وقال أبو حيان: يمكن أن يكون مما حذف منه المفعولان اختصاراً أو التقدير أرأيت أمرنا إذ أوينا ما عاقبته وما ذكره المصنف تبعاً للزمخشري حسن غير أنه لم يتعرّض! لذكر المفعول الأوّل، وإنما ذكر الجملة الاستفهامية التي هي موضع المفعول الثاني بناء على أن ما استفهامية فيه، ويجوز أن تكون موصولة أيضا، أو يكون جعل رأي فيه بصرية دخلت عليها همزة الاستفهام والمعنى ١١ بصرت حالنا إذ أوينا الخ، فحذف لدلالة الكلام عليه وأرأيت بمعنى أخبرني وقد مر تحقيقه، ونهر الزيت اسم نهر معين سمي به لكثرة ما حوله من شجر الزيتون كما في شرح الكشاف وكون الصخرة دونه بمعنى عنده قريبة منه ومدانية له.
قوله: (فقدته أو نسيت ذكره) يعني أنّ النسيان إمّا مجاز عن الفقد بعلاقة السببية أو على حقيقته بتقدير مضاف فيه، وقوله: بما رأيت منه الباء للملابسة وهو حال من الضمير المضاف إليه. قوله: (لأن أن أذكره) وفي نسخة فإنّ وهما بمعنى وهو تعليل لأنه المراد إذ البدل هو المقصود بالنسبة وهو بدل اشتمال وأن أذكر له من التذكير وهو بدل أيضاً وقوله: وهو اعتذار رأي على القراءتين وقوله: لما ضرى بالضد المعجمة والراء المهملة معتل الآخر معناه هنا اعتاد وهذا بيان لأنّ مثله من الأمور الخارقة إذا شوهدت لا تذهب عن الخاطر. قوله: (ولعله ئسي ذلك لاستغراقه في الاستبصار الخ) أي أنّ شدة توجهه إلى الله أذهلته عما ذكر وان كان مثله لا ينسى وشراشره بمعنى نفسه أو جملته فإنه من جملة معانيه، وعراه بمعنى غشيه وعرض له. قوله: (وإنما نسبه إلى الشيطان الخ (قيل عليه أنه يلزمه على كلا الوجهين الكذب وهو لا يناسب يوشع ولا ضرورة إلى التكلف بإثبات التجوز ولو كان كما ذكره المصنف كان المناسب أن يقال: بدله لم أستطع تذكره فإن فيه هضم نفسه مع الاختصار ولا يخفى أنّ ما ذكره توجيه له على ما اختاره بقوله: ولعله فإنه إذا كان ذهوله لانجذابه لحضرة القدس كان أمره فيه رحمانيا لا شيطانياً فإسناد إلا نساء إليه وفاعله الحقيقي هو الله والمجازي هو الجذبات المذكورة هضما لنفسه بجعل تلك الجذبات لشغلها عن التيقظ للموعد الذي ضربه الله بمنزلة الوساوس، ففيه تجوّز باستعارة الشيطان لمطلق الشاغل، وهذا كحديث أنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرّة أو هو مجاز عن النقصان لكونه سببه ونقصانه بترك المجاهدات والتصفية حتى لا تشغله تلك الجذبات عن الأمور الخارجية فأفي كذب في هذا يتطرّق إليه القيل والقال وهذا مما بنبهك على حسن سلوك المصنف: ومن الناس من لم يقف على مراده فأورد ما ذكر من عنده وقال: إنه كذب إلا أن يكون مجازاً عن إني مقصر في أموري أو كأنني إنساني الشيطان لعدم كمالي وكذا ما قيل في دفعه أنه كناية أو مجاز عن عدم الاغترار، والافتحار. قوله: (سبيلاَ عجباً) قيل إنه يتعين التقدير الآخر وأمّا هذا ففيه أنّ أكثر العجب ليس بحال السبيل وأيضاً لو كان المعنى هذا القيل واتخذ في البحر سبيلاً عجباً، ورد بأنه لم يذع ما ذكر أحد وأنّ كون حال السبيل عجبا يكفي لصحته وانّ أداء المعنى باللفظ المذكور في النظم أو في لحق البلاغة لأن في ذكر السبيل ثم إضافته إلى ضمير الحوت ثم جعل في البحر حالاً من المضاف
تنبيها إجمالياً على أنّ المفعول الثاني من جنس الأمور الغريبة، وفيه تشويق للمفعول الثاني وتكرير للتأكيد المناسب للمقام، وقيل: عليه أن مراد المعترض أنه يلزم حينئذ أن لا يتعرض كثرها لا عدم صحة الكلام، وقوله: وهو أي العجب، وقوله: كالسرب إشارة إلى أنّ جعله سرباً على التشبيه، وهذا من العجب فإنّ ما ذكره وارد على الثاني أيضا فإنّ أعظم العجب في الحوت لا في الاتخاذ. قوله: (أو اتخاذا عجباً (فهو صفة مصدر محذوف وكان على الوجه الآخر مفعولاً ثانيا والأوّل سبيله وعلى هذا التقدير قيل إنما كان عجبا لخروجه من المكتل وحياته بعد الشيّ وأكل بعضه وامساك الجرية عليه، وقيل عليه أنّ ما سوى الأخير ليس من حال اتخاذ السبيل لكونه قبله، وكونه من لوازمه وان سبقه ليس في الكلام ما يدل عليه، وقوله: والمفعول الثاني هو الظرف أي على هذا الوجه، وقوله: مصدر فعله أي فعل التعجب المضمر فيكون مفعولاً مطلقا له والمفعول الثاني لاتخذ عليه أيضاً قوله: في البحر أي عجبت عجبا


الصفحة التالية
Icon