن السجود بمعنى الانقياد سواء كان بالطبع أو بالقسر أو بالإرادة فلذا جاز أن يشمله لفظ أحد على طريقة عموم المجاز. قوله: (أو سجدا حال من الظلال وهم داخرون حال من الضمير) المراد من الضمير الضمير الأوّل على نهج إعادة المعرفة، وهو المضاف إليه الضلال، وهو في معنى الجمع لعوده على ما خلق من الإجرام التي لها ظلال وهذا هو الوجه المختار في الكشاف، ورجح في الكشف بأن انقيادهما مطلوب ألا ترى قوله: ﴿وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [سورة الرعد، الآية: ١٥] وفيه تكميل حسن لوصف الظلال بالسجود، وأصحابها بالدخور الذي هو أبلغ، ولم يجعل حالاً من الضمير الراجع إلى الموصول في خلق لأن المعنى ليس عليه، والعامل في الحال الثانية يتفيؤ أيضا كما مرّ. قوله:) والمعنى ترجع الظلال بارتفاع الشمس الخ (يعني أن المراد من سجودها انفيادها لأمر الله بتفيوئها من جانب إلى آخر فالسجود بمعناه المتقدم، وقوله بارتفاع الشمس، وانحدارها بتناقص الظل إلى الزوال، ثم تزايده وانبساطه


الصفحة التالية
Icon