الاكتساب قوّة نفسية هي فكرة فإذا ترقت كانت حدسا ثم قوّة قدسية فهي وان كانت متباينة ترجع إلى شيء واحد كالشجرة وأمّا قوله لا شرقية الخ فهو إشارة إلى أنها ليست من عالم الحس الذي لا يخلو عنهما كما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: مجرّدة عن اللواحق الخ أو لأنها بين الصور والمعاني والصور ظهورها كالشروق والمعاني خفاؤها كالغروب فاعتباره في جانب المشبه به ظاهر أيضاً ولها نور على نور وهو العقل المستفاد وقد مثل نوره تعالى بالعقل المستفاد وهو كمال النفس الإنسانية في القوّة النظرية تحقيقا لاستلزام معرفة النفس معرفة الرب علت كلمته وهذا تحقيق لطيف. وقد قال بعض المشايخ: إنّ حقيقتها نور قدحه رّناد الإيمان بيد اليقين في حراق الوهم فاشتعل مصباح البصيرة في ظلمة الطبيعة وغايتها إعمال النظر الصحيح في تحصيل أسباب النجاة فافهم. قوله: (فكالشجرة الزيتونة الاحتياج الإيقاد منها إلى كسب فشبه بها التحصيل بالنظر. والحدس يشبه الزيت وقوله والإلهام عطف على ملك الوحي
وأفرد الذي لكونهما في حكم شيء واحد ولو ثنى كان أظهر وقوله من حيث إنّ العقول تشتعل عنها ضمير عنها ليس للقوّة القدسية بل هو لمرجع ضمير مثله فلو ذكره كان أظهر ولذا قيل إنه من سهو الكاتب لكنه أنث مراعاة للخبر وقوله يهدي الله لنوره إشارة إلى أنّ ما ذكر تقريب وتلويح. وقوله: توضيحاً تعليل للأدناء. وقوله: معقولاً كان أو محسوسا فالتوضيح إنما فائدته للناس. وقوله: وعد ووعيد لأنّ علمه تعالى عبارة عن مجازاته كما مرّ. وقوله: لمن الخ لف ونشر مرتب والاكتراث الاعتناء. قوله:) متعلق بما قبله) أراد ما يشمل التعلق المعنوي والصناعي لأنه على الأوّل صفة وقد قيل إنه لا يليق بشأن التنزيل لتوسط قوله نور على نور الخ بين أجزاء التمثيل وهو فصل بين العود ولحاله مع أنه يؤدّي إلى كون حال ذكر المنتفعين بالتمثيل بنور الهداية بطريق الاستتباع والاستطراد مع قصد أضدادهم بالذات وليس بشيء فإنه زخرف من القول إذ لا فصل فيه وما قبله إلى هنا كله من المثل فتنبه. قوله: (فيكون تقييدا (أي على الوجهين وقوله: بما يكون لخير باللام والخاء المعجمة والراء المهملة في نسخة صحيحة أي قيده بما يكون معد للخير وهو الطاعة والعبادة لمناسبته للممثل له وهو الهداية ونحوها وضبطه بعضهم كما في بعض النسخ تحبيراً بالحاء والراء المهملتين والباء الموحدة يعني تزييناً وتحسينا ولا مدخل له في التمثيل وفي أخرى تحيرا وكحيز بمعنى محل ومقر بالمعجمة وزاد الكاف لأنها معلقة فيه فليس حيزا حقيقياً لها كما قيل وهو تكلف. قوله: (أو مبالفة فيه (وفي نسخة ومبالغة بالواو ووجه المبالغة كونها أضوء وأكبر وعلى هذه النسخة يكون عطفه على ما قبله كالتفسير له ليكون له مدخل في التمثيل. قوله:) أو تمثيلاَ لصلاة المؤمنين (هو عطف على قوله: تقييداً أو تحبيراً على ما في بعض النسخ يعني أنه شبه صلاتهم الجامعة للعبادات القولية والفعلية بالجوامع أو شبه أبدانهم بها وهذا مناسب لما مرّ من أن المشكاة قلب المؤمن وقد قيل عليه أن جعل المراد من البيوت الصلاة أو الأبدان لأحسن له ولذا لم يذكره الزمخشري وغيره وقيل إنّ تخصيص الصلاة لزيادة الأنوار العقلية بها الكمال التوجه للنور الحقيقي وعلاقتها بالمساجد من حيث الحالية والمحلية وعلاقة الأبدان المشابهة في إحاطة الأنوار وما يتوهم من أنّ المشبه قلب المؤمن في بدنه بالمشكاة التي في المساجد فاسد لعدم ذكره فيما سبق وفيه نظر. قوله: (ولا ينافي جمع البيوت وحدة المشكاة (سواء تعلق بمشكاة أو بتوقد وسواء كان تمثيلاً أولاً والوحدة من التاء فالمراد إفا الوحدة الجنسية أو أنّ النكرة قد نعم في الإثبات ويكفي لتحقق الوحدة أن يكون في كل بيت مشكاة واحدة مع أنه غير لازم. وقوله: إذ المراد أي بالمشكاة وقوله بلا اعتبار وحدة الخ قد علمت أنه يجوز اعتبارها. قوله:) أو بما بعده)
وهذا أولى مما قبله والجملة مستأنفة حينئذ وقوله وفيها تكرير أي لفظ فيها وفيه إيهام لطيف فهو كقوله ففي رحمة الله هم فيها خالدون ومررت بزيد به وهذا أجود من مررت بزيد بزيد وبعض النحاة يعربه بدلاً كما في شرح التسهيل وفي المغني الأكثرون يوجبون في مثله سقوط الجاو وأن يرفع الاسم بالابتداء أو ينصب بإضمار جاوزت ونحوه بالوجهين قرىء قوله والظالمين أعد لهم وهو من توكيد الحرف بإعادة ما دخل عليه مضمراً


الصفحة التالية
Icon