الجيم وهو ضد الهزل. وأورد عليه أنّ اللغو أعم من الهزل لتناوله الفعل فالأولى أن يقول لما هو فيه مما يعنيهم وبهم جار ومجرور وقع صلة لما. وما ذكره هو ما في الكشاف بعينه وإنما فسره بالأخص لعلم غيره بالطريق الأولى ومثله سه!! وقوله أبلغ من المبالغة لإفادته أنه مع عدم لهوهم لا ينظرون إلى جانب اللهو فضلا عن الاتصاف به مع ما ذكره من الاسمية الدالة على الثبات وتقديم الضمير المفيد لتقوّي الحكم بتكرّره وتقديم الصلة المفيد للحصر. وقوله: ليدل متعلق بإقامة وعرض بضم فسكون بمعنى ناحية. قوله: (وكذلك قوله الخ) أي هو مثل ما قبله في العدول لما ذكر لأنه أبلغ من الذين
يزكون حيث جعلت الجملة اسمية وبني الحكم على الضمير، وعبر عنه بالاسم هكذا قيل فاقتصر من الوجوه الخمسة على الثلاثة الأول قيل لأنّ الأخيرين لا يجريان هنا لأنه إعراض هنا فلا إقامة ولأنّ التخصيص لا يعتبر هنا مع أنّ المقدم هنا ليس بصلة كيف واللام زائدة لتقوية العمل من وجهين تقديم المعمول وكون العامل اسما ولا يخفى عليك جريان مثلهما حيث قدم مع ضعف عامله لا للتخصيص بل لكونه مصب الفائدة ويجوز فيه اعتبار التخصيص الإضافي أيضا بالنسبة إلى الإنفاق فيما لا يليق ولو قال المصنف وتقديم المعمول لكان أظهر وأقيم الفعل مقام الإيتاء المذكور في مثله في مواضع من التنزيل مبالغة لدلالته على المداومة لأنه يقال هذا فعله أي شأنه ودأبه المداومة عليه، وذلك في قوله وصفهم بذلك إشارة إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ﴾ الخ من الإعراض! عن اللغو وفعل الزكاة وما بعد والطاعات البدنية معلومة من الصلاة والمالية من الزكاة. والتجتب المذكور من الأعراض عن اللغو دلالة ومن قوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [سورة المؤمنون، الآية: ٥] صراحة ولم يقرن المحرّمات بالطاعات البدنية لتأخر ما يدل عليها فما قيل أنّ حقه التقديم على المالية إلا أنه أخره لاحتياجه إلى نوع تفصيل ولتقع المالية في جواز البدنية فإنهما كثيراً ما يذكران معا لا وجه له. والمروءة معروفة وأصل معناها الرجولية. قوله: (والزكاة الخ (المراد بالعين ما يعطي وفيه إيهام لطيف والمضاف أداء ونحوه ووجه العدول عن الأخصر الأظهر ما مرّ. وفاعلون مفعوله الزكاة واللام للتقوية ولم يلتفت إلى ما آثره الراغب من أنّ المعنى الذين يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم الله أو ليزكوا أنفسهم على أنه لازم واللام للتعليل قيل لأنّ اقترانه بالصلاة ينادي عليه وسيأتي نظيره في سورة المعارج وقد يقال الفصل بينهما يشعر بما جنح إليه الراغب بخلافه ثمة وأيضا كون السورة مكية والزكاة فرضت بالمدينة يؤيده لئلا يحتاج إلى التأويل بما مرّ فتدبر. قوله: (رّوجاتهم أو سرياتهم الف ونشر وخص ما ملكت بالإناث بقرينة الإجماع وان عتم لفظه وجعل الزمخشري إطلاق ما قرينة على إرادتهن لإجرائهن مجرى غير العقلاء لقلة عقل النساء ولم يذكره المصنف رحمه الله لخفائه. بل ولأنه غير مسلم عنده فلا يغني عن التخصيص كما توهم لا لمعارضة قوله: ﴿مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [سورة النور، الآية: ٣٣] فكاتبوهم لتناوله العبيد ثمة لأنه قد يقال الضمير المذكور ثمة قرينة على العموم ونكتة الإجراء المملوكية لا الأنوثة كما سيصرّح به المصنف رحمه الله ولا مانع من تعدد النكت. قوله: (من قولك احفظ علئ عنان فرسي) ظاهره أنه متعد بعلى دون تضمين كما في الكشاف وحفظ العنان بمعنى إرساله كما في
حواشيه. فما قيل إنه غير متعارف لا يسمع في مقابلة نقل الثقة. وقيل أيضا الوجه أن يقال إنه من قبيل حفظت على الصبيّ ماله إذا ضبطته مقصورا عليه لا يتعداه والأصل حافظون فروجهم على الأزواج لا تتعداهن ثم قيل غير حافظين إلا على الأزواج تأكيداً على تأكيد وقول الزمخشري: أنه متضمن معنى النفي من السياق واستدعاء المفرّغ ذلك. ولم يؤخذ مما في الحفظ من معنى المنع والإمساك لأنّ حرف الاستعلاء يمنعه ولا يخفى أنه تكلف وتعسف إذ لا حاجة إلى التضمين كما مرّ وكون تضمينه ليس بتاويله بما يفيده بل بتقدير مضاف يفيده وهو غير مما يأباه أسلوب العربية. كما قاله أبو حيان رحمه الله: والتأويل المذكور أسهل منه وإليه أشار المصنف رحمه الله بقوله: لا يبذلونها ومن لم يقف على المراد قال: إن المصنف ساكت عن تضمينه معنى النفي لكن لا بدّ منه ليصح الاستثناء


الصفحة التالية
Icon