وقوله بإنطاق متعلق بتشهد وضمير آثاره لما باعتبار لفظه ومن قال إنه من الاعتراف فقد صحفه بما لا
تساعده الرواية والدراية ولا تعارض بين الآيتين لأنّ شهادة الألسن بطريق خرق العادة كشهادة الأيدي والأرجل كما نبه عليه المصنف رحمه الله بقوله بغير اختيارهم ومن لم يتنبه له وفق بينهم بجواز تعدد الأحوال والمواطن وبأنّ هذا في حق القذفة وذاك في حق الكفرة فليس بشيء لما عرفته وأمّا ما ذكره آخراً فوارد كما أشرنا إليه فإن تلت بعد. ما عرفت من التوفيق ما النكتة في التصريح بالألسنة هنا وعدم ذكرها هناك قلت لما كانت الآية في حق القاذف بلسانه وهو مطالب معه بأربعة شهداء ذكر هنا خمسة أيضاً وصرّح باللسان الذي به عمله ليفضحه جزاء له من جنس فعله وهذه نكتة سرية. قوله: (جزاءهم الخ) يعني أنّ الدين بمعنى الجزاء كما ذكره أهل اللغة وقوله الثابت الخ تفسير للحق وهو كقوله في المواقف أنه الواجب لذاته الذي لا يفتقر في وجوده إلى غيره وقوله الظاهر ألوهيته تفسير للمبين بأنه بمعنى الظاهر من أبان اللازم ولما كان ظهوره في الدنيا إنما هو بظهور ألوهيته ومظاهرها فسره به وفوله لا يشاركه الخ إشارة إلى الحصر التأخوذ من تعريف الطرفين وضمير الفصل وقوله أو ذو الحق الخ هو ما في الكشاف وفيه نزعة اعتزالية ولذا أخره وفسره بعضهم بالمظهر للأشياء كما هي والكل مناسب للمقام كما أشار إليه بقوله ومن كان خلافا لمن استظهر الأخير بتحكم سلامة الأمير. قوله: (أي الخبائث الخ) محصله كما في الكشاف أنّ الخبيثات والطيبات يحتمل أن يكون صفة ما لا يعقل من المقالات القبيحة وضده واللام للاختصاص والاستحقاق أي المقالات الخبيثة مختصة بالخبيثين أو مستحقة أن تقال لهم لاتصافهم بها فالخبيثون شامل للخبيثات تغليباً وثذا الطيبون وأولئك إشارة إلى الطيبين وضمير يقولون للأفكين لسبق ذكرهم فيما مرّ أو للخبيثين القائلين للخبيثات ومبرّؤون أن كان معناه حينثذ أنه لا يصدر عنهم شيء من الفحش احتاج إلى تقدير مثل لأنّ الصادر ليس عين ما صدر عن أولئك كما أشار إليه المصنف رحمه الله ولو أريد أنهم مبرؤون عن الإتصاف بما في مقالتهم لم يحتج إلى تقدير ولذا لم يتعرّض له الزمخشريّ وأن يكون الخبيثات والطيبات صفة لمن يعقل أي النساء الخبيثة لا يرغب فيهن إلا الخبيثون فهو كقوله الزاني لا ينكح إلا زانية الخ كما قيل:
إنّ الطيور على أشباهها تقع
فهو من إرسال المثل والإشارة لأهل البيت وقوم مخصوصين وفي قوله أولئك مبرؤون
٧ / م ٣
تغليب ولم يزد المصنف رحمه الله عليه غير تقديم أحد الوجهين على الآخر لنكتة وإذا كان أولئك إشارة لأهل البيت وفيهم رجال ونساء ناسب حمل الجمعين على الذوات وقد علم مما سبق أنهم المبرؤون وإذ أشير به إلى الطيبين مطلقاً وحمل عليه مبرؤون لزم حمل الخبيثات والطيبات على المقالات ليعلم ما يقال لهم أيّ شيء هو لاستقلال هذه الجملة بخلافه على الأوّل فإنّ ما قالوه معلوم كذا في شرح الكشاف وبه اتضح ما هنا. قوله: (إذ لو صدق) أي ما يقولونه لو طابق الواقع لم تكن زوجته ولم يقرّر على زوجيتها إذ لو علم لم يختر ما يدنسه ولو لم يعلمه أوحى إليه لأنّ الله عصمه عما تنة س منه الطباع. قوله: (يعنيم الجنة) الحامل له على تفسيره بها آية الأحزاب في أمّهات المؤمنين وأعتدنا لها رزقاً كريما فإن المراد به ثمة الجنة لوله أعتدنا كما سيأتي والقرآن يفسر بعضه بعضاً، والتبرآت الأربع كل منها مفسر في محله غير حجر موسى عليه الصلاة والسلام فإنه إشارة إلى ما ورد في الحديث من رميهم له ﷺ بالأدرة لاستتاره في غسله عن أعين الناس فاغتسل مرة ووضع ثوبه على حجر ففرّ به فذهب خلفه حتى رأوه سليما مما ذكروه به وقوله منصب الرسول ﷺ أي شرف وعلوّ قدره لأنه في اللغة واستعمال الثقات بمعنى الأصل والحسب والشرف ومنه قول السكاكي أساس الحسنات ومنصبها وقول أبي تمام:
ومنصب نماه ووالد سما به
وأمّا بمعناه المتداول فلم يذكر في اللغة وإنما هو من كلام المولدين والقياس لا يأباه كقوله:
نصب المنصب أو هي جلدي وعنائي من مداراة السفل...
قوله: (التي تسكنونها الخ) قيل المراد إنها تضاف إليهم بالسكنى مع اتباعهم وقد فسرها بعضهم بالتي اختص! بكم سكاها سواء سكنتموها أم لا لأنّ المانع من الدخول قبل الاستئناس
سكون الغير وانتفاؤه


الصفحة التالية
Icon