ذكره الطحاوي في الآثار أنه كان قبل تحريم القمار فلا دليل فيه عندنا أيضاً، والقمار أخذ شيء على الرهان والمغالبة، وهو حرام وقوله في الحديث تصدق به سقط من بعض الروايات فإن قيل ما دليل جواز التصمدق بالحرام، وكيف يتصدق بما لا يملكه قلنا ذهب جماعة إلى أنه غير جائز لأنّ الله لا يقبل إلا الطيب وذهب بعضهم إلى جوازه كما في الأحياء، وفيه بحث لأنّ صاحبه معلوم ومثله يردّ عليه وان قيل إنه مال حربي لا يكون تصدّقا بالحرام، والذي في مذهبنا أنه لا يجوز التصدق به ما لم يختلط بغيره والمقصود إنما هو تفريغ ذمته كما في منظومة ابن وهبان. قوله: (وترئ غلبت بالفتح الخ) هي قراءة نصر بن عليّ كما ذكره الترمذيّ، وهو ثقة ولا يرد عليها اعتراض! الزجاج بأنها مخالفة للرواية ولما أجمع عليه القراء والتوفيق يين القراءتين أنها نزلت مرتين مرة بمكة غلبت بالضم، ومرّة يوم بدر بالفتح وتأويلها ما ذكر من أنّ المعنى أنّ الروم غلبوا على ريف الشام وسيغلبهم المؤمنون في بضع سنين، وأليه أشار المصنف رحمه الله بقوله ومعناه كما ذكره الطيبي، والريف بكسر الراء المهملة أرض فيها زرع وخصب قريبة من العمران، وقوله في السنة التاسعة من نزوله أي نزول هذه الآية مرّة ثانية ببدر كما مرّ وذكر الضمير لتأويله بالقرآن أو الخبر ونحوه من القول لكن لا يخفى أنه ليس في كلام المصنف ما يدل على ما ذكر في النزول وان فسره به بعضهم اعتماداً على ما نقلناه فالصواب أن يبقى نزوله على ظاهره ويراد غزوة مؤتة فإنه قريب من التاريخ المذكور من نزولها أولاً، ولا حاجة أيضا إلى تعدد النزول فإنه يجوز تخالف معنى القراءتين إذا لم يتناقضا وكون فريق غالباً ومغلوباً في زمانين غير متدافع فتأمّل. قوله: (وعلى هذا يكون إضافة الغلب إلى الفاعل) وقد كان مضافا للمفعول كما مرّ أو إلى نائب الفاعل إن كان مصدر المجهول وقد رجحه بعضهم بموافقته للنظم. قوله: (من قبل كونهم غالبين الخ) يعني أنه حذف فيه
المضاف، وقدر فبني الظرف على الضم لأنه من الغايات كما بينه النحاة إلا أنه على ما قدره المصنف يتغاير فيه المضافان وهو خلاف الظاهر فلو قدره من قبل هذه الحالة، وبعدها ليتحدا كان أوفق بالمعتاد وتقديم الخبر هنا للتخصيص، وقوله من غير تقدير مضاف إليه وهو المشهور لكنه ذكر السكاكي أنه مقدر فيه أيضا والتنوين عوض عنه، ويجوز كسره من غير تنوين أيضا كما قاله الفراء، وقال الزجاج إنه خطأ لأنه إمّا أن لا يقدر فيه الإضافة فينوّن أو يق! در فيبنى على الضم، وأمّا تقدير لفظه قياساً على قوله:
بين ذراعي وجبهة الأسد
فقياس مع الفارق لأنه ذكره بعده وما نحن فيه ليس كذلك وقد ذهب إلى قول الفراء ابن هشام في بعض كتبه وقوله أوّلاً وآخرا بالتنوين لأنه ظرف بمعنى قبل، وبعد ولو كان أفعل للتفضيل منع من الصرف وله تفصيل في محله، وقوله يغلب الروم بصيغة المعلوم. قوله: (من له كتاب) وهم الروم والمسلمون أمّا الأوّل فلوقوع غلبتهم واخبار النبيّ ﷺ بالوحي، وأمّا الثاني فلغلبتهم في رهانهم كما ذكره المصنف ومن مفعول نصر والتفاؤل تفاؤل المشركين بغلبة فارس لغلبتهم فإذا ظهر خلافه انقلب فألهم طيرة عليهم، ويومئذ متعلق بيفرح أو ينصر وبنصر متعلق بيفرح أو بالمؤمنين. قوله: (ولي بعض أعدائهم بعضاً) أي جعل بعضهم مشتغلاً بقتال بعض حتى تفانوا بالفاء والنون أي حصل لهم الفناء والهلاك كما قيل سعادة المرء ويمن طيره قتل عدوّه بسيف غيره، وقيل إنه بالغين المعجمة بمعنى كفاية المؤمنين، وهو بعيد جدا. قوله: (يثتقم الخ) ناظر إلى قوله العزيز، وقوله متفضل إلى قوله الرحيم ففيه لف ونشر، وقوله مؤكد لنفسه أي كقوله له عبى ألف اعترافاً، وقوله لأنّ الخ بيان للمؤكد لنفسه وهو ما وقع بعد جملة ئتضمن معناه كما في المثال المذكور وعامله محذوف وجوباً، وقوله لامتناع الكذب عليه بناء على أنّ الوعد خبر، وقد قيل إنه إنشاء. قوله: (وعده ولا صحة وعده) قدر مفعوله المحذوف ما ذكر لأنه المناسب للاستدراك، وان صح أنه ينزل منزلة اللازم أو يقدّر المفعول عاماً على أنّ
المعنى لا يعلمون شيئا، وليسوا من أولي العلم حتى يعلموا وعده أو صحته، وأمّا كونه المناسب لقوله الآتي إشعاراً بأنه لا فرق فسيأتي ما فيه، وقوله لا تخطر الآخرة