فلذا ذكره المصنف رحمه الله والشعر لذي الرمّة من قصيدة مشهورة له وقبله:
ألاخيلت ميّ وقدنام صحبتي فمانقرالتهويم إلاسلامها...
طروفا وجلب الرحل مشدودة به سفينة برّ تحت خذي زمامها...
وجعل الإبل سفائن البر معروف مشهور وهي استعارة لطيفة وقد تصرّفوا فيها تصزفات
بديعة كقول بعض المتأخرين:
لمن شجر قد أثقلتها ثمارها سفائن برّ والسراب بحارها...
قوله: (فيكون الضمير فيه الخ) أي هو مما رجع الضمير فيه إلى بعض أفراد عام مذكور
قبله باعتبار بعضه فانّ المذكور في هذه الآية أوّلاً مطلق المطلقات والضمير من بعولتهن راجع إلى بعضهن وهي المطلقات الرجعية لكنه هنا أظهر لأنّ الأنعام بحسب الأصل مخصوص بالإبل فالاستخدام فيه ظاهر قيل وهو اعترا ضعلى الزمخشريّ حيث خص الأنعام بالإبل وهو لا يناسب مقام الامتنان ولا سياق الكلام وما جنح إليه من اقتضاء الحمل إنما يقتضي تخصيص الضمير وله نظائر في القرآن مع اشتماله على نوع من البديع فتأئل. قوله تعالى: ( ﴿تُحْمَلُونَ﴾ ) أي بأنفسكم وأثقالكم وليس مما حذف فيه المضاف فأقيم المضاف إليه مقامه كما قيل وقوله في البر والبحر لف ونشر مرتب وللجمع بينها وبين الفلك في هذه الخاصة الدال على المبالغة في تحملها أخرت في الذكر ولكونها غير عامة أيضاً كما مرّ. قوله: (مسوق الخ) بيان لارتباطه بما قبله وهو ظاهر. وقوله حاقهم ضمنه معنى أصابهم فعداه بنفسه وأصله أن يتعدى بالباء وناداهم وأضافهم له استعطافاً وشفقة. وقوله استئناف أي قوله ما لكم من إله جملة مستأنفة استئنافا بيانياً بتقدير سؤال هو لم أمرتنا بعبادته فكأنه قيل لأنكم لا إله لكم غيره وهي تفيد تخصيصه بالعبادة وما كان علة لتخصيص العبادة كان علة لها أو هو بيان لوجه اختصاص الله بالعبادة لأنّ عبادة الله لا تصح مع التخليط فالعلة تدلّ على الاختصاص كالمعلل فلا حاجة إلى أن يقال المراد بعبادة الله وحده وقوله: على اللفظ إشارة إلى أنّ قراءة الرفع على المحل. قوله: (افلا تخافون) أصل معنى التقوى الوقاية مما يخاف ثم استعملت في الخوف نفسه كما هنا. وقوله: أن يزيل الخ هو مفعوله المقدر بقرينة المقام وقدّره الزمخشريّ أن ترفضوا عبادة الله الذي هو خالقكم ورازقكم أي عاقبة ذلك وهو مآلاً متحد مع ما ذكره المصنف رحمه الله وفسر الملا بالإشراف لأنّ معناه كما قال الراغب جماعة مجتمعون على رأي فيملؤون العيون رواء. والقلوب جلالة وبهاء فيختص بأشراف القوم وان استعمل بمعنى الجماعة مطلقا. قوله: ( ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ) الظاهر أنّ
الوصف ذكر للذم لأنّ تائل هذه المقالة لا يكون مؤمنا ولأنّ أشرافهم لم يتبعوه لقوله ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا ويصح أن تكون للتمييز وان لم يؤمن بعض أشرافهم وقت التكلم بهذا الكلام لأنّ من أهله المتبعين له أشرافا وأمّا تلك الآية فعلى زعمهم أو لقلة المتبعين منهم. قوله: (أن يطلب الفضل عليكم ويسودكم) جعل طلب الفضل الدال عليه صيغة التفعل كناية عن السيادة ولذا عطفه عليه عطفا تفسيريا فلا يرد عليه أنّ الإرادة عين الطلب فيكون التقدير يطلب أن يطلب الفضل عليكم والمطلوب هو الفضل لا طلبه حتى يقال إنّ صيغة التفعل مستعارة للكمال فإن ما يتكلف له بكون على أكمل وجه مع أن الطلب ينبعث عن الإرادة لا عينها فتأمل. قوله: (أن يرسل رسولاً) هو مفعول المشيئة المقدر المفهوم من السياق وأمّا القول بأنه إنما يحذف إذا لم يكن أمراً غريناً وكان مضمون الجزاء كما قرّر في المعاني فليس بلازم وان أوهمه كلامهم لأنّ ما ذكروه ض! ابطة للحذف المطرد في فعل المشيئة لا مطلقا فإنه كسائر المفاعيل يحذف ويقدر بحسب القرائن مع أنه هنا غير مخالف لكلامهم كما توهم ولذا فسر ملائكة برسلاً وقد مر تفصيله. قوله: (ما سمعنا به أنه نبي) بدل من الضمير المجرور ليتعلق السماع به فإنه لا يكون متعلقه جثة فيكون معنى السماع به السماع بخبر نبؤته وقد جوّزوا فيه أن يكون هذا إشارة إلى الاسم وهو لفظ نوح عليه الصلاة والسلام


الصفحة التالية
Icon