من المفعول الثاني وأبي الزجاج أن تزاد إلا في الأوّل وصاحب النظم أن تزاد إلا في مفعول واحد وبنى المصنف رحمه الله كلامه على كلام الزجاج فجعلها تبعيضية ولا حاجة إليه لعمومها وإذا كانت من تبعيضية فلم نكر أولياء لأنّ المعنى ما صح للكفار أن يتخذونا من دونك بعض أوليائهم لكن لما كان القائلون هم الملائكة والأنبياء تعين أن يكون الباقي الجن والأصنام لأنّ المعبودين محصورون في هؤلاء وقال السجاوندي مفعول نتخذ من أولياء أي حسبة من أصفياء. والمعنى ما ينبغي لنا أن نحسب من بعض! من يصلح للولاية فضلاً عن الكل فإنّ الوليّ قد يكون معبودا ومالكا ومخدوما ويجوز على هذه القراءة أن يكون مما له مفعول واحد ومن دونك صلة ومن أولياء حالاً كما أنه على القراءة الأولى يجوز أن يكون مما له مفعولان الأوّل هذا بزيادة من والثاني من دونك وعلى ما ذكره يكون حالاً ليحرّر. قوله: (وعلى الأول مزيدة لتكيد النفي (لأنها يحسن زيادتها بعد النفي والمنفي كان لكن هذا معمول معمولها فينسحب النفي عليه واتخذا ما متعدّ لواحد أو لاثنين وقوله وآباءهم ذكر لأنّ له مدخلاً في الغفلة ولكن استدراك على ما يفهم مما قبله من إنا لم نضلهم. وقوله: عن ذكرك فالألف واللام للعهد أو بدل من الإضافة والذكر بمعناه المعروف أو المراد به التوحيد وعلى الأوّل ما بعده بمعنى التذكير لنعم الله وآيات ألوهيته وفي نسخة أو التدبر ولها وجه. قوله: (وهو نسبة للضلال إليهم) أي هذا القول ممن عبدوه فيه نسب الضلال إليهم لكسبهم له. وقوله: واسناد له أي للضلال والحامل الذي فعله الله تمتيعهم وهو ردّ على الزمخشريّ وغيره من المعتزلة المستدلين بهذه الآية على أنّ أفعال العباد مخلوقة لهم وانه لا يجوز إسناد خلق القبائح إليه تعالى ولذا لم يقولوا أنت أضللتهم وانه إذا أسند إليه فهو مجاز عن تمكينهم منه وخلق ما يحملهم عليه فيهم وأنّ تأثير هؤلاء من إسناده إليهم كيف يسند إليه تعالى وقد شنع الزمخشري عليهم بهذا فأشار إلى أنّ إسناده إليهم لكسبهم له. وخلق ما يحملهم عليه ليس مما لأهل السنة فيه نزاع ولم يتعرّض لردّ ما ذكره لأنه معلوم من مسألة الحسن والقبح وأنه فن حيث صدوره عنه ليس بقبيح فعلمه بالطريق الأولى ظاهرا البطلان فلا قصور في كلامه كما توهم وقوله فحملهم فاعله ضمير مستتر عائد على فعل. قوله: (وكانوا الخ) جملة حالية بتقدير قد أو معطوفة على مقدر أي كفروا وكانوا الخ أو على ما قبلها.
وقوله: في قضائك توجيه للمضي. وقوله: مصدر أي لبار بمعنى هلك توجيه لافراد. وهو خبر عن جمع ويؤيده راتق ما فتقت إذ أنابور والعوز بالعين المهملة والذال المعجمة جمع عائد وهي الحديث النتاح من الظباء والإبل والخيل. وقوله: التفات أي من الغيبة إلى الخطاب والفاء فجائية فصيحة أي فقلنا إن قلتم إنهم أضلونا إذ عبدناهم فقد كذبوكم الخ أو لا حاجة لتقدير القول إلا أنه لمجرّد التحسين كما قيل وتسيمة الفاء الفصيحة فجائية ذكره الزمخشريّ هنا ووجهه ظهر. قوله: (في قولكم الخ) إشارة إلى أنّ الباء ظرفية وما مصدرية والجار والمجرور متعلق بالفعل والقول بمعنى المقول ويجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف. وقوله: إنهم الخ مقول القول. وقوله: بدل من الضمير لأنّ كذب يتعدى بنفسه وبالباء أيضاً أو هي زائدة حينئذ وهو بدل اشتمال وقوله بقولهم الخ إشارة إلى أنّ ضمير يقولون على هذا للمعبودين وقد كان للعبد والباء على هذا للملابسة أو الاستعانة ثم إنه اعترض! ما قدره مقولاً للقول بأنه لا تعلق له بما بعده من عدم اسنطاعتهم الصرف والنصر ولا يخفى تعلقه به على القراءة الثانية لأنّ عدم استطاعتهم لذلك يتفرع على كذبهم وأمّا على الأولى فالتفريع على كونهم ليسوا بآلهة وعلى ما تضمنه وهو ظاهر فلا حاجة لتكثير السواد بمثله وقراءة ابن كثير في رواية عنه وجعل الضمير للمعبودين وقد جوّز فيه كونه للعابدين التفاتا. قوله: (دفعا) أصل الصرف رد الشيء من حالة إلى حالة أخرى فلذا اختار تفسيره الأوّل لأنه حقيقته وتسمية الحيلة به لأنها تؤذي إليه. وقيل: إنها تخصيص للمطلق دون قرينة فلذا ضعفه وقد تطلق على التوبة والفرية وبه فسر هنا أيضا. وقوله: فيعينكم الخ إشارة إلى أنّ الصرف قبل نزوله والنصر بعده وضمير يعينكم للناصر المفهوم منه أو للنصر على الإسناد المجازي وكونه جمع ناصر كصحب لا وجه له.


الصفحة التالية
Icon