قال جاء اليهود إلى رسول الله ﷺ فذكروا أنّ رجلاً منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله ﷺ ما تجدون في التوراة في شأن الرجم فقالوا نفضحهم ويجلدون قال عبد الله بن سلام رضي الله عنه كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم فقال عبد القه بن سلام رضي الله عنه ارفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم قالوا: صدق يا محمد فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله ﷺ فرجما ولا دليل عليه قال الكرماني الأصح أنه! هـ كان متعبداً بشرع من قبله ما لم يكن منسوخا وقيل إنما سألهم ليلزمهم ما يعتقدونه وقد قيل إنه! يم كان أوّل ما قدم المدينة يحكم بالتوراة ثم نسخ، وفيه بحث. قوله: (إذ المراد بالمحصن الذي يقتص! له من المسلم (قيل هذا تقييد للإطلاق بغير دليل وأكثر استعمال الإحصان في إحصان الرجم وفيه نظر لأنهم قالوا الدليل عليه ما مرّ من حديث البخاري وغيره فتأمل. قوله:) رأفة رحمة (فسرها هنا بالرحمة وفي البقرة تبعا للجوهري بأشد الرحمة وقال في قوله لرؤوف رحيم قدم الرؤوف مع أنه أبلغ محافظة على رؤوس الفواصل وفيه أنّ الرأفة حيث قارنت الرحمة قدمت سواء الفواصل وغيرها ألا تراها قدمت في قوله رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها وهي في الوسط فلا بد لتقديمها من وجه آخر وكونها أبلغ لا وجه له وان تفرد به الجوهري فقد فسرت في العين والمجمل وغيرهما بمطلق الرحمة وهي عند التحقيق نوع من الرحمة الحقيقية وهو التلطف والمعاملة برفق وشفقة ويقابلها العنف والتجبر فينبغي تقديمها على الرحمة بمعنى الأنعام كما في المثل الإيناس قبل الأساس وقال:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله
ومما يعنيه أنّ معاوية رضي الله عنه سأل الحسن رضي الله عنه وكرّم وجه أبيه عن الكرم
فقال هو التبرع بالمعروف قبل السؤال والرأفة مع البذل وقال سفيان بن عيينة رضي الله عنه في تفسير هذه الآية أي لا تبطلوا الحد شفقة عليهما وقال قيى الرقيات:
ملكه ملك رأفة ليس فيه جبروت منه ولاكبرياء...
وقال ابن المعتز:
فحلماً وإبقاء ورأفة واسع بالأنعام لا كبر ولا متضايق...
وقال ابن نباتة السعدي:
وخير خليليك الصفيين ناصح يغصك بالتعنيف وهورؤوف...
وفي نهج البلاغة ليرئف كبيركم بصغيركم وهذا كله مما ورد به استعمال البلغاء شاهد لا
يقبل الرشا وإنما أطلنا فيه لأنهم اغترّوا بكلام الجوهرفي رحمه الله وظواهر اللغة المبنية على التسامح فارتكبوا تكلفات لا حاجة إليها كما قيل الرأفة أشد الرحمة أو أن يدفع عنك المضار والرحمة أن يوصل إليك المسار فإن فسر بالأوّل لزم التكرار والانتقال من الأعلى إلى الأدنى فلا بد من الثاني وفسر الرؤوف في شرح المواقف بمريد التخفيف على العبيد. قوله: (فتعطلوه) بالترك أو تسامحوا فيه بالتخفيف. وقوله لو سرقت فاطمة الخ بعض حديث في البخاريّ عن عائشة رضي الله عنها: " أنّ قريشاً أهمهم أمر المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم رسول الله ﷺ ومن يجترىء عليه إلا أسامة حبّ رسول الله ﷺ فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب فقال أيها الناس إنما ضل من قبلكم إنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحذ وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".
تنبيه: فاطمة هذه بنت الأسود بن عبد الأسد المخزومية صحابية رضي الله عنها سرقت فقطعها النبيّ ﷺ وقيل هي أم عمر وبنت نعيصان المخزومية وفي قوله لو سرقت فاطمة نكتة لأنّ اسم السارقة فاطمة أيضاً وقوله بنت محمد روي مرفوعاً ومنصوباً وكانت شريفة في نسبها وكانت سرقت قطيفة وقيل حلياً وضرب لها مثلاً بالزهراء رضي الله عنها لنزاهته. قواسه: (فعالة) بفتح الفاء مصدر أو اسم مصدر كالسآمة والكآبة وقول الشارح الطيبي إنها شاذة كأنه اراد أنه في هذه الماذة قليل الاستعمال بالنسبة إلى الرأفة بالسكون والا ففعالة في المصادر كثير وليس شذوذه في القراءة لأنها قراءة قنبل كما ذكره الجعبرفي رحمه الله. قوله:) وهو من باب التهييج) كما يقال إن كنت رجلاً فافعل كذا ولا شك


الصفحة التالية
Icon