وهو تفسير للإرهاق، وقوله: بعدما خرجا بيان للمعنى المراد أو إشارة إلى أن الفاء فيه فصيحة. قوله: (فتل عنقه) من القتل بالفاء والتاء الفوقية وهو الليّ والإدارة ورد ذلك كله في الآثار وقد جمع بينها بأنه ضرب رأسه بالحائط، ثم أضجعه وذبحه ثم فتل عنقه وقلعه، وقوله: ضرب برأسه الحائط إفا من القلب أو تجوز أي رمى برأسه إلى جانب الحائط. قوله: (والفاء للدلالة على أنه كما لقيه تتله (الكاف كاف القران وتسمى كاف المفاجأة أيضا وقد مرّ تحقيقها يعني أن قتله وقع عقب لقائه فلذا قرن بالفاء التعقيبية بخلاف خرق السفينة فإنه لم يتعقب الركوب كما في الكشاف، وهذه نكتة لتغيير اننظم أيضا كما سيأتي لكنه أورد عليه أنّ الجزاء يتعقب الشرط أيضا كما يتعقب ما بعد الفاء فكيف يصح وقوع خرقها جزاء حينئذ، وليس هذا بوارد وان ظن بعضهم أنه وارد غير مندفع لأنّ دلالة الفاء على صريح التعقيب وضعا مما لا شبهة فيه ووقوعه عقب الملاقاة كما يدل عليه النظم وبينه
المصنف كذلك، وأمّا جزاء الشرط فاللازم فيه تسببه عن مضمون الجملة، ووقوعه بعده لا تعقيبه به وان صح ألا تراك تقول إذا خرج زيد على السلطان قتله، وإذا أعطيت السلطان قصيدة أعطاك جائزة ولا يلزم قتله عقب خروجه ولا تعقب إلا عطاء الثاني للأوّل، ولا حاجة إلى ما قيل: إن للركوب وقت حدوث ووقت بقاء وثبات والخرق متعقب لحدوثه ومتحقق وقت بقائه وذلك كاف في اعتقاد الشرطية، فإن قلت إذا ظرفية دالة على وقوع الشرط والجزاء في زمان واحد مستقبل فإن لم يتحد ألزم تعقب أحدهما للآخر، قلت: هذا غير مسلم عند أهل العربية فإنه يصح إذا جئتني اليوم أكرمك غداً لأنها لما صا إت شرطية صارت دالة على مجرّد السببية، وقد صرّج به ابن الحاجب في قوله: أئذا ما مت لسوف أخرج حياً ومن التزمه كالرضى جعل الزمان المدلول عليه بإذا ممتدا وقدر في مثل الآية إذا مت وصرت رميما وعليه أيضاً لا يلزم تعقيب الجزاء على ما وقع شرطا صحيحا بل تسببه عنه ولزومه له، وعلى هذا انبنى الخلاف في عامل إذا الشرطية هل هو الشرط أو الجزاء وستسمع قريبا تتمة لهذا فتدبر، وما قيل: من أنه لو قيل حتى إذا ركبا في السفينة ثم خرقها قال الخ، ولقيا غلاما فقتله حصل المقصود ليس بشيء لأنه لا يتغير الطريق وهذه نكتة بعد الوقوع، والتروّي التأني والتمهل. قوله: (ولذلك الخ (أي لكون القتل بلا مهلة ونظر في حالة قال: الخ إذ لو مضى زمان بين الملاقاة والقتل أمكن اطلاع الخضر فيه من حاله على ما لم يطلع عليه موسى عليه الصلاة والسلام، فلا يعترض! عليه فاندفع ما قيل إن مبني اعتراضه على عدم ظهور سبب القتل سواء تأخر عن اللقاء أم لا لأن موسى عليه الصلاة والسلام جازم بعدم استحقاقه للقتل لوصفه النفس بأنها زكية مقتولة من غير سبب فلو تأخر القتل أمكن ظهور سبب للخضر دونه كما قيل وجزمه بعدم الاستحقاق بحسب الظاهر فلا ينافي أنه يعلم أن الخضر لا يصدر عنه مثله ولو لم يرده تناقض كلامه، وتعليق اطلاع الخضرعلى مضيّ الزمان بناء على المعتاد فلا يتوهم أنّ اطلاعه بالغيب وهو لا يتوقف على ذلك فإنه من ضيق العطن، أو قلة الفطن. قوله: (والأوّل أبلغ (لأنه صف مشبهة دالة على الثبوت وفعيل من صيغ المبالغة أيضا، وفرق أبي عمرو بين زاكية وزكية غير ظاهر لأنّ أصل معنى الزكاة النموّ والزيادة فلذا وردت للزيادة المعنوية وأطلقت على الطهارة من الآثام ولو بحسب الخلقة والابتداء كما في قوله: لأهب لك غلاماً زكيا فمن أين جاءت هذه الدلالة فكأنها لكون زاكية من زكي اللازم وهو يقتضي أنه ليس بفعل آخر وأنه ثابت له في نفسه وزكية بمعنى مزكاة، فإن فعيلا قد يكون من غير الثلاثي كرضيع بمعنى مرضمع وتطهير غيره له من ذنوبه إنما يكون بالمغفرة وقد فهمه من كلام العرب فإنه إمام العربي واللغة فتكون بهذا الاعتبار زاكية أبلغ وأنسب بالمقام لأنه صغير لم يبلغ عنده ولذا اختار القراءة به وان كان كل منهما متواتراً منقولاً عنه ﷺ وهذا لا ينافي كون زكية أبلغ لأنها تدل على الرفع وهو أقوى من الدفع ومن لم يدر هذا قال: كان يجب على أبي عمرو القراءة بالزكية على مقتضى فرقه المذكور بينها وبين زاكية
بالألف فيكون المعنى أنه اختار الأوّل


الصفحة التالية
Icon