قوله: (الضمير للحكومة أو الفتوى) المفهومين من السياق وقوله أمر وقع " في نسخة حكم قيل ولعل قيمتها كانت مساوية لما نقص من الزرع وقوله: وأوبارها وقع في نسخة أولادها. والقيام على، الزرع بالسقي ونحوه واعلم أنّ الجصاص قال في أحكام القرآن من الناس من ذهب إلى أنها إذا أفسدت زرع رجل ليلا ضمن وان أفسدته نهاراً لم يضمن وأصحابنا لا يرون الضمان مطلقا إذا لم يكن صاحب الغنم هو الذي أرسلها واحتج الأوّلون بهذه القصة لإيجابهما الضمان وبما روي عنه ﷺ من أنّ ناقة البراء دخلت حائط رجل فأفسدته فقضى على أهل الأموال أي البساتين بحفظها بالنهار وعلى أهل المواشي بحفظها بالليل وهو حديث مضطرب. وما في هذه القصة لا يوافق شرعنا فهو منسوخ بحديث
جرج العجماء جبار ولا تقييد فيه بليل أو نهار وأسباب الضمان لا تختلف ليلاَ أو نهاراً وأمّا حديث البراء رضي الله عنه فيجوز أن يكون أرسلها كما يجوز في هذه القصة أن يكون كذلك. ومن الناس من قال: حكمها كان نصاً لا اجتهاداً ويكون ما أوحى به لسليمان عليه الصلاة والسلام كان ناسخا لحكم داود عليه الصلاة والسلام. وقوله: ففهمناها سليمان لا يدل على أنه اجتهاد انتهى محصله. وذكر القرافي في قواعده وإبن القيم في المعالم أنّ هذا موافق لشرعنا وهو ظاهر ما في الكشاف وهو حنفي ثقة فلا يرد عليه نقض بما ذكر.
قوله: (اجتهادا) وفي نسخة بالاجتهاد وهذا عند من يجوز الاجتهاد للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما بين في الأصول وارتضى المصنف رحمه الله لكونه اجتهاداً منهما لأنه لو كان وحيا لما جاز لسليمان عليه الصلاة والسلام مخالفته، وأنّ الظاهر أنّ سليمان عليه الصلاة والسلام لم يكن نبياً في ذلك السن لكن صاحب الكشف رذه بأنّ الحمل على أنهما اجتهدا وكان اجتهاد سليمان عليه الصلاة والسلام أشبه بالصواب أو هو الصواب باطل لأنه نقض لحكم داود عليه الصلاة والسلام والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد فدل على أنهما جميعاً حكما بالوحي، أو كان حكم سليمان عليه الصلاة والسلام بالوحي وحده، وهو غير وارد لأنّ عدم نقض الاجتهاد بالاجتهاد إن أراد به نقضه باجتهاد غيره حتى يلزم تقليده به فليس ما نحن فيه منه وإن أراد باجتهاد نفسه ثانيا وهو عبارة عن تغير اجتهاده لظهور دليل آخر فهو غير باطل بدليل أنّ المجتهد قد ينقل عنه في مسألة، قولان كمذهب الشافعي القديم والجديد، ورجوع الصحابة رضي الله عنهم إلى آراء بعضهم وهم مجتهدون. وأما الجواب بأنه وقع في شريعة غيرنا وردّه بأنه قص من غير إنكار فهو شرع لنا فتعستف لا حاجة له، وأما الجواب باحتمال نقض داود عليه الصلاة والسلام حكمه الاجتهادي بالوحي فقريب منه لأن المعترض إنما اعترض! على كونهما اجتهادين فكيف يجاب بما ذكر. قوله: (والأوّل) أي حكم داود عليه الصلاة والسلام بدفع الغنم لصاحب الزرع يشير إلى ما في الكشاف من قول أبي حنيفة رحمه الله بأنّ العبد إذا جنى على النفس فإنه يلزم المولى دفعه له أو فداؤه. وعند الشافعي رحمه الله يبيعه في ذلك أو يفديه ولعل قيمة الغنم كانت بمقدار نقص الحرث. قوله: (والثاني (أي حكم سليمان عليه الصلاة والسلام بما مر نظيره قول الشافعي رحمه الله فيمن غصب عبداً فأبق عنده فإنه يضمن القيمة للغاصب ينتفع بها
لأنه حال بينه وبين الانتفاع بعبده فإذا ظهر ترادا وقوله وحكمه أي حكم ما نحن فيه من إتلاف المواشي ما ذكر. وقد علصت ما فيه مما نقلناه عن الجصاص وما ذكره من الحديث وأن روي في السنن لكنه فيه اضطراب وفي رجال سنده كلام مع أنه محمول على أنه أرسلها كما مر فلا دليل فيه والحائط هنا بمعنى البستان والأموال البستاتين كما مرّ وقوله: جرح العجماء جبار رواه الشيخان والعجماء البهيمة سميت به لعدم نطقها وجبار بمعنى هدر غير مضمون وجرحها جنايتها وبقية الكلام فيه مفصلة في كتب الفقه والحديث. قوله: (دليل على أن خطأ المجتهد لا يقاخ فيه) أي في اجتهاده أو في كونه مجتهدا والدلالة بناء على ما مرّ أما إذا كان بوحي والثاني ناسخ للأوّل فلا دلالة فيه وهذا بناء على أنّ كل مجتهد ليس بمصيب. قوله: (وقيل على أنّ كل مجتهد مصيب) أي قيل إنّ الآية دليل على هذا القيل إذ هي تدل بظاهرها على أنه لا حكم لله في هذه المسألة قبل الاجتهاد وأنّ الحق ليس بواحد


الصفحة التالية
Icon