في مقنأة والمقنأة المكان الذي لا تصيبه الشمس أي ليست الزيتونة تصيبها الشمس خاصة ولا الظل خاصة ولكن يصيبها هذا في وقت وهذا في وقت وهو أحسن لها والا فالشرقية والغربية لا تخرج عنهما انتهى. قوله تعالى: ﴿وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ﴾ كلمة لو في مثله لا تكون لانتفاء الشيء لانتفاء غيره ولا للمضي وكذا ليست للتعليق والاستقبال بل المعنى ثبوت الحكم على كل حال ولذا قيل إنها للتأكيد والواو للعطف على مقدّر هو ضدّ المذكور وعند بعضهم إنها حالية لكن مقتضاه كون حرف الشرط مع ما بعده حالاً فتقديره والحال لو كان كذا أي مفروضاً كما قدره بعضهم. والزمخشري وغير. يقدّره ولو كان الحال كذا ولا يخفى حاله كما ذكره المحقق في شرح الكشاف وتحقيقه كما قاله: المرزوقي أنّ أدوات الشرط لا تصلح للحالية لأنها تقتضي عدم التحقق والحال يقتضي خلافه فلذا قيل إنه ينسلخ عنها الشرطية وانها مؤوّلة بالحال كما أنّ الحال تكون في معنى الشرط نحو لا فعلنة كائنا ما كان أي أن كان هذا أو غيره وإنما قدره الزمخشري والمرزوقي بعد لو إشارة إلى أنه قصد إلى جعلها حالاً قبل دخول الشرط المنافي له ثم دخلة تنبيهاً على أنها حال غير محققة وهذا سرّه وان خفي على من لا يخفى عليه مثله فاعرفه. وعلى جعلها عاطفة كما ارتضاه اكثرون لا يتوهم إن كاد تنافيه فإنها تقتضي انتفاء الإضاءة وهو إنما هو في حال عدم مس النار لا في حال مسها فيتعين كونها حالية لا عاطفة فإنه غفل عما قرّروه من قولهم في كل حال فإنه كما هو منتف في حال عدم المس منتف في مجموع الحالين أيضاً لا يتوهم أيضا أن المبالغة تقتضي الاقتصار على الثاني لأنّ المراد التسوية بينهما. قوله: (وفرط وميضه) في نسخة بالميم والضاد المعجمة ومعناه البريق واللمعان وفي أخرى وبيص بالباء الموحدة والصاد المهملة ومعناه أيضاً البريق والتلألؤ الإنارة ومنه اللؤلؤ لصفاته واشراقه وقوله: متضاعف إشارة إلى أنّ الجار والمجرور صفة معناه ما ذكر. وقوله: زاد في إنارته زاد يكون متعديا ولازما وهو لازم هنا ومن ظنه متعدّياً فقد قصر. وقوله: وضبط المشكاة لأشعته في الكشف دلّ هذا على أنّ وجه الشبه الإضاءة وقوّتها لا السعة والفشو فلا يتوهم أنه كالمتناقض لكون المصباح في مكان متضايق فتأمّل. قوله: (في معنى التمثيل) أي في المراد من التشبيه مطلقا وعبر بالتمثيل موافقة لما في النظم وقوله تمثيل للهدى يعني أنه تشبيه مركب بمركب فشبهت فيه الهيئة المنتزعة بأخرى والنور وإن كان لفظه مفرداً دالّ على أمور متعددة وقيل: إنه ذكر للتنصيص على ما هو العمدة في التمثيل وقوله في جلاء الخ متعلق تمثيل وهو وجه الشبه وهو مركب عقليّ كما في شرح الكشاف والمراد بالآيات آيات القرآن مطلقاً أو آيات هذه السورة. وقوله:
من الهدى بيان لما تضمنته وهو مدلولها أيضا وفي عبارته نوع خفاء. قوله: (أو تشبيه للهدى الخ) يعني أنه تشبيه مقيد وفي شرح الكشاف أنه على هذا من المركب الوهمي حيث تصوّر في المشبه والمشبه به حال منتزعة وهي قوله: من حيث إنه محفوف الخ فشبه الهدى المحيط به الضلال بمصباح في ليل مظلم كقوله:
وكانّ النجوم بين دجاها سنن لاح بينهن ابتداع...
ولا يخفى أنه بحسب الظاهر ينافيه كون حق الكاف الدخول على المصباح وقوله لاشتمالها يعني به أنّ المشتمل مقدّم على المشتمل عليه في رأي العين فقدم لفظا رعاية لذلك أو لأنه إذا دخل على المشتمل فكأنه دخل على ما فيه فلا وجه لما قيل إنه لا يكفي فيه بل النكتة أنه أبلغ لأنّ الإنارة إذا نسبت للمشكاة فالمصباج أقوى بها. وكذ ما قيل إنّ فيه قلبا وإنما كان المصباح أوفق من الشمس لأنه ما يوقد في الليل فيدلّ على الظلمة التي لها دخل في التشبيه. وقيل: إنه تشبيه مفرّق فشبه الهدى بالمصباح والجهالات بظلم استلزمتها وفيه نظر. قوله: (أو تمثيل لما نور الله الخ) ففيه مضاف مقدر أي كنور مشكاة كما أشار إليه وهذا الوجه رجحه الطيبي على غيره وقال إنه تفسير السلف وأنه الأنسب بالمقام ونقل البغوي عن كعب أنه قال إنه مثل ضربه الله لنبيه ﷺ فالمشكاة صدره والزجاجة قلبه والمصباح ما فيه من الحكم وعن الحسن رحمه الله تعالى الشجرة المباركة شجرة الوحي يكاد زيتها يضيء القرآن يتضح


الصفحة التالية
Icon