أو لشرط مقدر من جنسه وأبطله ابن مالك بأنه يستلزم أن لا يتخلف أحد من المقول له عن الامتثال وأجيب بأنّ الحكم مسند إليهم على سبيل الإجمال لا إلى كل فرد، أو المراد بالعباد والمؤمنين المخلصون منهم وبما مرّ من أنه جعل كالسبب الموجب. ولا يرد أنه لا ملازمة بين الشرط والجزاء لأنه قد يكون جزء علة وفي المغني يرده أنّ الجواب لا بد أن يخالف المجاب إمّا في الفعل والفاعل نحو ائتني أكرمك، أو في الفعل نحو أسلم تدخل الجنة أو في الفاعل نحو تم أقم ولا يجوز أن يتوافقا فيهما، وأيضا الأمر للمواجهة وياقيموا ويغضوا غائب ومثله لا يجوز. وقد قيل إنه لم لا يجوز أن يكون من قبيل من كانت هجرته الحديث أي أقيموا إقامة مقبولة. وقوله: لإيجاب بلفظ الغيبة إتا أن يريد إن لم يكن محكيا بالقول. أو مطلقا والأوّل مسلم ولا يفيد والثاني غير مسلم لأنه إذا كان محكيا
بالقول يجوز التلوين نظراً إلى الغيب بالنظر إلى الأمر بقل (قلت) فيه إنّ اتحاد طرفي الجملة، كما في شعري شعري والحديث يكون إذا قصدت المبالغة تحقيراً أو تعظيما ولا بدّ من تأويله يما يفيد المغايرة، كأن تقيموا ظاهراً فقد أقمتم إقامة نافعة. والمبرد القائل به لم يذكر تأوبلا ولم يخصه بمقام وما ذكره من التلوين لا يفيد هنا وقد مرّ فيه كلام فتأمّل. قوله: (أي ما يكون نحو محرّم) هو بيان لمعنى من التبعيضية فالمراد غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل وجعل الغض عن بعض المبصر غضا عن بعض البصر وفي الكشف أنّ فيه كناية حسنة ليست في حفظ الفروج، ولذا لم يدخل فيه من فتأمّل. قوله: (ولما كان المستثنى منه الخ) جواب سؤال عن الإتيان بمن التبعيضية والتقييد به في غض الأبصار دون حفظ الفروج مع أنه غير مطلق ومقيد في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [سورة المؤمنون، الآية: ٥] لأنّ المستثنى من الحفظ هو الإزواج والسراري وهو قليل بالنسبة لما عداه فجعل كالعدم ولم يقيد به مع أنه معلوم من الآية الأخرى بخلاف ما يطلق فيه البصر فإنه يباح في أكثر الأشياء إلا نظر ما حرم عن قصد فقيد الغض به، ومدخول من التبعيضية ينبغي أن يكون أقل من الباقي وفيه نظر ظاهر ولو اقتصر على التوجيه بأنه إتكال على أنه ذكر في آية أخرى كان أولى. وقيل: إنّ الغض والحفظ عن الأجانب وبعض الغض ممنوع يالنسبة إليهم وبعضه جائز بخلاف الحفظ فلا وجه لدخول من فيه وفيه تأمّل. قوله: (وقيل حفظ الفروج الخ) يعني وسترها مأمور به مطلقا فلذا لم يقل من فروجهم فهذا تفسير متضمن للنكتة المذكورة، ولذا قال أبو زيد: كل ما في القرآن من حفظ الفروج فهو عن الزنا إلا هذا فإنه بمعنى الاستتار. وقيل ولذا مرضه المصنف رحمه الله لمخالفتة لما وقع في القرآن. وقيل: وجهه أنها قد تكشف في مواضع يجوز كشفها فيها. وقد يقال: إنّ النهي عن الزنا يعلم منه بطريق الأولى أو الحفظ عن الإبداء يستلزم الحفظ عن الإفضاء فلا يرد أنه لو عمم كان أولى مع أنّ هذا مرجح بأنه معنى حقيقي متبادر منه. قوله: (ذلك) أي الغض والحفظ. وقوله: أنفع إشارة إلى أنه من الزكاة بمعنى النمو وما بعده إشارة إلى أنه منها بمعنى الطهارة لكن فيه جمع بين معنى المشترك وهو جائز عند المصنف رحمه الله وقيل قوله: أطهر ناظر إلى غض البصر وفيه نظر وأفعل إمّا مجرّد عن معنى التفضيل، أو المراد أنه أزكى من كل شيء نافع أو مبعد
عن الريبة وقيل المراد أنه أنفع من الزنا والنظر الحرام فإنهم يتوهمون لذته ضعاً مع ضرره في الآخرة والدنيا لكونه مجلبة للفقر والقحط والطاعون كما ورد في الآثار. والإجالة مجاز عن استعمالها في الرؤية وما لا يحل النظر إليه من الرجال العورة وما بين السرّة والركبة ولمذا قيل: لو ترك* قوله: من الرجال كان أخصر وأظهر لأنّ النظر إلى ما ذكر من النساء لا يحل لهن أيضاً ومن في قوله من الرجال بيانية أو تبعيضية لإخراج ما عدا المذكوو أو الحل النظر إلى المحارم والأزوأح فتأمّل. قوله: (بالتستر أو التحفظ) قد أخر التفسير الذي قدّمه هنا ومرضه في الآية السابقة وليس هذا بناء على ما في الكشف من أنه لاستلزامه المعنى الثاني على وجه برهاني لأنه لو كان كذلك سوى بينهما بل لأنه أنسب بما بعده سواء أريد به ستر أنفسين أو ستر فروجهن مع أنّ الستر بحال النساء أليق وأمّا كونه إشارة إلى ارتضاء ذلك القيل فلا وجه له. وقوله: أو التحفظ أو فيه لمنع الجمع والتخيير في التفسير، وقيل: لمنع الخلق.


الصفحة التالية
Icon