يقتضي صحة تلك النسخة، وأما الأخرى فمشكل لأن ظاهره مبني على ذلك الإعراب وهو غير مذكور في الكتاب فيحتاج إلى التوجيه بأن الإشارة إلى كونه اعتراضا، والضمير لمضمونه وفيه تأمّل. قوله:) وقرّر الخ) لأن الجملة المعترضة تفيد التقرير والتأكيد، وقوله فإن أم منقطعة فتقدر ببل، والهمزة الإنكارية وتفيد ما ذكر، وقوله المنزل من الله هو معنى قوله بل هو الحق من ربك وفيه نكتة ذكرها في الكشف وهي أنه أضاف الرب أوّلاً إلى العالمين، ثم إليه يك! م ثانيا تخلصا لإثبات نبوّته، واشارة لتعظيم شأنه بأنه الجامع لما فرق في العالم بأسره وارداً على أسلوب الترقي دالاً على أن جمعيته به أتم مما لكل العالم وحق له ذلك صلوات الله وسلامه عليه. قوله: (وبين المقصود من تنزيله الخ (الظاهر أنّ ما نافية كما أشار إليه المصنف بقوله إذ كانوا أهل الفترة لأنّ قريشا لم يبعث إليهم رسول قبله يك! برو على ما فصله شرّاح الكشاف، فمفعول تنذر الثاني محذوف تقديره العقاب وجملة ما أتاهم صفة قوما، وقد جوّز فيها الموصولية لأنّ أنذر يتعدّى لمفعولين كقوله: ﴿أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ [سورة فصلت، الآية: ١٣] فيوافق قوله وان من أمّة إلا خلا فيها نذير ويجوز أن تكون مصدرية كما ذكره المعرب، ولا يرد على المصنف أنه إذا لم يأتهم نذير لم تقم عليهم
الحجة حتى يحتاج إلى القول بأن العقل كفى به دليلاً على قاعدة الاعتزال كما في الكشاف لأنّ قيام الحجة وسطوع البرهان بإنذار سيد الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام كاف لما نحن فيه، وقوله الله الذي الآية مرّ الكلام عليها مفصلاً في الأعراف فلا وجه لتكراره هنا. قوله: (ما لكم إذا جاوزتم الخ) جواب عن أن الشفيع لا يطلق على الله، ولذا أنكر بعض السلف من قال له أستشفع بالله لك فكيف أطلق عليه هنا بأنه لم يرد بالشفيع الله بل غيره ومن دون للمجاوزة كما في قوله:
يا نفس ما لك دون الله من واقي
فمن دونه حال من مجرور لكم والعامل الجارّ والمجرور أو متعلقه أي ما استقرّ لكم مجاوزين الله ورضاه شفيع أي لا يمكن أن يوجد ناصر أو شفيع عنده لكم من الخلق فلا يلزم إطلاقه عليه تعالى، وان قلنا بأنه أطلق عليه فإنّ قوله مالك دون الله من واقي يقتضي أنه هو الواقي نإنما يمتغ بمعناه الحقيقي فإذا كان مجازاً عن الناصر فإن الشفيع ينصر من يشفع له فهو يطلق عليه تعالى، والحاصل أن الشفيع على الأوّل غير الله وعلى الثاني هو الله وإلى الثاني أشار بقوله أو ما لكم سواه الخ إشارة إلى أنّ دون بمعنى غير والجارّ والمجرور حال من شفيع قدم عليه لأنه نكرة والمعنى ما لكم وليّ ولا شفيع غير الله فيلزم إطلاقه عليه، وتوجيهه ما مرّ ويجوز على هذا أيضا كون من دون حالاً من المجرور كما في الوجه السابق بعينه، وقوله بمواعظ الله إشارة إلى أنه من التذكير بمعنى الوعظ. قوله تعالى: ( ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ﴾ ) الآية ذكر فيها المصنف رحمه الله وجوها ذكرها الزمخشريّ وحاصلها كما في بعض شروحه أن الأمر إما المأمور به أو الحال أو الشأن أو الوحي، فإن كان الأوّل فمعنى يدبر ينزله مدبراً من السماء إلى الأرض، وتعديته بمن والى لتضمينه النزول، وفي يوم متعلق بيعرج والمراد بالألف استطالة المدة لأنها نهاية العقود وهو الوجه الأوّل في الكشاف، وإن كان الثاني فقوله في يوم الخ إمّا أن يتعلق بيدبر أو بيعرح فإن كان الأوّل فالمعنى يدبر أمر الدنيا كلها من السماء إلى الأرض لكل يوم من أيام الله وهو ألف سنة على أن يدبر على حقيقته، والجاران من والى متعلقان بالأمر والألف على حقيقته ومعنى العروج الثبوت عنده وفي صحف ملائكته والتدبير لهذه المدة وان كان مرّة إلا أن العروج متكرّر لكل يوم إلى تمام ألف سنة ثم وثم إلى انقراض الدنيا وهو الوجه الثاني وإن كان الثاني فالمراد بالعروج الصيرورة إليه لا ليثبت في ديوان الملائكة بل ليحكم به والمراد بيوم كان مقداره الخ يوم القيامة، والظرف متعلق بيعرح وهو الوجه الرابع وتكرار التدبير في الوجهين من المضارع، وأما أن العروج في الأوّل منهما في كل وقت من أوقات هذه المدة
فلأن كتابة الملائكة لا تتأخر عن وجود الحوادث، وان كان الثالث فيدبر بمعنى ينزل كما في الأوّل والجاران متعلقان به للتضمين وفي يوم متعلق بالفعلين للتنازع، واليوم وقت إنزال الوحي مع جبريل عليه الصلاة والسلام، وعروجه معه أيضاً أي رجوع ما كان من قبول الوحي وردّه إليه، وهذا الوقت وان كان قصيرا إلا أنه قدّر بألف سنة لأن مسافته صعودا وهبوطا سير الناس، وهو الوجه الثالث