وأرمينية بلاد أرمن، وياؤها مخففة أيضا، وبأجر وان بباء موحدة مفتوحة وألف وجيم مفتوحة وراء مهملة ساكنة، وواو وألف ونون من أعمال أرمينية ذكرها في معجم البلدان، وكذا ضبطها ابن خلكان، وقال: هي بلدة من أعمال الرقة واسم مدينة بنواحي أرمينية من أعمال شروان، قيل بها: عين الحياة التي وجدها الخضر وأبو عبيدة منها، وقيل: هي القرية التي استطعم موسى عليه الصلاة والسلام أهلها اهـ، والمصنف أضافها لأرمينية لتعددها، كما عرفته فهو كقوله:
على زيدنا يوم النقا رأس زيدكم وجروان بدون با بلدة بمصر معروفة
قوله: (وقرىء يضيفوهما (أي بضم الياء والتخفيف من الإضافة وهي أخص! من الإطعام
لأنها إطعام في المنزل على وجه الإكرام، وقوله: من إضافة يقال: ضافه إذا نزل به فالضيافة من الضيف لا بمعنى الإضافة كما يستعمله الناس لكنها وردت بمعناه أيضا إفا حقيقة أو مجازاً فلا خطأ فيه كما يتوهم، وأنزله تفسير لضيفه وأصل معناه الميل لميل الضيف نحو جانب المضيف. قوله تعالى: ﴿اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا﴾ في إعادة لفظ الأهل هنا سؤال مشهور وقد نظمه بعض الأدباء سائلاً عنه الإمام السبكي رحمه الله تعالى في قصيدة منها:
رأيت كتاب الله أعظم معجز لا فضل من يهدي به الثقلان...
ومن جملة الإعجاز كون اختصاره بإيجاز ألفاظ وبسط معان...
ولكنني في الكهف أبصرت آية بها الفكر في طول الزمان عثاني...
وما هي إلا استطعما أهلهافقد نرى استطعماهم مثله ببيان...
يعني أنه عدل عن الظاهر بإعادة لفظ أهل ولم يقل استطعماها لأنه صف القرية، أو استطعماهم لأنه صف أهل فلا بد له من وجه، وقد أجابوا عنه بأجوبة مطؤلة نظما ونثراً،
والذي تحرّر فيه أنه ذكر الأهل أوّلاً ولم يحذف إيجازا سواء قدر أو تجوّز في القرية، كقوله: واسأل القرية لأنّ الإتيان ينسب للمكان نحو أتيت عرفات، ولمن فيه نحو أتيت أهل بغداد فلو لم يذكر كان فيه التباس مخل فليس ما هنا نظير تلك الآية لامتناع سؤال نفس القرية فلا يستعمل استعمالها، وأمّا الأهل الثاني فأعيد لأنه غير الأوّل وليست كل معرفة أعيدت عيناً كما بينوه لأن المراد به بعضهم إذ سؤالهم فرداً فرداً مستبعد فلو لم يذكر فهم غير المراد، أمّا لو قيل استطعماهم فظاهر وأما لو قيل: استطعماها فلأنّ النسبة إلى المحل تفيد الاستيعاب كما أثبتوه في محله، وأمّا إتيان جميع القرية فهو حقيقة في الوصول إلى بعض منها كما يقال: زيد في البلد أو في الدار، وقيل إنّ الأهل أعيد للتأكيد كقوله:
ليت الغراب غداة ينعب بيننا كان الغراب مقطع الأوداج
أو لكراهة اجتماع ضميرين متصلين لبشاعته واستطالته كذا قال النيسابوري: ثم نقل عن
أبي حيان نحوا مما ذكرناه وذكر أنه مروي عن الشافعيّ رحمه الله، لكنه مخالف لما في الأصولي من أنه إذا أعيد المذكور أوّلاً معرفة كان الثاني عين الأوّل وليس بشيء لما مر، وقد قيل إن المراد توصيف القرية بالجملة، وهو يقتضي كون التركيب هكذا والا خلت الصفة عن ضمير الموصوف وفيه أنه لو ترك ذكر الأهل حصل المقصود فما الداعي لذكره هناك وقد ذكرنا فيما مر ما يعلم منه وجهه بقي هنا كلام طويل من غيرطائل في كون الجملة صفة أو جوابا تركناه لقلة جدواه. قوله: (تدانى أن يسقط (أي قرب من السقوط وهو بيان لحاصل معناه، وقوله: فاستعيرت الإرادة للمشارفة أي قربه من الوقوع، والاستعارة إما لغوية فهو مجاز مرسل بعلاقة تسبب الإرادة لقرب الوقوع أو اصطلاحية بأن يشبه قرب السقوط بالإرادة لما فيهما من الميل أو مكنية وتخييلية وهكذا استعارة الهمّ بمعنى القصد والعزم، وهذا ردّ على من أنكر المجاز في القرآن وقال: إن الضمير للخضر عليه الصلاة والسلام أو الله تعالى خلق في الجدار حياة هارادة فإنه تكلف وتعسف تفسد به بلاغة الكلام. قوله: (يريد الرمح (أي يقرب من طعن صدره، وأبى براء بفتح الباء اسم رجل، ويعدل بمعنى يصد وينثني


الصفحة التالية
Icon