شؤمه، وسوء صنيعه وقبيح فعله ليكون قوله منا، ومنه مشيرا إلى هذا المعنى، ومنطبقا عليه كما قال تعالى: ﴿مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ﴾ [سورة النساء، الآية: ٧٩] وقيل المراد بالفعلين تحوّل النعمة إلى
الشدة وعكسه لا الفعل الاصطلاحيّ يعني أنّ اختلافهما في التعبير حيث بدأ في الأوّل باعطاء النعمة، واذاقة الرحمة، ولم يبدأ في الثاني بإذاقة الضرّ على نمطه تنبيها على سبق رحمة الله على غضبه، وقيل المراد أذقنا ومست، واختلافهما تخصيص! الأوّل بالنعماء، والثاني بالضراء، والنكتة تغليب جانب الرحمة، ولا يخفى أنّ ذكره بعيداً يأباه. قوله: (أي العصائب التي ساءتني (المصائب جميع مصيبة، وكان القياس فيه مصاوب لكنهم شبهوا الأصلي بالزائد، وقول الخليل إنه الخطا الواضح مراده هذا لكنه تسمح في تعبيره، وقوله ساءتني يشير إلى أن السيئة هنا من المساءة ضدّ المسرّة لا بمعنى الخطيئة، ومعنى ساءتني فعلت بي ما أكره. قوله:) بطر بالنعمة مغترّ بها) فرح كحذر بمعنى فاعل حول للمبالغة والفرج أكثر ما يرد في القرآن للذم فإذا قصد المدح قيد كقوله: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ﴾ [سورة آل عمران، الآية: ٧٠ ا]. قوله: (تنبيه على أنّ ما يجده الإنسان في الدنيا الخ) وجه التنبيه ظاهر لأنّ المس أوّل الوصول، والذوق ما يخبر به الطعوم فمحن الدنيا لسرعة تقضيها للمؤمن كلا شيء ولغيره أنموذج لما بعده، ولذا قد يقصد بذلك المبالغة لاشعاره بأنه مقدمة لغيره، والتنبيه الأوّل محصله الإشارة إلى أنها أنموذج ما بعدها، وقوله وأنه يقع معطوف على أنّ ما يجده، وهذا تنبيه على عدم صبر الإنسان، وأنه يتحوّل بأدنى شيء من الخير والشر وليس ابتناء الثاني على أن المراد أدنى ما يطلق عليه اسم الذوق، والمس والأوّل على خلافه، وأنه محمول على أصل وضعه كما توهم. قو! ": (كالأنموفي) قيل عليه أنه قال في القاموس: النموذج بفتح النون معرب، والأنموذج لحن قلت هذا لم تعرّبه العرب قديما، وما ذكره في القاموس تبع فيه الصاغاني، وليس كما قال ففي المصباح المنير الأنموذج بضم الهمزة، والنموذج بفتح النون معرب، وأنكر الصاغاني أنموذج لأنّ المعرّب لا يزاد فيه انتهى، وما ذكره الصاغاني ليس بصحيح ألا تراهم قالوا في تعريب هليله اهليلج كما أوضحناه في شفاء الغليل نعم هو أفصح كما في شعر البحتري:
أو أبلق يلقي العيون إذ أبدا من كل شيء معجب بنموذج
قوله: " يماناً بالله تعالى واستسلاماً لقضائه الما تضمن اليأص عدم الصبر، والكفران عدم الشكر كان المستثنى من ذلك ضدّه ممن اتصف بالصبر والشكر فلما قيل إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات كان بمنزلة إلا الذين صبروا وشكروا، وذلك من صفات المؤمن فكنى بهما
عته فلذا فسره في الكشاف بقوله إلا الذين آمنوا فإنّ عادتهم أن نالتهم رحمة أن يشكروا وان زالت عنهم نعمة أن يصبروا فلهذا حسنت الكناية به عن الإيمان وأمّا دلالة صبروا على أنّ العمل الصالح شكر لأنه ورد في الأثر الإيمان نصفان نصف صبر، ونصف شكر، ودلالة عملوا الخ على أنّ الصبر إيمان لأنهما أخوان في الاستعمال فغير مطابق لما نحن فيه إلا أن يراد وجه آخر كأنه قيل إلا المؤمن الصالح الصابر الشاكر، وهو وجه لكن القول ما قالت حذام لأنّ الكناية تفيد ذلك مع ما فيها من الحسن، والمبالغة كذا أفاد. المدقق في شرحه، وكلام المصنف رحمه الله تعالى لا يخالفه فما قيل إنّ المسلم يثق بالله أن يعيد نعمه إن زالت، ولا يغتر بالنعم بل يشكر لعلمه أنها من فضله بخلاف الكافر، وهذا باعتبار الأغلب، وأنه من شأنهم فلا يضر تخلفه في بعض الأفراد كما توهم، ثم قال إنّ قوله إيماناً، وشكراً إشارة إلى أن تعبير جار الله له بالإيمان ليس كما ينبغي غير مسلم، ووصفه الأجر بالكبير لأنه مخلد مع ما معه مما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولذا قال أقله الجنة ورضوان من الله كبر، واختاره على عظيم لرعاية الفاصلة. قوله: (والاستثناء من الإنسان الخ) إشارة إلى أنّ اللام للجنس، والاستغراق من شعبه فيحمل عله حيث لا عهد ومن حمله على الكافر جعله للعهد لسبق ذكره فيكون الاستثناء منقطعا. قوله: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك الما كان الترجي يقتضي التوقع، وتوقع ترك التبلغ لما أمر بتبليغه أو التواني للتقية، ونحوها مما لا يليق بمقام النبوّة قيل في الجواب عنه لا نسلم أن لعل هنا للترجي بل هي للتبعيد فإنها تستعمل لذلك كما تقول العرب لعلك تفعل كذا لمن لا يقدر عليه فالمعنى لا تترك، وقيل إنها للاستفهام


الصفحة التالية
Icon