أيضا، ولا يضره اتحاد متعلقهما لاختلاف معناهما على ما عرف في النحو، ويجوز كون الأولى ابتدائية أيضا فتكون الثانية، ومجرورها بدلاً منها بدل اشتمال. قوله: (لأن بين الفرث والدم المحل) إن لم تكن بين لازمة الظرفية كما سيجيء تحقيقه في العنكبوت يصح رفع المحل خبراً لأن ولا إشكال في نصبه، وقوله لتنكيره علة لتقديمه، وكذا ما بعده، وكونه موضع العبرة ظاهر، وهو مرجح الحالية على الوصفية. قوله: (صافياً) قيل الصحيح هو التفسير الثاني لابتناء هذا على أن محل اللبن بين الفرث والدم وهو وهم ورد بأنه يكفي لصحته كون أصل اللبن الأجزاء اللطيفة في الفرث ولا يضره بعد مكان تصوّره بصورة اللبن عن محل الفرث كما لا يخفى مع أنّ عد ما ذكر مع كونه ظاهر النظم، وتفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهما لا يليق وليس المصنف رحمه الله تعالى غافلا عنه بعدما فصله قبيل هذا، وكونه سهل المرور لدهنيته، وقد قيل إنّ أحداً لم يشرق بلبن قط، وهو مرويّ عن السلف. قوله: (متعلق
بمحذوف الخ (في إعرابه وجوه أظهرها وهو هذا أنه متعلق بمحذوف تقديره نسقيكم، وهو من عطف جملة على أخرى وهو أولى من تقدير خلق أو جعل بهما ذكره أبو البقاء لدلالة نسقيكم المتقدم عليه وأما الاستغناء عن التقدير بعطفه على قوله مما في بطونه فيكون من عطف بعض متعلقات الفعل على بعض كقولك سقيته من اللبن ومن العسل فلم يذكر مع أنه أقرب لأن نسقيكم الملفوظ به وقع تفسير العبرة الأنعام فلا يليق تعلق هذا به لأنه لا تعلق له بتلك العبرة وكذا جعله متعلقا بما في الاسقاء من معنى الإطعام أي نطعمكم منها فينتظم المأكول منها، والمشروب المتخذ من عصيرهما، وأما إذعاء أنه ليس ببيان فخلاف الظاهر، ومخل بالانتظام، ومن عصيرهما بيان للمعنى المراد، وتقدير المضاف اللازم على هذا الوجه، والجائز على الوجه الثاني كما سيذكره المصنف رحمه الله تعالى وكون التعليق ثمة على التوزيع ليس بسديد، ولما كان اللبن نعمة عظيمة لا دخل لفعل الخلق فيه إضافة لنفسه بقوله نسقيكم بخلاف اتخاذ السكر فلذا أضافه لهم، وقوله لبيان الاسقاء أي المقدر لا الملفوظ. قوله: (أو بتتخذون ومنه تكرير للظرف الخ (أخره لأنه مخالف للظاهر لتقدم المتعلق، ولتكرير الظرف للتأكيد كما تقول بئ يد مررت به، وسيأتي تفسيره في سورة النور، وفي مرجع ضميره أقوال منها ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من عوده على المضاف المقدر أو على الثمرات المؤوّل بالثمر لأنه جمع معرف أريد به الجنس، وأما على الثالث فعلى ثمر المقدر، وحذف الموصوف بالجملة إذا كان بعضاً من مجرور من أو في المقدم عليه مطرد نحو منا ظعن وفينا أقام. قوله: (والسكر مصدر سمي به الخمر (فهو بمعنى السكر كالرشد، والرشد وقوله كالثمر، والزبيب دخوله في الرزق إذا لم يقدر المضاف ظاهر فإن قدر يحتاج إلى جعله معمولاً لعامل آخر مقدر، ويتم البيان عند قوله سكرأ، وهو بعيد والدبس بكسر الدال المهملة، وسكون الباء الموحدة، والسين المهملة عسل التمر، وهو عربي فصيح. قوله: (والآية إن كانت سابقة على تحريم الخمر الخ) قيل كيف لا تكون سابقة، وهذه السورة مكية إلا ثلاث آيات من آخرها إلا أن يكون فيه اختلاف، وهذا على قول آخر مع أنه سقط من بعض النسخ ما ذكر أو هذا جار على مجرد الاحتمال، وأفا الدلالة على كراهتها فقيل من كونها وقعت في مقابلة الحسن المقتضي لقبحها، وقيل عليه إنهما ليسا طرفي نقيض فيجورّ ثبوت الواسطة بالإباحة وفي أنّ السياق للامتنان بالنعم، ولا مقتضى للعدول، وفيه نظر والطعم بالضمّ، ثم السكون المطعوم المتفكه به كالنقل، ووجه الاستشهاد في البيت ظاهر، وعلى الوجه الآخر هو بمعنى المأكول مطلقاً،
وقوله من السكر بفتح فسكون، ويجوز كسره أيضاً قال ابن السيد في مثلثاته السكر بالفتح سد النهر، والباب ونحوه ومنه سكرت أبصارنا وبالكسر السد نفسه، ويجمع على سكور قال السري:
غناؤنا فيه ألحان السكور إذا قل الغناء ورنات النواعير
وقيل إنّ البيت المذكور كون السكر فيه بمعنى الخمر أشبه منه بالطعام، والمعنى أنه لشغفه بالغيبة وتمزيق الأعراض جرى ذلك عنده مجرى الخمر المسكرة، وفيه أن المعروف في الغيبة جعلها نقلأ، ولذا قيل الغيبة فاكهة القرّاء. قوله: (وإلا فجامعة بين العتاب والمنة الخ (فقوله سكراً عتاب، ورزقاً حسناً امتنان


الصفحة التالية
Icon