إشارة إلى ما للقراء من الطريقين فيها الوقوف بالتاء كمسلمات وبالهاء تشبيهاً بتاء التأنيث لا اتباعا للرسم كما قيل. قوله: (أصله أن الحياة إلا حياتنا الدنيا) يعني أنّ الضمير ليس للشأن بل للحياة والضمير يعود على متأخر في صور فصلها النحاة منها ذا فسر بالخير كما هنا قال الزمخشريّ هذا ضمير لا يعلم ما يعني به إلا بما يتلوه من بيانه وأصله أن الحياة إلا حياتنا الدنيا ثم وضع هي موضع الحياة لأنّ الخبر يدلّ عليها وببينها ومنه:
هي النفس تحمل ماحملت وهي العرب تقول ماشاءت
قال ابن مالك وهو من جيد كلامهم لكن في تمثيله ضعف لإمكان جعل النفس والعرب بدلين وتحمل وتقول خبرين. وفي المغني أنّ في كلامه أيضاً ضعفاً لإمكان جعله ضمير القصة وأورد على كونه مفسراً بالخبر أنّ الخبر إذا كان مضافاً أو موصوفاً عاد عليه الضمير باعتبار قيده فيصير التقديران حياتنا الدنيا إلا حياتنا الدنيا فليس مراد الزمخشريّ إنه عائد على الخبر بل على ما دلّ عليه السياق وليس بشيء لأنه في المحكي ابتداء كلام ليس فيه ما يدل عليه غير الخبر ولذا لم يجعل عائداً على ما قبله من قوله: وأترفناهم في الحياة الدنيا والضمير قد يعود على الموصوف بدون صفته وقوله: تعينها لحضورها عندهم إذ لا همّ لهم غيرهم. قوله: (كقوله هي النفس ما حملتها تتحمل) تمامه:
وللدهر أيام تجور وتعدل
قيل عليه إنه يحتمل أن يكون النفس بدلاً من الضمير والجملة خبر أو هو ضمير الشأن
وأمّا على هذا فالخبر مفسر للضمير كما في التسهيل وليس من قبيل شعري شعري كما توهم لأنّ المراد أنّ هذا شانها كقوله:
فقلت لهاياعزكل مصيبة إذاوطنت يومالها النفس ذلت...
وهذا معنى قوله: في الكشف ليس المعنى النفس النفس لأنه لا يصلح الثاني حينئذ تفسيرا والجملة بعدها بيان بل الضمير راجع إلى معهود ذهني أشير إليه ثم أخبر بما بعد. كما في نحو هذا أخوك فتأمّل. قوله: (ومعناه لا حياة إلا هذه الحياة) يعني الضمير عائد إلى ما
يفهم منها من جنس الحياة ليفيد الحمل ما قصدوه من نفي البعث. ومنه تعلم خطا من قال إنه كشعري شعري. وقوله ويولد بعضنا يعني المراد بالحياة ما ذكر لا حياة أخرى بعد الموت لقوله وما نحن بمبعوثين ولم يجعل الضميرين للجميع على أنّ المراد بالموت العدم قبل الوجود أو الحياة بقاء الأولاد أو على أنهم قائلون بالتناسخ كما سيأتي في الجاثية لبعده وقوله: بمصدقين لأنه معنى الإيمان بالنبيّ ﷺ والمتعذي بالباء. قوله: (بسبب قكذيبهم) يعني ما مصدرية والباء سببية. ويصح أن تكون بدلية أو آلية كما مرّ. وقوله: عن زمان قليل يعني أنّ قليلاً وكثيراً يقع صفة للزمان ويحذف ويستغنى عنه كهقريب وقديم وحديث وعن للمجاوزة بمعنى بعد هنا وصلة بمعنى زائدة لأنّ الزائد لما كان بمعنى الحشو المهمل وهو لا يقع في كلامه تعالى إذ الزائد فيه لا يخلو عن فائدة كالتأكيد وتحسين اللفظ منعوا من إطلاقه عليه إجلالاً لكلامه تعالى عنه وان كان زائداً بالنسبة لأصل المعنى المراد ولهذا ذهب بعضهم إلى أنه لا زائد فيه أصلاً ففسروه بوجوه أخر كما جعلت ما هنا تامة وقليل بدل منه أو موصوفة به وإلجار والمجرور متعلق بيصبحن وان كانت اللام للابتداء لتوسعهم في الظروف أو بمقدّر دل عليه الكلام كننصر أو نصبح ويصبح بمعنى يدخل في وقت الصباج ويكون بمعنى يصير وهو المراد هنا. قوله: (واستدلّ به) أي بذكر الصيحة لأنّ المهلك بها قوم صالح لا قوم هود فإنهم أهلكوا بريح عاتية كما صرّح به غير هذه السورة ومن فسره بهم قال إنّ جبريل عليه الصلاة والسلام صاج بهم مع الريح كما روي في بعض الأحاديث أو المراد بالصيحة العقوبة الهائلة كما في قوله:
صاج الزمان بأهل برمك صيحة خرّوا لشدتها على الأذقان...
قوله: (بالوجه الثابت) يعني الحق بمعنى الثابت المحقق والمعنى أنه لا دافع له وإذا كان بمعنى الوعد الصدق فهو ضد الباطل ويصح أن يراد الوجوب بمقتضى وعيده إذ لا وجوب على الله عندنا. قوله: (شبههم في دمارهم بغثاء السيل (السيل معروف وغثاؤه حميله أي ما يحمله من الورق والعيدان البالية وغثاء القدر زبده. ويستعار لما يذهب غير معتد به واليه أشار المصنف رحمه الله ويجوز أن يكون تشبيهاً بليغا