قوله: (لإضرابهم عن كونه أباطيل) جمع باطل على خلاف القياس أو أبطولة أو إبطالة بكسر الهمزة كما قاله أبو حاتم وهذا معنى أضغاث أحلام، وقد مرّ تفصيله في سورة يوسف وتحقيق استعارته لهذا المعنى وقوله: (خيلت إليه) أي وقعت في خياله في المنام فظنها وحيا واختلقها بالقاف بمعنى اخترعها من عنده وقوله: ثم إلى أنه كلام شعري الخ فالمراد بكونه شاعراً أنّ ما أتى به شعر أي أمر متخيل لا حقيقة له فإن قلت هذا معنى الشعر عند أهل المعقول والميزان لا معنى هـ لغة وعرفا فلذا أنكر بعضهم التفسير به كما سيأتي في سورة يس. قلت ليس الأمر كما زعم فإنهم يستعملونه بهذا المعنى أيضا كما أشار إليه الراغب باعتبار أنّ ما ذكر من لوازمه ولذا
قيل أعذبه أكذبه. قوله: (ويجوز أن يكون الكل من الله) أي يجوز أن يكون الإضراب كله في المحال الثلاثة من الله على طريق الترقي من الفاسد إلى الأفسد ثم الأفسد وقوله: تنزيلا لأقوالهم في درج الفساد أي إنزالاً لكل منها في درجته من الفساد ولم يقل ترقياً مع أنه الظاهر إشارة إلى أنّ الترقي في القبح تنزل في الحقيقة. وقوله: لأنّ كونه الخ تعليل للترقي الذي دل عليه ما قبله وقوله لأنه الخ تعليل لكونه أبعد. وقوله: ليس الخ فبينه وبينه بون بعيد وهذا شأن الشعر الغالب عليه لأنه في اكثر أمر متخيل لا حقيقة له، ولذا يستعمل الثاعر بمعنى الكاذب وقال تعالى: ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ﴾ [سورة يس، الآية: ٦٩] الخ وأمّا قوله ﷺ إن من الشعر لحكمة فلا ينافيه كما توهم لأنه باعتبار ما يندر كما يشهد له التأكيد بأنّ الدالة على التردّد فيه ومن التبعيضية. وضمير وهو راجع لكونه مفتري ومن كونه متعلق بأبعد مقدر ولأنه تعليل له وفوله: ولأنهم الخ عطف على قوله لأنه مشتمل وهو يتضمن نفي كونه شعرا أيضاً والنيف بتشديد الياء وتخفيفها الزيادة، وهذا مقدار ما قبل ظهور نبوّته واعلم أن هذا الكلام فيه غموض ولذا قال الأستاذ خضر شاه إن المصنف رحمه الله يعني أنهم اضربوا والإضراب في كلامهم حكاه الله عنهم كما في الكشاف. وفيه إشكال لأنه إنما يصح هذا لو كان قالوا مقدما على بل فيفيد حكاية إضرابهم، وأما مع تقديم بلى على قالوا فلا ولذا قال المصنف والظاهر والقول بالقلب وأصله قالوا بل بعيد وإن ذهب إليه الطيبي فتأمّل. قوله: (لآنه يجانسه) أقا كون القرآن من الخوارق فباعتبار إعجازه وأخباره عن المغيبات وصدوره م! الأميّ وأمّا كون السحر خارقا فباعتبار الظاهر فلا ينافي كونه تمويها أو لأسباب خفية كما قيل. قوله: (كما أرسل به الأوّلون (الظاهر أنه إشارة إلى أنّ ما موصولة لذكر العائد، وهو به وأن الموصول للعهد والمراد به ما ذكر من الآيات وأنّ العدول عن الظاهر وهو فليأتنا بما أتى به الأوّلون أو بصثل ما أتى! الأوّلون لأن هذا يدل على ما دل عليه مع زيادة كونه مرسلا به من الله لا إتيانه من نفسه والتعبير في حقه بالإتيان والعدول عن الظاهر فيما بعده إيماء إلى أن ما أتى به من عنده وما أتى به الأوّلون من الله، ففيه تعريض مناسب لما قبله من الافتراء وسيأتي بيانه فأقبل إنه إيماء إلى وجه العدول عن أن يقول كما أتى به الأوّلون فإنّ مرادهم اقتراج آية مثل آية موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام لا غيرهما لا وجه له. قوله: (وصحة التشبيه الخ (ترك قوله في الكشاف ألا ترى أنه لا فرق بين أن تقول أرسل محمد ﷺ وبين قولك أتى محمد بالمعجزة لما أورد عليه
من أنّ الفرق بينهما واضح فإنّ إرسال الرسول عليه الصلاة والسلام بعثه للخلق للتبليغ والإتيان بالمعجزة أمر آخر وان أجيب عنه بأنه لازم له في الواقع فالمراد أنه كناية عنه وهي أبلغ وان كان مآلهما واحداً. واعترض على المصنف رحمه الله بأن هذا إنما يحتاج إليه إذا لم تكن ما موصولة. وقد اختاره وهذا من عدم الوقوف على مراده وأنه لا مخالفة بينه وبين ما وقع في الكشاف وليس مدار ما ذكروه على الموصولية والمصدرية بل على تشبيه آياته بآياتهم أو إتيانه بالآية بإتيانهم بآياتهم بلا شبهة لا تشبيه إتيانه بإرسالهم على أحد الوجهين فإنه لا بد له من متعلق مقدر. والمرسل به إمّا الشرائع وامّا الآيات واما مجموعها وعلى الأوّل والثالث لا يصح التشبيه لأنه غير مراد فيكون باعتبار ما يستلزمه على الأوّل وباعتبار جزئه الذي في ضمنه على الثالث. وأنا على الثاني فالإرسال فعل الله وليس المقصود التشبيه به


الصفحة التالية
Icon