كالاعتراض فلما ذكر أنه ينبغي أن يأمرهم بالطاعة كفاحا ولا يخاف مضرّتهم كده بأنه هو الغالب ومن معه فليس للخوف مجال ولا يجوز أن تكون من تبعيضية حينئذ كذا في الكشف مع وجه آخر لم يرتضه ثم إنه قدم من ومجرورها هنا وآخرهما في الفتح إشارة إلى أنّ مدار الاستخلاف الإيمان فإنّ الخليف لا ينعزل بالفسق ومدار المغفرة والأجر العظيم الإيمان والعمل الصالح معاً كما قدم المفعول على المعطوف في قوله: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [سورة البقرة، الآية: ١٢٧] إشارة إلى أنّ الرافع إبراهيم وإسماعيل تبع له. قوله: (تقديره الخ) فالمفعول محذوف دلّ عليه جواب القسم أي استخلافهم وتمكينهم لأنّ وعد يتعدى لمفعولين وعلى الثاني ليستخلفنهم منزل منزلة المفعول وما في كما استخلف مصدرية وهو صفة لمحذوف أي اسنخلافا مثل استخلافهم. وقوله: بعد الجبابرة أي بعد إهلاكهم قيل واستخلافهم بمصر وتملكهم لها مخالف لما في التواريخ. قوله: (بالتقوية والتثبيت) يشير إلى أنه مأخوذ من المكان لكن أجريت فيه الميم مجرى الحروف الأصلية كتمسكن وأصله جعل الشيء في مكان ثم استعمل في لازمه وهو الثبوت والتقوية والمكنة. وقوله: من الأعداء متعلق بخوفهم وهو بمقتضى البشرية ولذا قال الله: لنبيه ﷺ والله يعصمك من الناس وقرىء ليبدلنهم بالتخفيف من الإبدال. قوله: (عشر سنين) قيل إنه مخالف لما اشتهر من أنه ﷺ أقام بمكة ثلاث عشرة سنة وموافق لمن قال
عمره ﷺ ستون سنة فإنه بعث على رأس أربعين وأقام بالمدينة عشر سنين بلا خلاف (قلت) اختلفت الروايات في سنه ﷺ فقيل: ثلاث وستون وقيل: ستون والأوّل أصح وقد جمع بين الأقوال بأنها ستون وأشهر فمن قال: ستون لم يعد الكسور من زاد عدها وتفصيله في كتب الحديث. وقوله: فأظهرهم أي غلبهم عليهم. قوله:) وخلافة الخلفاء الراشدين) معطوف على صحة أو النبوّة والمآل واحد وهو ردّ على الرافضة والشيعة لأنه خطاب لمن في حضرة الرسالة وما وعد. الله امتنانا لا بد من صحته وقد وعد به جمع منهم ولا يلزم عموم الاستخلاف للمخاطبين بل وقوعه منهم كبنو فلأن قتلوا قتيلاَ فلا ينافي عموم الخطاب وكون من بيانية كما مرّ ولا ينافيه ما وقع في خلافه عثمان وعليّ رضي الله عنهما من الفتن فإنّ المراد أمنهم من أعداء الدين وهم الكفار كما سيأتي والموعود عليه الإيمان والعمل الصالح وكما له فيهم فإنّ وصفهم بهما يشعر بمدخليتهما في ذلك. وقوله: في الآخرة قيد للعذاب والأمن وخوفه في الدنيا. قوله: (حال من الذين) أي الأوّل بقرينة قوله لتقييد الوعد لأنهم هم الموعودون أو من ضميرهم. وقوله: بالثبات على التوحيد لأنّ ما في حيز الصلة من الإيمان والعمل الصالح بصيغة الماضي لما دل على أصل الاتصاف به جيء بقوله: يعبدونني المضارع الدال على الاستمرار التجذدي حالاً منه مقيد بلا يشركون بي شيثا مما يشرك به أو شيئاً من الإشراك فهو مفعول به أو مطلق. قوله: (أو استئناف) أي بيانيّ كأنه قيل ما لهم يستخلفون ويؤمنون فقيل يعبدونني كما في الكشاف وأورد عليه أنّ المقتضي قد بين حيث رتب الحكم على الموصول الدال على علية مضمون الصلة فلا وجه للاستئناف وليس هذا بشيء لأنّ علية الصلة للاستخلاف وعلية هذا لاستخلافهم في أمن الأعداء ومآله إلى تعليل الأمن فقوله: يؤمنون من الأمن لأمن الإيمان وهذا ناشىء من عدم التدبر فتدبر. قوله: (حال من الواو) أو من الذين أو بدل من الحال أو استئناف. وقوله تعالى: ﴿وَمَن كَفَرَ﴾ معطوف على جملة وعد أو على مقدر أي من آمن هم الفائزون ومن كفر الخ. وقوله: (ومن ارتدّ الخ) إشارة إلى أنه من الكفر أو الكفران ولا يتوهم أن يكون المرتد من الخلفاء لما من الله به عليهم من التمكين في الدين. قوله: (الكاملون في فسقهم) توجيه للحصر بأنه باعتبار الكمال. وقوله: (حيث ارتدّوا الخ الف ونشر لتفسير الكفر السابق. وقوله: في سائر ما أمركم به أي غير ما ذكر. وقوله: ولا يبعد الخ
فيه إشارة إلى جواز عدم العطف عليه فقيل هو حينئذ معطوف على يعبدونني ولا وجه له لأنه بعد تسليم الالتفات وجواز عطف الإنشاء على الخبر لا يناسب هذا كونه حالاً أو استئنافا فهو إمّا عطف كما ذكره على أطيعوا أو على مقدر كاعبدوا ولزوم عدم الوقف بينهما مع نقل خلافه ليس بشيء.


الصفحة التالية
Icon