وقوله فعول من الخذلان أي خذول والخذلان ترك المعاونة والنصرة وقت الحاجة.
قوله: (محمد يومئذ) أي المراد من الرسول نبينا ﷺ شرفه الله وعظمه وقوله: ذلك في الآخرة يوم يعض الظالم على يديه وأورد عليه إنه لو كان في الآخرة لما عدل عن سنن ما تقدّم وأجيب بأن القصد فيما تقدم إلى الاستمرار التجدّدي الذي اقتضاه المقام وليس مقصوداً هنا فعبر بالماضي الدال على تحقق الشهادة عليهم حينثذ ولا يخفى إن ما تقدم إخبار عما في الآخرة فهو مستقبل حقيقة ولا قرينة على إوادة الاستمرار قيه. واحتمال عطفه على قوله: وكان الشيطان على أنه من كلامه تعالى بعيد ولو قيل إنه عدل عنه لتحققه ومناسبته لما قبله لكفى فتامّل. قوله: (أو في الدفيا بثا إلى الله) وهو المناسب لما بعده من تسليته له وبنا هنا بمعنى شكو! ما يحزنه إلى الله أي يقوله للبث وهذا على الاحتمال الثاني ويحتمل أنه عليهما فالمقصود ذلك لعلم الله به. وقوله: وصدّوا عته أي تركوه من الصدود فهو من الهجر بالفتح لا من الصدّ والمعنى صدّوا الناس عنه لعدم مناسبته للسياق والظاهر أنهما وجه واحد لا اثنان والأوّل الترك بالكلية مع عدم القبول والثاني عدم الاشتغال مع القبول. وما ذكره من الحديث قال العراقي رحمه الله روي عن أبي هدية وهو كذاب. وقوله علق مصحفه أي طواه ورفعه على المعتاد وتعلقه به يحتمل إجراؤه على ظاهره لأنّ أحوال الآخرة لا يقاس عليها. ويحتمل إنه ئمثيل أو أنّ المراد الملائكة الموكلون به وهو أقرب. قوله: (أو هجروا الخ) يعني من الهجر بالضم على المشهور وهو الهذيان وفحش القول والدخل وهو على الحذف والإيصال أي مهجورا فيه وله معنيان لأنه إما بمعنى مدخولاً فيه كقولهم: إنه أساطير الأوّلين تعلمها من بعض أهل الكتاب أو أنهم كانوا إذا قرى رفعوا أصواتهم بالهذيان لثلا يسمع كقوله: لا تسمعوا لهذا القران وألغوا فيه كما هو مسطور في تفسيرها. أو هو مصدر بمعنى الهجر بالضم لا بالفتح كما ئوهم كالمعقول وأخره لقلته عند من أثبته وأقل منه كونه للنسبة كحجابا مستورا كما مر في سورة الإسراء فقوله: فيكون الخ أي على الاحتمالين الأخيرين وعلى الأوّل منهما الهاجر الكفار وعلى الثاني من أتى به على زعمهم الفاسد. قوله: (وفيه تخويف الخ) أي على القول الثاني وفي الاقتصار عليه هنا ما يشير إلى ترجيحه لما مر وكونه في الآخرة كما توهم لا وجه له وبه
يهندفع أنه ليس فيه فائدة الخبر ولا لازمها كما مر وكذا في القول الأوّل. قوله: (كما جعلناه) بيان لدخوله فيهم دخولاً أوّلياً وأنّ المراد تسليته ﷺ وأمره بالصبر لأنّ البلية إذا عمت طابت وقوله: وفيه دليل الخ لأنّ المراد بجعلهم عدوّاً جعل عداوتهم وخلقها وما ينشؤ منها فيهم لأجعل ذواتهم كما لا يخفى فهو إبطال لمذهب المعتزلة ويدخل فيهم آدم عليه الصلاة والسلام لدخول الشياطين وقابيل في المجرمين فلا حاجة إلى جعل الكلية بمعنى الكثرة كما قيل. وقوله: والعدوّ الخ لأنّ لبعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أعداء ولم يجعله مرادا لاحتمال تأويله فتأمّل. قوله: (إلى طريق قهرهم) قدّره لمناسبته لما بعده وما قبله وجعله بمعنى هادياً لمن آمن منهم ونصيرا على غيره كما قيل بعيد وقهرهم مصدر مضاف للمفعول وهاديا تمييز أو حال. قوله: (أنزل) فلا دلالة على التدريج وبهذه الآية استدل من قال نزل وأنزل بمعنى واعترض على قول المصنف رحمه الله بالفرق مينهما فيما مر وأنه معارض لما ذكره هنا وقد مر أنّ دلالته على ذلك عند الإطلاق ومقابلته بأفنرل وهو من القرائن الخارجية لا من الصيغة فلا تعارض بين كلاميه كما توهم. وجملة حال بمعنى دفعة وواحدة صفة عؤكدة له وقوله لئلا يناقض أي لو دل على التدريج. قوله: (كالكتب الثلانة) هي التوراة والإنجيل والزيور وهذا بناء على المشهور من أنها نزلت دفعة واحدة وقد قال في الإتقان إنه كاد أن يكون إجماعاً وذكر آثاراً وأحاديث مروية عن السلف كثيرة تد! ل عليه وقال رأيت بعض فضلاء العصر أنكره وقال إنه لا دليل عليه ثم بين خطأه فيه فلا عبرة بمن قال إنّ بعض العلماء ذكر في آخر سورة النساء إنّ التوراة أنزلت منجمة في ثماني عشرة سنة ويدل عليه نصوص التوراة ولا قاطع بخلافه من الكتاب والسنة والمراد بالذين كفروا أهل الكتاب وقيل المشركون. قوله: (وهو اعترأض الخ) أي قول الكفار لولا نزل الخ والطائل الفائدة وأورد على قوله: لأنّ الإعجاز


الصفحة التالية
Icon