الصدق والكذب إمّا على ظاهره أو بمعنى الصادق والكاذب، وهذا هو الموافق لظاهر قوله وهو كل خبر الخ وقوله لأنّ الافتراء الخ إشارة إلى ما مز على أن كلام المجنون لا حكم فيه والمقسم إليهما الخبر هو ما اشتمل عليه فلا يضرّ خروجه كالإنشائيات والتصوّرات، وان نوقش فيه بأنّ مناط الصدق والكذب اشتماله على الحكم بحسب الظاهر (بقي ههنا بحث) وهو أنّ أم هنا تحتمل الاتصال والانقطاع عندهم لكن الطيبي قال إنّ الاستدلال والجواب مبنيّ على الاتصال، وهو مدخول من وجهين أحدهما أنّ الآية بقرينة السياق والسباق واردة في البعث لا في دعوى الرسالة، وثانيهما أن أم ظاهرة في الانقطاع لاختلاف الجملتين فعلية واسمية فالظاهر أنهم لما استهزؤوا به وبكلامه في الحشر وعقبوه بقولهم أفترى على الله كذبا أضربوا عنه ترقيا إلى ما هو أشنع كأنهم قالوا دعوا حديث الافتراء فإنّ هنا ما هو أطمّ لأنّ العاقل كيف يحدث بمثله وردّه في الكشف بأنها متصلة والعدول إلى الاسمية إشارة إلى أنّ الثابت هو ذلك الشق، والتفابل لأنّ المجنون لا افتراء له فالاستدلال على الانقطاع بتخالف العديلين ساقط، والترقي المذكور حاصل مع الاتصال أيضا ثم إنّ ابتناء الاستدلال على الاتصال غير مسلم فتأمّل. قوله: (رد من دلّه عليهم ترديدهم الخ) يعني أنّ الإضراب لإبطال ما قبله بقسميه مع إثباته لهم ما هو أقبح وأشد، ولذا وضع الذين لا يؤمنون موضع الضمير توبيخا لهم، وايماء إلى سبب الحكم بما بعده وفي عبارته ركاكة إذ كان الظاهر إضافة الإثبات لما وأفظع بالفاء والظاء المعجمة بمعنى أقبح وأشنع، وهو أظهر مما في بعض النسخ من أقطع بالقاف والطاء المهملة أي قاطه لبطلان القسمين ولا يخفى بعده، وان زعم
بعضهم أنه الملائم للمقام. قوله: (وهو الضلال الخ) الضمير راجع لما، وقوله من العذاب بيان لما هو مؤداه أي ما يؤدّي إليه الضلال وهو العذاب، وقوله وجعله رسيلا له أي قريناً له في الوقوع لأنّ الاقتران في النظم يناسب الاقتران في الوقوع، والاسمية الدالة على ثبوتهما ظاهرة فيه فلا يضرّ كون الواو لا دلالة لها على القران، وقوله للمبالغة لإشعاره بانهم في العذاب من وقت الضلال بل قبله لسرعة أدائه إليه ولتحقق استحقاقهم له، وقوله وصف الضلال به مبالغة لأنّ ضلالهم إذا كان بعيداً في نفسه فكيف بهم أنفسهم ففيه مبالغة أخرى. قوله: (وما يحتمل فيه) معطوف على ما يعاينونه، وضمير فيه لما يعاينونه أو لما يدل أي ذكرهم بمخلوقاته العظام الدالة على قدرته الكاملة ونبههم على ما يحتمل أن يقع فيها من الخسف، واسقاط الكسف وقوله إزاحة وتهديد ألف ونشر مرتب أي لما يعاين وما يحتمل، وإزاحة الاستحالة بكمال القدرة، وقوله جعلوه افتراء أي من النبيّ ﷺ وهزؤا أي منهم بما ذكره لهم وقوله والمعنى أعموا فلم ينظروا إشارة إلى أنّ الهمزة داخلة على مقدر هو المعطوف عليه كما هو مذهب النحاة، وينظروا تفسير ليروا لأنها بصرية لا علمية، ولذا لم يعد بنفسه وما أحاط بجوانبهم تفسير لما بين ايديهم، وما خلفهم وهذا ناظر لما يعاينونه، وقوله وأنا إن نشاء الخ إلى ما يحتمل، وقوله لقوله أفتري على الله لأنه من قبيل الغيبة فتلك القراءة على الالتفات وقوله بالتحريك قد مرّ أنّ الساكن إمّا جمع كسفة أو فعل بمعنى مفعول أو مخفف من المصدر. قوله: (النظر الخ) أي الإشارة لمصدر يروا وذكر لتأويله بالنظر وعطف عليه التفكر لأنه المراد من النظر، وقوله ما يدلآن عليه معطوف على النظر لا على الضمير المجرور من غير إعادة الجار لضعفه وضمير يدلان للنظر والتفكر أو للسماء والأرض!، وقوله فإنه يكون لخ بيان لوجه تخصيص المنيب بالذكر، وقوله منا أي بغير واسطة. قوله: (اي على سائر الأنبياء الخ) فالفضل بمعنى الزيادة وهو المتعدي بعلى بخلاف الذي بمعنى التفضل والإحسان فالمفضل عليه على
الأوّل إما سائر الأنبياء السابقين عليه أو أنبياء بني إسرائيل، أو ما عدا نبينا ﷺ لأنه ما من فضيلة في أحد من الأنبياء إلا وقد أوتي مثلها بالفعل، أو مكن منها فلم يختر إظهارها ولا مانع من إبقائه على ظاهره إذ قد يكون في المفضول ما ليس في غيره، وقد انفرد بما ذكر هنا. قوله: (أو على سائر الناس الخ) قيل عليه إن أريد إن كلاً منها فضل لا يوجد في سائر الناس فعدم مثل ملكه وصوته محل شبهة، وان أريد المجموع من حيث هو ففيه أنه غير موجود في الأنبياء أيضاً فلا وجه لتخصيصه بالثاني، وأما كونه يندرح فيه على الأوّل ما سوى النبوّة كما


الصفحة التالية
Icon