فلا ينبغي أن يقول: اللهمّ اغفر لي إن شئت لأنه تعالى يفعل ما يشاء بلا مكره له، كما في صحيح مسلم ليعزم المسألة ولتعظم الرغبة فإنه تعالى لا يتعاظمه شيء أعطاه، نص عليه في الحصن الحصين والظاهر أنه ليس من قبيل ما ذكر فتأمل.
قوله: (أي أصلحناها للولادة (هذا بيان لحاصل المعنى وأنّ المعنى إصلاحها له ما ذكر
لا لأنّ الضمير للولادة لتأويلها بأن تلد لما فيه من التكلف وتفكيك الضمائر وان كان قوله أو لزكريا ربما يوهمه واللام تعليلية، وقدم يحيى عليه الصلاة والسلام لأنه المطلوب الأعظم فالواو لا تقتضي ترتيبا. قوله: (أو لزكريا بتحسين خلقها (فهو معطوف عل استجبنا لأنه ليس
مدعوّاً به ويجوز عطفه على وهبنا وحينئذ يظهر عطفه بالواو لأنه لما فيه من الزيادة على المطلوب لا يعطف بالفاء التفصيلية وعلى الوجه الأوّل فلأنّ المقصود به الامتنان لا التفسير لعدم الاحتياج إليه مع أنه لا يلزم التفسير بالفاء بل قد يكون العطف التفسيري بالواو، وحردة بالحاء والراء والدال المهملات بزنة حذرة بمعنى سيثة الخلق معاندة. قوله: (يعني المتوالدين (بصيغة الجمع من التوالد وهو إن كان بمعنى المتولد وكونه مولوداً ففيه تغليب ليحيى على أمّه وأبيه وان كان بمعنى ذي الولادة سواء أكان مولودا أو والدا فلا تغليب فيه وقوله إنهم الخ جملة مسوقة لتعليل ما يفهم من الكلام من أنّ هؤلاء المذكورين حصل لهم القربى والزلفى ونيل المراتب العالية لما ذكر كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى بقوله: بعد والمعنى أنهم نالوا الخ. لا لاستجابة دعواتهم حتى يقال إنه لا يصح عود الضمير على المتوالدين لأنّ يحيى عليه الصلاة والسلام ليس منهم هنا ويتكلف دفعه بأن يقال إنّ الآية استئناف جواب عن سؤال تقديره ما حالهم فتدبر وقوله أو المذكورين الخ. يعني أنّ الضمير راجع للانبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام لا لزكريا عليه الصلاة والسلام ومن معه وهو على هذا ظاهر من غير تكلف. قوله: (يبادرون إلى أبواب الخيرات) أي إلى أنواع الأعمال الحسنة، وأسرع يتعدى بإلى لما فيه من معنى المبادرة وبفي لما فيه من معنى الجد والرغبة يقال أسرع في مشيته، وفي الحديث هم مشاريع في الخير ذكره في المصباح وغيره واليه أشار الزمخشريّ ولظن بعضهم أنه لا يتعدّى إلا بإلى قال: إنه يتضمن معنى الرغبة أو من قبيل تجرح في عراقيبها أو في بمعنى إلى أو للتعليل ولا حاجة إليه. وكذا ما قيل إنه عدل عن إلى إلى في للدلالة على أنهم لا يفترون بل يظهرون الجد في تحصيلها. ولا يرد عليه كما توهم أنّ المسارع إليه غير مذكور وأنه لا دليل على تقديره وله غفلة عما مرّ. قوله: (ذوي رغب الخ) جعل رغباً ورهبا مصدرين بتقدير مضاف أو مؤوّلين باسم الفاعل ويجوز إبقاؤهما على معناهما مبالغة وليس بجمع كخدم جمع خادم لأنه مسموع في ألفاظ نادرة وان جوّز ويجوز كونه مفعولاً له والرهبة ضد الرغبة ولم يقيده في قوله ذوي رغب إشارة إلى جواز تعميمه وشموله للأمور الدنيوية والأخروية وقيده في الثاني بالثواب إشارة إلى جواز كل منهما فإن كان راجعا لهما فالتقييد به لأنه المناسب للمقام، ومدح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا يرد أنه تخصيص من غير مخصص وأنّ الظاهر التعميم كما قيل ولجوز تفسير الرغب بالتضرّع والابتهال لكنه خلاف المشهور في اللغة والاستعمال. وقوله خائفين وجهه ما مرّ ومخبتين بمعنى متذللين. قوله: (دائبين الوجل) وفي نسخة دائمين والوجل منصوب به لتضمينه معنى ملازمين ودائب بمعنى دائم من الدأب وهو العادة المستمرّة أو هو
منصوب بنزع الخافض أي في الوجل، وأمّا كونه بدلاً من الضمير المستتر بدل اشتمال فخلاف الظاهر وفي نسخة دائمي الوجل بالإضافة وهي ظاهرة. وقوله والمعنى الخ مر بيانه. قوله: (والتي أحصنت فرجها) منصوب لعطفه على ما قبله أو باذكر أو مبتدأ خبره مقدر أي مما يتلى عليكم أو نفخنا والفاء زائدة عند من يجيزه وقوله من الحلال والحرام قيل لا ينبغي ذكر الحلال لأنّ النكاح سنة في الشرائع القديمة فلا يصح جعله منشأ نلفضيلة وليس بشيء لأنّ التبتل والترهب كان في شريعتهم. ثم نسخ ولداً قال: لا رهبانية في الدين ولو سلم فذكره هنا لازم لتكون ولادتها خارقة للعادة والإحصان بمعناه اللغوي وهو المنع مطلقا ونفخ لازم وقد يتعدى كما ذكره المعرب وعليه قول


الصفحة التالية
Icon