وهي كما في قوله: وحديث ما على قصره ولامرماجدع قصيرأنفه
وقيل إنها زائدة للتوكيد وقد تقدم تفصيله في قوله تعالى: ﴿مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً﴾ [سورة
البقرة، الآية: ٢٦] والثالث أن يكون باطلا مصدراً بوزن فاعل كما في البيت المذكور، وهو منصوب بفعل مقدر، وما اسم موصول فاعله، واليه أشار بقوله أو في معنى المصدر الخ. قوله: (ولا خارجاً الخ) وهذا من شعر للفرزدق، وقد حلف أن لا يقول الشعر، ولا يذمّ أحداً وتزهد وأقبل على قراءة القرآن، وقال:
ألم ترني عاهدت ربي وأنني لبين رتاج قائما ومقام
على حلفة لا أشتم الدهرمسلما ولا خارجاً من فيّ زوركلام
أضمر الفعل كأنه قال، ولا يخرج خارجا، وجعل خارجاً موضع خروجاً، وعطف الفعل المضمر، وهو ولا يخرج على لا أشتم، ولا أشتم جواب للقسم أي حلفت بعهد الله لا أشتم الدهر مسلما، ولا يخرج من فيّ زور كلام خروجا، والرتاج باب الكعبة، وكان حلف عنده. قوله: (وبطل على الفعل (أي، وقرئ بطل على صيغة الفعل الماضي المعطوف على حبط، وهي من الشواذ. قوله تعالى: ( ﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ﴾ (فيه وجهان أحدهما أنه مبتدأ، والخبر محذوف تقديره أفمق كان على هذه الأشياء كغيره كذا قرّره أبو البقاء، وأحسن منه أفمن كان كذا كمن يريد الحياة الدنيا، وزينتها، وحذف معادل الهمزة، ومثله كثير والهمزة للتقرير، والثاني وهو الذي نحاه الزمخشري أنه معطوف على مقدّر تقديره أمن كان يريد الحياة الدنيا فمن كان على بينة سواء أو يعقبونهم في المنزلة، ويقاربونهم لما بينهما من التفاوت البعيد، وهو أحد المذهبين في مثله والاستفهام على هذا إنكاريّ، وهو الذي اختاره المصنف رحمه الله تعالى كما ستراه، وهو مبتدأ محذوف الخبر على كلا الوجهين، وليس خبراً عن مبتدأ محذوف كما توهم، وعلى ما في الكشاف قيل لا بد من تقدير فعل ليستقيم المعنى أي أتذكر أولئك فتذكر أو يقال فيقال، والهمزة لإنكار هذا التعقيب، واليه أشار بقوله أن يعقب ويقارب، وليس بشيء، والتحقيق قول الشارح المدقق إن التقدير أمن كان يريد الحياة الدنيا على أنها موصولة فمن كان على بينة من ربه، والخبر محذوف لدلالة الفاء أي يعقبونهم أو يقربونهم، والاستفهام للإنكار فيفيد أنه لا تقارب بينهم فضلا عن التماثل فلذلك صار أبلغ من نحو قوله: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ﴾ [سورة السجدة، الآية: ٨ ا] وأمّا كونها عطفاً على قوله من كان يريد الحياة الدنيا فلا وجه له لأنه يصير من عطف الجملة، ولا يدل على إنكار التماثل، ولا معنى لتقدير الاستفهام في الأوّل فإن الشرط، والجزاء لا إنكار عليه، ومن لم يقف على ما أرادوه قال على قول المصنف رحمه الله تعالى، والهمزة لإنكار أن يعقب الخ اعتبار كونهم عقيب المذكورين سابقا حتى يتوجه الإنكار إليه ليس له كبير حسن عند من له ذوق صحيح فتدبر. قوله:) برهان من الله يدله على الحق والصواب) يعني المراد بالبينة الدليل الشامل للعقليّ، والنقليّ، والهاء للمبالغة أو النقل، وهي، وإن قيل إنها من بان بمعنى تبين، واتضح
لكنه اعتبر فيها دلالة الغير، والبيان له، وأخذه بغضهم من صيغة المبالغة كما قيل في ظهرانة بمعنى المظهر، وقوله فيما يأتيه، ويذره هذا أحسن من تخصيصه بالإسلام كما في الكشاف لكنه هو المناسب لما بعده. قوله: (والهمزة لإنكار أن يعقب من هذا شأنه الخ) يعني أن يكون هؤلاء في مرتبة بعد مرتبتهم فكيف يماثلونهم كما عرفت، ومن فاعل يعقب وهؤلاء مفعوله، وقوله المقصرين هممهم، وأفكارهم على الدنيا قيل في هذه العبارة تقصير لأنّ قصر لا يتعدى بعلى، واعتذر بأنه ضمن معنى القاصرين أو برفع هممهم على الابتداء وجعل على الدنيا خبره أي قاصرة عليها، وأن يقارب معطوف على أن يعقب، وهو مبنيّ للمجهول، وبينهم قائم مقام فاعله يشير إلى تفسير المنكر بالمقاربة لتقاربهما. قوله: (وهو الذي أغنى عن ذكر الخبر) الضمير لإنكار التعقيب، والمقاربة لأنه بمعنى المداناة في المماثلة فيدل على الخبر المحذوف، وقوله وتقديره بالرفع على الابتداء، وخبره أفمن الخ، وهذا التقدير لازم لأنّ المبتدأ لا بد له من الخبر إلا في مواضع ذكرها النحاة


الصفحة التالية
Icon