يناسب التجذد والحدوث فروعيت المناسبة في الجانبين، وقد أوضحه بعض أهل العصر فقال: كما وعدت على بناء المجهول مسند إلى ضمير الخطاب فحيث كان النظر إلى جانب زكريا عليه الصلاة والسلام قال وهو على ذلك يهون عليّ كأنه قيل الأمر كما وعدت وقد بلغت من الكبر عتياً وكانت امرأتك عاقراً ومع ذلك هو يهون عليّ وان صعب في نظرك، وقوله: أو كما وعدت على صيغة المتكلم المعلوم ولما كان النظر حينئذ إلى جانبه عز وجل قال: وهو عليّ هين أي لا صعوبة فيه بالنسبة إلى قدرتي فإني لا أحتاج فيما أريد أن أفعل أي أمر كان إلى جنس الأسباب بل إنما أمري إذا أردت شيئا أن أقول له: كن فيكون وهذا من جملة ما أريد أن أفعله فلا احتياج لي فيه إلى شيء من الأشياء حتى يتوهم كون العقر والكبر قادحاً فيه هكذا ينبغي أن يلاحظ هذا الكلام، وفي كلام الفاضل المحشي هنا نوع خلل وقصور يعرف بأدنى التفات فإن شئت فراجعه) قلت (قد راجعناه فقل: هذه بضاعتنا ردّت إلينا إذ لا فرق بينه وبين ما ذكر إلا بالأطناب وقيل إن قوله على ذلك معناه أن حصول الولد مع ما ذكر من الكبر والعقر يهون عليّ لكنه يرد عليه أنّ ما ذكر بعده لا يخلو من التكرار، ولذا لم يذكره في الكشاف ودفعه بأن المراد أنه على تقدير أن يكون المعنى إن كان الأمر كما وعدت يمكن أن يفسر قوله: وهو عليئ هين بالتفسير الأول وبالتفسير الثاني أيضا، وأمّا إذا كان المعنى كما قلت يكون معنى قوله تعالى: ﴿هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ﴾ [سورة مريم، الآية: ٩] بالمعنى الأوّل ولا محصل له والأوّل أظهر مع أنه لا يخلو من شائبة كدر، فتأمل. قوله: (ومفعول قال الثاني محذوف) أي على قراءة الواو وتقديره قال ربك هو كذلك لا هو عليّ هين وما بعده
يفسره وقوله: وهو عليّ هين معطوف على مقول القول المقدّر، والزمخشريّ جعل القول نفسه محذوفا على وجه النصب، وقوله: وفيه دليل الخ، هو مذهب أهل السنة والكلام عليه مفصل في الكلام، والزمخشريّ أشار إلى الجواب بأن المنفيّ شيء خاص وهو العندية كما في قوله: إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
وتوله: سوفي الخلق أي تام الخلقة وهو حال من فاعل تكلم. قوله: (ما بك من خرس
ولا بكم) قالوا: إنّ الآية هي تعذر الكلام عليه لأن مجرّد السكوت مع القدرة على الكلام لا يكون معجزة، ثم اختلفوا في أنه أعتقل لسانه أو امتنع عليه الكلام مع القدرة على ذكر الله وهذا هو المختار لأنّ اعتقال اللسان قد يكون لمرض فلا يكون آية أمّا إذا امتنع عليه كلام الناس مع القدرة على ذكر الله تحققت الآية وهو الظاهر من قوله: ألا تكلم الناس واليه أشار المصنف وحمه الله بقوله: استمرّ الخ فتأمل. قوله: (وإنما ذكر الليالي هنا الخ (يعني أنّ القصة واحدة وقد ذكر فيها مرّة الليالي ومرّة الأيام، فدل ذلك على أنّ المراد الأيام بلياليها لأن العرب تتجوّز أو تكتفي بأحدهما عن الآخر كما ذكره السيرافي والنكتة في الاكتفاء بالليالي هنا وبالأيام ثمة أن هذه السورة مكية سابقة النزول وتلك مدنية والليالي عندهم سابقة على الأيام لأن شهورهم وسنيهم قمرية إنما تعرف بالأهلة ولذلك اعتبروها في التاريخ كما ذكره النحاة فأعطى السى٧ بهق للسابق، والمصلى محل الصلاة، والغرفة المحل المرتفع والمحراب يطلق على كل منهما لغة، وأمّا المحراب المعروف الآن فهو محدث كما ذكره السيوطي، وقوله: فأومأ أي أشار وهو مهموز من الإيماء لكنه ورد في كلامهم منقوصا أيضاً وعليه استعمال المصنف رحمه الله كقوله:
أومي إلى الكوفة هذا طارق
وقوله لقوله الأرمز فإنّ القصر الإضافي فيه بالنسبة إلى التكلم لا إلى الكتابة فينافية دونها
ولأنّ قوله: ألا تكلم الناس يقتضي تعيين تفسيره بما ذكر، والكتابة على الأرض بالخط في التراب وهي تسمى وحيا كما في قوله:
لفيه وحيّ في بطون الصحائف
قوله: (صلوا) لأنّ ألتسبيح يطلق على الصلاة مجازا لاشتمالها عليه وهذا قول الجمهور
ولذا قدمه. قوله: (ولعله كان مأمورا الخ) إنما ذكره لما يرد عليه بحسب الظاهر من أنه منع من كلام الناس أو اعتقل لسانه عن غير الشكر والذكر وتخصيص البكرة والعشيّ فهمه من الإشارة بعيد فإما أن يقال لا بعد فيه أو يقال كان مأموراً بهذا والمنع إنما هو من الكلام العادي الذي لم يؤمر به قيل: والأمر بالتسبيح لأنه يكون للتعجب، وما ذكر من الولد ونحوه