أنه لا يعزب عنه إلا ما هو عنده في أمّ الكتاب على نهج قوله:
ولا عيب فيهم غيرأن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
فيكون مؤكداً لعدم العزوب ويروى أيضاً بجرّ أصغر وأكبر وفيها إشكال مع جوابه في البحر والدر المصون. قوله: (علة لقوله لتأتينكم) ولم يجعله علة لقوله لا يعزب لأنّ علمه تعالى ليس لأجل الجزاء، وقد جوّزه أبو البقاء وجوّز أيضاً تعلقه بمتعلق في كتاب، وقوله بيان لما يقتضي إتيانها بالمثناة الفوقية والنون لأنّ المقتضى لمجيء الساعة جزاء المحسن والمسيء، ووقع في بعض النسخ إثباتها بالمثلثة والموحدة بعدها والمثناة الفوقية والمعنى أنّ الجزاء مقتض لإثبات الأشياء في علمه أو في اللوح فيكون مرتبطاً بجملة ما قبله، والأولى أولى. قوله: الا تعب الخ الأن الكريم من شأت أن لا يتعب من يحسن إليه، ولا يمن عليه فوصف بوصف صاحبه، وقوله والذين سعوا الخ جوّز فيه أن يكون مبتدأ وجملة أولئك الخ خبره وأن يعطف على الذين قبله أي ويجزي الذين سعوا ويكون جملة أولئك التي بعده مستأنفة، والتي قبله معترضة قيل وعلى هذا يحتمل مدلولهما أن يكون هو الثواب والعقاب وأن يكون غيره مما هو أعظم منه كدوام رضا الله وسخطه، وهو غير متوجه وكيف يتأتى حمله على رضوان الله وضحده وقد صرّح فيه بالمغفرة والرزق في مقابله بالعذاب وجعل الأوّل جزاء. قوله: (مثبطين) أي معوّقين ومانعين وتقدّم فيه كلام في سورة الحج وسيأتي في آخر هذه السورة، وقوله سيئ العذاب بناء على أنّ الرجز أشد العذاب فيكون قوله أليم صفة مؤكدة واذا كان مطلقه فهي مؤسسة وكون أليم بمعنى مؤلم تقدم ما فيه، واذا رفع أليم فهو صفة عذاب. قوله: (ويعلم) فرأى علمية لا بصرية، وشايعهم بمعنى تابعهم ووافقهم وقوله أو من مسلمي أهل الكتاب في الكشاف ويجوز أن يريد وليعلم من لم يؤمن من الأحبار أنه هو الحق فيزدادوا حسرة، وغماً وتركه المصنف قيل لأنّ وصفهم بأولى العلم يأباه لأنها صفة مادحة، وهو غير مسلم عنده كما أشار إليه بأنّ المراد ازدياد حسرتهم، وقد وصفوا بمثله كقوله:! تيناهم الكتاب} [سورة البقرة، الآية: ١٢١] فالظاهر أنه لمقابلته بقوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ والفرق بين الوجهين أنّ علمهم من النبيّ ﷺ على الأوّل دون الثاني وقوله من رفع الحق الخ يعني ومن نصبه جعله ضمير فصل. قوله: (وهو) أي يرى مرفوع بضمة مقدرة على آخره، وقوله مستأنف أي ابتداء كلام
غير معطوف على ما قبله، وقيل إنه عطف على قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ﴾ على معنى وقال الجهلة: لا ساعة وعلم أولوا العلم أنه الحق الذي نطق به الكتاب المنزل عليك بالحق، ولو فسر أولوا العلم على هذا بالأحبار الذين لم يؤمنوا لم يستقم المعنى، وأما على وجه النصب فصحيح لصلوحه تعليلا كما بينه، وقد جعل تكلفاً بعيدا لأنّ دلالة النظم إنما هي على الاهتمام بشأن القرآن لا غير وأنت خبير بأنّ ما قبله من قوله: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ﴾ [سورة مبأ، الآية: ٧] الخ في شأن الساعة ومنكري الحشر فكيف يكون ما ذكره بعيدا بسلامة الأمير فذكر حقية القرآن هنا بطريق الاستطراد، والمقصود بالذات حقية ما نطق به من أمر الساعة. قوله: (وقيل منصوب) أي يرى صنصوب بفتحة مقدرة فقوله والذين سعوا معطوف على الموصول الأوّل، أو مبتدأ والجملة معترضة فلا يضرّ الفصل كما توهم. قوله تعالى: ( ﴿وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ ) فيه وجوه أحدها أنه مستأنف وفاعله إمّا ضمير الذي أنزل أو الله فقوله العزيز الحميد التفات الثاني أنه معطوف على الحق بتقدير، وأنه يهدي الثالث أنه معطوف عليه عطف الفعل على الاسم كقوله صافات ويقبضن الرابع أنه حال بتقدير وهو يهدي وتخصيص الوصفين للتحريض على الرهبة والرغبة، وقوله الذي الخ تفسير للصراط. قوله: (قال بعضهم لبعض) بيان لحاصل المعنى لا لأنه من إسناد ما للبعض إلى الكل كما قيل وقوله يعنون محمدا عليه الصلاة والسلام والتعبير عنه برجل المنكر من باب التجاهل كأنهم لم يعرفوا منه إلا أنه رجل، وهو عندهم أشهر من الشمل:
وليس قولك من هذا بضائره والعرب تعرف من أنكرت والعجم
وقوله يحدّثكم بأعجب الأعاجيب كما قالوا:
حياة بعد موت ثم حشر حديث خرافة يا أم عمرو


الصفحة التالية
Icon