لإيمانهم قوله فاعلموا إنما أنزل بعلم الله، وقوله، ولتنصيص الخ عليه متعلق بتنصيص، والمراد بهذا الكلام القرآن لا فوله لا إله إلا الله حتى يقال إعجاز بعض آية لم يقل به أحد، وهذا دليل آخر على الوحدانية مركب من السمعيّ، والعقلي لكنه قيل عليه لا يتوجه به تفريعه على عدم الاستجابة، وهو المقصود فتأمّل، والتهديد وما بعده مبنيّ على تفسيره بما مز. قوله:) ثابتون على الإسلام الخ) هذا بناء على أنّ الخطاب للمسلمين، وقوله مطلقا بالنسبة إليهم، والى من دعوهم لمعاونتهم، والى غيرهم من المسلمين لأنهم وإن لم يباشروا المعارضة علم من عجز من هو في مرتبتهم أو عرفوه بما فهموه من أمارات إعجازه. قوله: (ويجورّ أن يكون الكل خطاباً) أي في لكم للمشركين، والضمير الغائب في يستجيبوا لمن دعوهم فيعود على من في من استطعتم، ويكون ذلك من مقوله داخلا في حيز قل، وعلى الأوّل هو من قول الله للحكم يعجزهم كقوله: ﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ﴾ [سورة البقرة، الآية: ٢٤] وقوله، وقد عرفتم الخ جزم به، ولم يقل وعرفتم عطفا على لم يستجيبوا لدلالة استعانتهم المفروضة على ثبوت
عجزهم. قوله: (أنه نظم لا يعلمه إلا الله الخ) أي لا يحيط بما فيه من البطون والمزايا إلا هو، وما دعاهم إليه من التوحيد يعلم لثبوت نبوّته يك! يه! بالمعجزة، وقوله وفي مثل هذا الاستفهام أي إلاستفهام بهل فإنها لطلب التصديق، وترتبه بالفاء على ما قبله يقتضي وجوبه من غير مهلة بشهادة التعبير بمسلمون دون تسلمون، والتنبيه المذكور من الفاء في قوله فهل، وظاهر كلامه يثير إلى ترجيحه كما في الكشاف لأنّ الكلام بحسبه ملتثم موافق لما قبله لأن ضمير الجمع في الآية المتقدمة للكفار، والضمير في هذه الآية ضمير الجمع فليكن للكفار أيضاً ولأنّ الكفار أقرب المذكورين فرجوع الضمير إليهم أولى، ولأنّ الحمل على المؤمنين يحتاج إلى تأويل العلم، والإسلام بالدوام، والخلوص بخلافه على هذا، ويمكن جعله راجعاً إليهما بأن يكون المراد إبجاب الدوام، والخلوص، وزوال العذر عن تركه، وقوله بإحسانه الضمير راجع لمن أي من يريد بإحسانه الدنيا أو الرياء، ولم يخلصه لوجه الله، وإنما قدّر ذلك لاقتضاء السياق، ولأنه لو أريد ظاهره لم يكن بين الشرط، والجزاء ارتباط لأنه ليس كل من تلذذ بالدنيا كذلك. قوله: (نوصل إليهم جزاء أعمالهم) يعني أنّ في الكلام مضافا مقدّرا أو الأعمال عبارة عن الجزاء مجازا والأوّل أولى ووفى يتعدى بنفسه فتعديه بإلى إمّا لتضمنه معنى نوصل أو لكونه مجازاً عنه، والظاهر من كلامه الثاني لأنه لو أراد الأوّل قال نوصله إليهم، وافيا كما في الكشاف، وقوله من الصحة الخ إشارة إلى ما سيأتي من احتمال من للوجوه الآتية، وقوله والرياسة هو ناظر إلى كونه في المرائين كما فسره الزمخشريّ بقوله فعلت ليقال كذا وكذا، وقد قيل فليس مخالفاً له كما قيل، وقوله ونوفي بالتخفيف أي من باب الأفعال بإثبات الياء إتا على لغة من يجزم المنقوص بحذف الحركة المقدرة كما في قوله:
ألم يأتيك والأنباء تنمي
أو على ما سمع في كلام العرب إذا كان الشرط ماضيا من عدم جزم الجزاء إمّا لأنها لما
لم تعمل في الشرط القريب ضعفت عن العمل في الجزاء فتعمل في محله دون لفظه، ونقل عن عبد القاهر أنها لا تعمل فيه أصلاً لضعفها، والذي نقله المعرب أنّ للنحاة فيه مذهبين منهم من قال إنه في نية التقديم، ومنهم من قال إنه على تقدير الفاء، ويمكن أن يردّ ذلك إلى هذا، وليس مخصوصاً بما إذا كان الشرط كان على الصحيح وأمّا قراءة الجزم فظاهرة وما نقل عن الفرّاء من أنّ كان زائدة فيها كأنه أراد أنها غير لازمة في المعنى فقدر إقحامها ليكون الشرط
مضارعا في المعنى فيقتضي جواباً مجزوماً فلا يرد عليه أنه غير صحيح للزوم أن يقال يرد بالجزم وفي الأحكام أنّ هذه الآية تدلّ على أنّ ما سبيله أن لا يفعل الأعلى وجه القرية لا يجوز أخذ الأجرة عليه لأنّ الأجرة من حظوظ الدنيا فمتى أخذ عليه الأجرة خرج من أن يكون قربة بمقتضى الكتاب، والسنة. قوله: (كقوله:
وإن أتاه خليل يوم مسغبة يقول لاغائب مالي ولا حرم)
هذا البيت- من كقصيدة لزهير بن أبي سلمى في مدح ممدوحه هرم بن سنان، وهي من القصائد المشهورة فلذا لم أورد منها شيئا لشهرتها، والخليل هنا من الخلة، وهي الفقر أي فقير، والمسغبة المجاعة، والمراد زمان الشدّة


الصفحة التالية
Icon