ويدفع بأنه تعليل لعموم رسالته المفهوم من السياق وهو مخصوص به كما تقرّر فتدبر.
قوله: (فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد الخ) أي قصر الرسالة عليه نعمة جليلة ينبغي شكرها
وهو بمقابلتها بذلك لأنّ إعلاء كلمة الله لازم وليس في الوجود غيره حتى يقوم له بذلك فيلزم ما ذكر وهذا بيان لمحصل المعنى وتوطئة لقوله: ﴿فَلَا تُطِعِ﴾ الخ وبيان لترتبه عليه واقترانه بالفاء وليس في الكلام حذف وتقدير كما قيل حتى يرد أنّ فيه حذف العاطف والمعطوف ويتكلف لتوجيهه ما تكلفوه. وقوله: فيما يريدونك عليه في الأساس أراده على كذا إذا حمله عليه. وقوله: وهو تهييج أي تحريك لغيرته والا فإطاعته لهم غير متصوّرة حتى ينهى عنها وإذا خوطب بشيء تضمن خطاب أمّته فلذا قال وللمؤمنين. قوله: (بالقرآن أو بترك طاعتهم الخ) يعني أنّ ضمير به إمّا للقرآن أو للترك المفهوم من النهي والباء للاستعانة أو للملابسة. وقوله: والمعنى أي على الثاني يعني إنا عظمناك بجعلك مستقلاً بمسك الختام ليدخر لك حسن الجزاء فعليك بالمجاهدة والمصابرة ولا تعبا بما قابلوا به من الإباء والمشاجرة ومدار السورة على عموم بعثته لكافة الناس ولذا جعل براعة استهلالها تبارك الذي الخ وجوّز في الكشاف رجوعه إلى كونه نذيراً أي جاهدهم بسبب كونك نذيراً للكافة. قوله: (لأن مجاهدة الخ) بيان لكون ما ذكر جهادا كبر لأنه أشق والا لم فيه أشد لكونه روحانيا. وقوله: (فيما بين أظهرهم) خبر أن
وهو بيان لكونه أكبر أيضا ولم يحمله على الجهاد بالسيف لأنّ السورة مكية. وقوله: إلى كافة القرى فهم من قوله: ولو شئنا الخ واستعمل كافة معرفة غير منصوبة على الحال وقد منعه بعضهم والجواب عنه مذكور في شرحنا للدرة. قوله: (خلاهما بالشديد) أي تركهما والمرج وإن كان مطلق الاختلاط ومنه الهرج والمرج لكن ما ذكره يفهم مما بعده إذ لو اختلطا لم تبق الحلاوة فيه والإشارة إلى كل منهما على حدة دالة على ذلك أيضا ومرح الدابة إرسالها لترعى. وقوله: هذا عذب فرات الخ إمّا استئناف أو حال بتقدير مقولاً فيه والفرات الشديد العذوبة من فرته وهو مقلوب من رفته إذا كسره لأنه يكسر سورة العطش ويقمعها كما أشار إليه المصنف والأجاح ضده وهو الشديد الملوحة، وقوله: قرئ سلح بوزن حذر هي قراءة شاذة لطلحة ابن مصرف والحامل على القول بأنّ أصله مالح فخفف إنه لم يسمع ملح بمعنى مالح ولذا أنكر هذه القراءة أبو حاتم. وقوله: كبرد في بارد يشير إلى ما سمع عن العرب في قوله:
أصبح قلبي صرداً وصلياناً بردا
الخ إلا أنه قيل عليه إنّ الأحسن جعله لغة أصلية أو مخفف مليح لأنه ورد بمعنى مالح
لأنّ مالحاً أنكره بعض أهل اللغة وقال إنه عامي وان كان الصحيح أنه مسموع من العرب كما أثبته أهل اللغة وأنشدوا لإثباته شواهد كثيرة. قوله: (حاجزا من قدرثه) فهو كقوله: ﴿بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ يريد لا عمد لها. وإنما هي مرفوعة بقدرته كما مرّ. قوله. (وتنافرا بليغاً) بيان للمعنى المراد منه وهو التمييز التام وعدم الاختلاط وقد مر أنّ حجرا محجوراً كلام يقوله المستعيذ لما يخافه كما فصلناه ثمة فأشار المصنف إلى أنه مراد هنا لكن مجازا كما في قوله تعالى: ﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ﴾ [سورة الرحمن، الآية: ٢٠] فجعل كلا منهما في صورة الباغي على صاحبه المستعيذ منه وهي استعارة تمثيلية كما في تلك الآية وتقريرها كما في شروح الكشاف أنه شبه البحران بطائفتين متعاديتين يريد كل منهما البغي على الآخر لكنهما امتنعا من ذلك لمانع ق! ي مجبر فهي مصرّحة تمثيلية بولغ فيها هنا حيث جعل المعنى المستعار كاللفظ المقول لأنّ كلاً منهما يتعوّذ من صاحبه فانقلبت المصرحة مكنية ولذا كانت من أحسن الاستعارات فلما منعه لما فيه من الاختلاط شبه ذلك المنع بجعلهما قائلين هذا القول فعبر بأنه جعل بينهما هذه الكلمة عن ذلك وظاهر تقريرهم أنه لا تقدير فيه وقد جعل بعضهم على هذا حجراً محجورا منصوبا بقول مقدر ولا بعد فيه وجوّز فيه بعضهم أن يكون مجازاً مرسلاً فاطلق حجرا محجورا على ما يلزمه من التنافر البليغ وقال إنّ كلام المصنف يحتملهما. وقوله: كان الخ بيان للزوم أو للمشابهة وما قبله بيان لحاصل المعنى والمتعوّذ بصيغة الفاعل ولما فيه من معنى التباعد علق به قوله عنه أي عن الآخر فتدبر. قوله: (وقيل حدّا محدودا) فحجرا بمعنى منعا صار بمعنى مانع
فهو مجاز أيضاً والمعنى أنه منعهما عن الامتزاج حتى بعد دخول أحدهما في الآخر فقوله: وذلك إشارة إلى مزجهما


الصفحة التالية
Icon