في النار حياة فيكون إسناد الرؤية والزفير والتغيظ إليها حقيقة لأنّ الحياة غير مشروطة بالبنية عند أهل السنة مع أنّ ذلك الشرط محل نظر ليس هذا محل تفصيله. قوله: (لا تتراءى ناراهما) هو نهي للنار والمراد نهي صاحبها. وفي النهاية معناه يجب على المسلم أن يباعد منزله عن منزل المشرك ولا ينزل بمنزل إذا أوقدت نار فيه يراها الآخر فإسناد الرؤية إلى النار فيه ليس على حقيقته كما في الآية ولذا استشهد به إشارة إلى أنه تجوّز معروف كنار على علم كما أشار إليه. وجهنم مؤنث سماعي باعتبار البقعة وقوله: على المجاز إمّا بأن يجعل استعارة بالكناية بتشبيه النار بشخص أو هو تمثيل أو مجاز مرسل. وقوله: لا تتقاربان بيان لحاصل المعنى المتجوّز عنه وقوله: لأنه بمعنى النار وهو لف ونشر على تفسيري السعير وأوّل الحديث إنّ المؤمن والكافر ويجوز أن تكون لا نافية. قوله: (هو أقصى ما يمكن أن يرى منه) هو معنى البعد مع الرؤية وقوله صوت تغيظ الغيظ أشد الغضب والتغيظ هو إظهار الغيظ وقد يكون مع صوت كما
في هذه الآية قاله الراغب وإليه أشار المصنف. وقيل إنه أراد بالسماع مطلق الإدراك أو هو من قبيل متقلدا سيفا ورمحا فيقدر وأدركوا تغيظاً وزفيرا. قوله: (شبه صوت غليانها) على أنّ الاستعارة تصريحية أو مكنية أو تمثيلية كما يظهر بأدنى تأمّل والبنية الجسد واشتراطها بذلك ممنوع وأمّا كون نار الآخرة ذات بنية فمكابرة وقوله: على حذف المضاف أو الإسناد المجازي. وقوله: في مكان إشارة إلى أنه منصوب على الظرفية. وقوله: تقدم فصار حالاً قاعدة كلية. وهي أنّ كل جار ومجرور بعد نكرة فهو صفة فإذا تقدمت صارت حالاً. وجوّز بعضهم تعلقه بالقوا وقوله: لزيادة العذاب بيان لوجه ضيقه. والروح بالفتح الراحة وقوله: يتمنون الخ يعني المراد بالدعاء هنا النداء والنداء مجاز عن التمني فانه قد يستعمل له كما صرحوا به في نحو:
يا نسيم الشمال بلغ سلامي
لكن إذا كان التمني على ظاهره بان تمنوا الهلاك ليسلموا مما هو أشد منه كما قيل أشد
من الموت مما يتمنى معه الموت فظاهر. وان كان مجازا كما قرروه في قوله يا حسرتا على ما فرّطت فلا يخلو من إشكال غير كونه مجازا على المجاز فتأمّل. قوله: (فيقال) يعني أنه معمول لقول معطوف على ما قبله واضماره كثير جائز وقوله: لأنّ الخ يعني كثرته لتعداد أنواعه المتوالية وقوله: كل نوع الخ فالمراد بالثبور المهلك وان كان أصل معناه الهلاك فالحاصل أنّ كثرته بتوالي أنواعه وقوله: أو لأنه يتجدد إشارة إلى جواز اتحاده فكثرته باعتبار تجدد أفراده وقوله: أو لأنه لا ينقطع فكثرته كناية عن دوامه لأنّ الكثير شانه ذلك كما قيل في ضده وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة. وقيل المراد بكون كل نوع منها ثبوراً أنها محل وسبب للدعاء بالثبور أو الدعاء بألفاظ ثبور كثيرة كيالهفاه ويا حسرتاه. فوصف الثبور بالكثرة لكثرة الدعاء أو المدعوّ به وهو لا يناسب النظم ولا كلام المصنف رحمه الله لأنه كان الظاهر حينئذ أن يقال
دعاء كثيرا. قوله: (الإشارة) يعني بقوله. ذلك والمراد بالعذاب النار المذكورة قبله وإنما سماها عذابا لتذكير اسم الإشارة والدليل على إرادتها أنها هي التي تقابل جنة الخلد فلا وجه لما قيل إنّ الإشارة للسعير أو المكان الضيق مع أنّ المآل واحد والتفضيل في قوله خير ولا شك أنه لا خيرية في النار فكونه تهكماً وتوبيخا ظاهر. قوله: (أو إلى الكنز والجنة) في قولهم أو يلقي إليه كنز الخ بتأويل ما ذكر والعائد المحذوف تقديره وعدها لتعديه لمفعولين وقوله: واضافة الخ يعني مع أنّ نسبة الإضافة معلومة والمدح يكون بما هو معلوم فلا منافاة أو أنّ ذلك غير معلوم للكفرة فأضيف للدلالة عليه ولا يخدشه قوله خالدين بعده لأنه للدّلالة على خلود أهلها لا خلودها في نفسها وان تلازما أو هو لدفع احتمال أن يراد بها جنات الدنيا وقيل إنها علم كجنة عدن. قوله: (في علم الله الخ) تفسير للمضي بأنه باعتبار ما ذكر أو المراد أنها ستكون فهو وعد من أكوم اكرمين لكنه لتحققه فإنه لا يخلف الميعاد عبر عنه بالماضي على طريق الاستعارة ويجوز أن يكون هذا باعتبار تقدم وعده في كتبه وعلى لسان رسله عليهم الصلاة والسلام كقوله: ﴿مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ﴾. قوله: (بالوعد) أي بمقتضاه لا بالإيجاب. وقوله: ولا يمنع الخ جواب عن استدلال المعتزلة بهذه الآية على مذهبهم من وجوب الثواب لمن اتقى والعذاب لغيره لما فيها من لام الاختصاص وتقديم الجار والمجرور وجعل ذلك لمن اتصف بالتقوى


الصفحة التالية
Icon