مضاف أي من آلهية الآلهة كما قيل، وأورد عليه أنه يقتضي أنّ الغائب عنهم آلهية الآلهة لا نفسها وليس بمقصود كما مرّ في سورة الأنعام نظيره فتأمّل. قوله:) أو خسروا بما بدّلوا وضاع عنهم ما حصلوا فلم يبق معهم سوى الحسرة والندامة (لفظ بدلوا بالدال المهملة من التبديل أو بالذال المعجمة من البذل، وهو العطاء، والثانية قيل إنها الصحيحة رواية، ودراية، والباء عليها بمعنى في أي خسروا فيما بذلوا، وهو عبادة الله، وما حصلوا، وهو عبادة الآلهة، وافتراؤهم قولهم أنها حق، ولا وجه للقول بأنّ ما حصلوا هو آلهتهم كذا قيل، ولا محصل له، والظاهر أنّ تفسيره هذا على وجه يغاير ما قبله، وعلى ما ذكره ليس بينهما كبير فرق فالصواب أن يقال إنه بالدال المهملة، وا! الباء سببية يعني أنهم خسروا بسبب تبديلهم الهداية بالضلالة، والآخرة بالدنيا، وضاع عنهم ما حصلوه بذلك التبديل من متاع الحياة الدنيا والرياسة فيكون هذا الوجه أعمّ من الأوّل، وفي النظم دلالة عليه إذ أضاف الخسران إلى أنفسهم دون تعيين لما خسروه لكن الافتراء بظاهره مناسب لتفسيره الأوّل فتأمّل. قوله تعالى: ( ﴿لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ﴾ الخ الم يفسره المصنف رحمه الله تعالى تبعا للزمخشريّ، وسيأتي تفسيره في الحواميم، وقوله لا أحد أبين، وأكثر خسرانا منهم وضع أفعل التفضيل للزيادة على المفضل في الكمّ، والكيفية، والظاهر أنه لا يمتنع الجمع بينهما فإن أراد بقوله أبين أعظم لأنّ الظهور لازم للكبير، والعظيم فهو تفسير له بلازم معناه يكون معنى حقيقيا له، وان أراد به ظاهره يكون معنى مجازيا فتفسير المصنف رحمه الله تعالى له بهما إمّا بناء على مذهبه من جواز الجمع بين الحفيقة، والمجاز تتميما للفائدة السابقة، وقيل إنّ الواو بمعنى أو أو هو من عموم المجاز ولم يبق معنى يشملهما على القاعدة فيه، والزمخشري اقتصر على الأوّل، وترك لثاني
فقيل لثلا يكون تكراراً مع فوله خسروا أنفسهم بناء على تفسيره المتقدم قيل، والمصنف رحمه الله تعالى ردّد التفسير بينهما لأنه لم يفسره بما فسره به جار الله فيحتمل أن يكون معنى خسران أنفسهم أنّ ضرره عائد إليهم لا إلى الله ولا إلى غيره ثم إنّ الحصر مستفاد من تعريف المسند بلام الجنس سواء جعل هم ضمير فصل فيفيد تأكيد الاختصاص أو مبتدأ ما بعده خبره، والجملة خبران فيفيد تأكيد الحكم (قلت) وهنا وجه آخر، وهو أن حذف المفضل يفيد العموم فيكون المعنى أنهم أخسر من كل أحد، وهو بمنطوقه يفيد الأخسرية فيهم، وهذا أنسب بظاهر عبارة المصنف رحمه الله تعالى، وقوله اطمأنوا إليه، وخشعوا له الخ يعني أن الإخبات أصله نيزول الخبت، وهو المنخفض من الأرض فأطلق على الخشوع، واطمئنان النفس تشبيهاً للمعقول بالمحسوس، ثم صار حقيقة فيه، ومنه الخبيت بالتاء المثناة للدنيء، وقيل إنّ التاء يدل من الثاء المثلثة، وقوله في أصحاب الجنة هم فيها خالدون ليس لحصر الخلود في هؤلاء فإنّ العصاة يخلدون فيها إلا أن يراد بنفي الخلود عنهم نقصه من أوّله كما سيأتي نظيره. قوله ئعالى: ( ﴿مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى﴾ الخ) ذكر في هذا التشبيه احتمالين تبعا للكشاف لكن بينهما مخالفة ستراها مع ما فيها فقوله يجوز أن يراد تشبيه الكافر الخ. فيه تسامح لأنّ المشبه حال الكافر، وحال المؤمن لا الكافر، والمؤمن لكن لما وجد أحدهما مستلزما للآخر عبر به عنه، وقيل يحتمل أنه حمله على تشبيه الذوات، واقحام لفظ المثل تنبيها على ما فيه دليل تركه من المشبه به في النظم، وحاصل هذا الوجه أنه شبه كل من الفريقين باثنين باعتبار وصفين ففيه أربع تشبيهات، ولذلك قيل إنه نظير قول امرئ القيس:
كاًنّ قلوب الطير رطبا ويابساً لدي وكرها العناب والحشف البالي
كما في الكشاف لأن حاصله تاً ويل الفريقين بفريق من الناس كافر، وفريق مؤمن فمثل الفريقين بمنزلة قلوب الطير رطبها، ويابسها كالأعمى، والبصير بمنزلة العناب، والحشف، وكذا الأصمّ، والبصير، ولا يخفى ما فيه من التكلف مع أنّ في البيت تشبيه كل من الرطب، واليابس بشيء واحد، وفي الآية كل من الكافر والمؤمن باثنين، ولذا قيل البيت أشبه بالوجه الثاني من هذا، وليس هذا بوارد لأنّ مراد العلامة أنه تشبيه متعدد بمتعدّد مع قطع النظر عن التضام، والعدة فلا فرق بين البيت، والآية إلا من جهة أن في


الصفحة التالية
Icon