التغليب لأنه معترض! بأن قرائن العموم كقوله من دابة دليل عليه، وان وجه بأنه لا دليل في اللفظ، وقرينة العموم في السابق لا تكفي لجواز تخصيصمهم من البين بعد التعميم على أنّ اقتضاء المقام العموم، وما في التغليب من توهم الخصوص الذي يؤيده السجود كاف في العدول فتأمّل. قوله: (عن عبادته) يشير إلى أنّ الضمير للملائكة عليهم الصلاة والسلام لا لما لاختصاصه بأولي العلم، وليس المقام مقام التغليب وقوله أن يرسل الخ يعني أن قوله من فوقهم إفا متعلق بيخافون، وخوف ربهم كناية عن خوف عذابه أو هو على تقدير مضاف، وقوله أن يرسل بيان لحاصل المعنى لا تقدير إعراب أو هو حال من ربهم أي كائناً من فوقهم، ومعنى كونه فوقهم قهره وغلبته كما مرّ تحقيقه في الأنعام، وقوله أو بيان له أي لقوله لا يستكبرون كما قرّره بقوله لأنّ الخ، وإذا كان حالاً فهي حالاً غير منتقلة. قوله: (وفيه دليل على أن الملائكة عليهم الصلاة والسلام مكلفون) لأنّ الأمر تكليف فلا خفاء فيه كما توهم، وكون أمرهم دائراً بين الخوف والرجاء أمّا الخوف فمن حاق النظم، وأمّا الرجاء فلاستلزام الخوف له ولأنه بمقتضى الكلام إذ من خدم أكرم الاكرمين كان من الرجاء في مكان مكين فلا يرد عليه أنه لا ذكر للرجال في الآية حتى يناقش في الدلالة. فوله: (ذكر العدد مع أنّ المعدود يدل عليه) يعني المقصود النهي عن الإشراك مطلقا، ولذا قال إنما هو إله واحد وتخصيص هذا العدد لأنه الأقل فيعلم انتفاء ما فوقه بالدلالة، واثبات الوحدة لله ولضميره مع أن المسمى المعين لا يتعدد بمعنى أنه لا مشارك له في صفاته، وألوهيته فلشى الحمل لغواً، ولا حاجة إلى جعل الضمير للمعبود بحق المراد من الجلالة على طريق الاستخدام، وسيأتي تحقيقه في سورة الإخلاص، وقوله تعالى، وقال الله معطوف على قوله. ولله يسجد أو على قوله، وأنزلنا إليك الذكر، وقيل
إنه معطوف على ما خلق الله على أسلوب:
علفتها تبنا وماء بارداً
أي أو لم يروا إلى ما خلق الله ولم يسمعوا ما قال الله، ولا يخفى تكلفه، ودلالة تعليل
لقوله ذكر، وقوله إليه يعني لا إلى الجنسية. قوله: (أو إيماء بأنّ الاثنينية الخ (حاصل هذا، وما قبله دفع لأن الواحد، والمثنى نص في معناهما لا يحتاج معهما إلى ذكر العدد كما يذكر مع الجمع بأنه يدل على أمرين الجنسية، والعدد المخصوص فلما أريد الثاني صرّح به للدلالة على أنه المقصود الذي سيق له الكلام، وتوجه له النهي دون غيره فإنه قد يراد بالمفرد الجنس نحو نعم الرجل زيد وكذا المثنى كقوله:
فإن النار بالعودين تذكى وان الحرب أوّلها الكلام
وقوله أو إيماء الخ وجه آخر لذكره، وهو أنه في معنى قوله: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ [سورة ايلانبياء، الآية: ٢٢] والفرق بيته وبين الأوّل أنه ذكر في الأوّل لدفع إرادة الجنسية، والتأكيد وفي هذا للدلالة على منافاتها للألوهية فلذا صزج بها وعقبت بذكر الوحدة التي هي من لوازم الألوهية، ومنافي اللازم منافي الملزوم فلا يرد عليه أنه ليس محلاً للعطف بأو لأنه متفرع على الدلالة على كونه مساق النهي، وكذا قوله أو للتنبيه ولا حاجة إلى الاعتذار بأنه يصلح وجها مستقلاَ فلذا عطف بأو. فوله: (أو للتنبيه (على أن الوحدة من لوازم الإلهية وهذا عكس الوجه الأوّل حيث يكون نفي التعدد لمنافاته للازم الألوهية فهو توطئة له فتدبر. قوله: (نقل من الغيبة إلى التكلم مبالغة في الترهيب (يعني أنه التفت عن الغيبة في إنما هو إله واحد، وهو أبلغ لأن تخويف الحاضر مواجهة أبلغ من ترهيب الغائب سيما بعد وصفه بالوحدة والألوهية المقتضية للعظمة، والقدرة التائة على الانتقام، وأمّا الايقاظ وتطرية الاصغاء فنكتة عامّة لكل التفات والفاء في فإياي جواب شرط مقدر أي إن رهبتم شيئا فإياي ارهبوا، وقوله فارهبون دال على عامل إياي مفسر له، وانفصل الضمير لتقدمه على عامله لإفادة التخصيص كما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله فارهبون لا غير قال الزمخشري عوض عن الشرط المحذوف تقديم المفعول مع إفادة تقديمه الاختصاص، وأمّا عطف المفسر على المفسر بالفاء فلأن المراد رهبة بعد رهبة أو لأن المفسر حقه أن يذكر عقب المفسر، ولنا فيه تفصيل سيأتي، وقد مر نبذ منه. قوله تعالى: ﴿وَلَهُ مَا فِي الْسَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾


الصفحة التالية
Icon