أن في قوله: وهن العظم مني كناية عن وهن الجسد كله وهي مبنية على تشبيه مضفر وهو تشبيه العظم بعمود وأساس ففيه تخييل كما ذكره شراح الاكشاف ومنه تعلم الفرق بين التشبيه المكنى والاستعارة المكنية فإنّ الثانية لا تحسن بدون تخييلية بخلاف الأولى فاحفظه وتدبر في الفرق بينهما فإنه من دقائق هذا الكتاب، وقوله: ودرئ الخ يعني عين فعله مثلثة مثل كمل والفتح للسبعة وغيره شاذ، وقال: العظم، مني ولم يقل عظمي مع أنه أخصر لما فيه من التفصيل بعد الإجمال ولأنه أصرج في الدلالة على الجنسية لمقصودة هنا. قوله: (شبه الشيب في بياضه الخ) الظاهر أنّ شبه وأخرج مجهول ويجوز خلافه والشواظ اللهب الذي لا دخان فيه والفشوّ بضم الفاء والشين المعجمة وتشديد الواو الانتشار أيضا وانتشاره معطوف على الشيب وظاهر كلام الشيخين أن فيه استعارتين مبنيتين ىلى تشبيهين أولاهما تصريحية تبعية في اشتعل بتشبيه انتشار المبيض في غيره باشتعال النار كلوله:
واشتعل المبيض في مسوذه مثل اشتعال النارفي جزل الغضى...
والثانية مكنية بتشبيه الشيب في بياضه وإنارته باللهب، وهذا بناء على أن المكنية تنفك
عن التخييلية كما مرّ، وعليه المحققون من أهل المعاني، وقيل: إنّ الاستعارة هنا تمثيلية فشبه حال الشيب بحال النار في بياضه وانتثاره، وتوحيده ضمير أخرج يؤيده وليس بشيء والداعي إلى هذا التكلف ما لزمه من انفكاك المكنية عن التخييلية ولا محذور فيه مع أنه قيل إن من فسر ااخييلية بإثبات شيء لشيء يجوز له أن يقول: إنها موجودة هنا وإن كان الاشتعال استعارة لأن إثباته للرأس أو الشيب وإن كان مجازاً فيه تخييل أيضا وهو بعيد. قوله: (وأسند الاشتعال إلى الرأس الخ (إشارة إلى أن شيبا تمييز للنسبة محوّل عن الفاعل وأصله اشتعل شيب الرأس وأنّ داندة التحويل المبالغة وافادة الشمول لجميع ما فيها، إذ جعل الرأس نفسها شابت والشائب إنما هر ما فيها من الشعر فإنّ إسناد معنى إلى ظرف ما اتصف به زمانيا أو مكانيا يفيد عموم معناه لثل ما فيه في عرف التخاطب فقولك: اشتعل بيتي ناراً يفيد احترق لجميع ما فيه دون اشتعل ناد بيتي ومنه تعلم أن شربت الكأس على الإسناد المجازي أبلغ منه على التجوّز في الطرف وأنّ ذكر الطرفين في المجاز العقلي ليس بمحذور كما في الاستعارة. قوله: (واكتفى باللام عن الإضافة (أي لم يقل رأسي لأن تعريف العهد المقصود. هنا يفيد ما تفيده كما إذا قلت لمن في الدار أغلق الباب إذا لم يكن فيها غير باب واحد ولما كان تعريف العظم السابق للجنس، كما مر لم يكتف به وزاد قوله مني. قوله: (كلما دعوتك استجبت لي (إشارة إلى أنّ المراد بالشقاء
هنا الخيبة وأن قوله: لم أكن تفيد العموم فيما مضى، والمدعو له أي لأجله طلب الولد في الكبر فنبه من يسمعه على سبب طلب غير المعتاد لئلا يلومه فيه، والتوسل بما سلف من عادته يتضمن مبالغة في كرمه كما روي عن معن بن زائدة والكريم أدرى بطرق الكرم أنّ محتاجاً سأله وقال: أنا الذي أحسنت إليّ في وقت كذا فقال: مرحبا بمن توسل بنا إلينا وقضى حاجته. قوله: (بني عمه الأنه أحد معانيه، وكونهم أشراراً المراد به الشر الديني كما أشار إليه لا لؤم النسب فإنّ كل نبيّ يبعث من خير قومه حسبا كما في صحيح البخاري من حديث هرقل وهو بيان لأنّ طلبه عقبا وولدا ليس لأمر دنيوي، وقوله: بعد موتي إشارة إلى أن وراء بمعنى بعد مجازا، والمراد بعد موته كما في حديث أنهم غيروا بعدك، وأصل معناها خلف أو قدام كما مز. قوله: (وعن ابن كثير بالمذّ والقصر) يعني أنه عنه روايتان المد على الأصل وموافقة الجمهور والقصر للتخفيف، ولا عبرة بقول البصريين إنّ قصر الممدود لا يجوز في السبعة، وقد مرّ فيه كلام وقوله: بفتح الياء أي في قراءته فإنه لولاه اجتمع ساكنان. قوله: (أي خفت فعل الموالي الخ الف ونشر فالمقدر الذي تعلق به المضاف المقدر، وهو لفظ فعل أو هو متعلق بالموالي لكونه بمعنى الذين يلون ومن ولي أي بمعناه السابق وحينئذ لا يصح تعلقه بخفت لأنّ الخوف ثابت له الآن لا بعد موته، ولذا قال: في الكشاف لا يتعلق بخفت- لفساد المعنى، وأمّا كونه يكفي لصحة الظرفية كون المفعول فيه لا يشترط


الصفحة التالية
Icon