قوله: (والضمير له) أي للمنقوص عمره لا للمعمر كما في الوجه السابق وهو وإن لم يصرّح به في حكم المذكور كما قيل:
وبضدها تتبين الأشياء
قيعود الضمير على ما علم من السياق. قوله: (أو للمعمر على التسامح الخ) فهو كقولهم
له عليّ درهم ونصفه أي نصف درهم آخر فيعود الضمير إلى نظير المذكور لا إلى عينه كما جوّزه ابن مالك في التسهيل، وان قال ابن الصائغ، هو خطأ لأنّ المراد مثل نصفه فالضمير عائد إلى ما قبله حقيقة لأنه مناقشة في المثال وليس المراد بالمعمر أو ضميره، من من شأنه أن يعمر لأنه لو كان كذلك عاد الضمير عليه بعد التجوّز وليس بمراد، ومحصل كلامهم هنا أنه اختلف في معنى معمر فقيل المزاد عمره بدليل ما يقابله من قوله ينقص الخ، وقيل من يجعل له عمر وهل هو واحد أو شخصان فعلى الثاني هو شخص واحد قالوا مثلاَ يكتب عمره مائة ثم يكتب تحته مضى يوم مضى يومان وهكذا فكتابة الأصل هي التعمير والكتابة بعد ذلك هو النقص كما قيل:
حياتك أنفاس تعدفكلما مضى نفس منها انتقصت به جزأ
والضمير في عمره حينئذ راجع إلى المذكور والمعمر هو الذي جعل الله له عمرا طال أو
قصر وعلى القول الأوّل هو شخصان والمعمر الذي يزيد في عمره، والضمير حينئذ راجع إلى معمر آخر إذ لا يكون المزيد من عمره منقوصاً من عمره، وهذا قول الفرّاء وبعض النحويين وهو استخدام أو شبيه به وقد قيل عليه هب أنّ المعمر الثاني غير الأوّل أليس تد نسب النقص في المعمر إلى المعمر كما قلتم هو الذي زيد في عمره وأجيب بأن الأصل حينئذ وما يعمر من أحد فسمي معمراً باعتبار ما يؤول إليه وعاد الضمير باعتبار الأصل المحوّل عنه ومن العجيب ما قيل هنا إنّ السر المقدّر له عمر طويل وهو يجوز فيه أني بلغ فيه حدّ ذلك العمر وأن لا يبلغه، ولا يلزمه تغيير ما قدر له لأنّ المقدر أنفاس معدودة لا أيام محدودة وعدّه سرا دقيقاً وهو مما لا يعوّل عل! يه عاقل ولم يقل به أحد غير بعض جهلة الهنود مع أنه مخالف لما ورد في الحديث الصحيح من قول النبي ﷺ لأم حبيبة رضي الله عنها وقد دعت بطول عمر سألت
الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وقد أطال المحشي فيه وفي وده وهو غنيّ عنه وليس هذا من قبيل ضيق فم الركية كما قيل فتدبر. قوله: (لا يثيب الله عبدا ولا يعاقبه) هو مثال بناء على ما يتبادر منه من أنّ المراد يعاقب عبدا- آخر فلا يقال إنه لا يوافق مذهب أهل الحق ويتمحل للجواب عنه فإنّ المناقثة في المثال ليست من دأب المحصلين. قوله: (وقيل الريادة والنقصان الخ) فيكون المعمر والمتقص من عمره شخصاً واحدا بناء على ما ورد في الأحاديث من زيادة العمر ببعض الأعمال الصالحة كقوله: " الصدقة تزيد في العمر) فيجوز أن يكون أحد معمراً إذا عمل عملاَ وينقص من عمره إذا لم يعمله وهذا لا يلزم منه تغيير التقدير لأنه في تقديره تعالى معلق أيضاً، وإن كان ما في علمه الأزلي وقضائه المبرم لا محو فيه ولا إثبات وهذا ما عرف عن السلف، ولذا جاز لادعاء بطول العمر، وقال كعب (١٢ لو أنّ عمر رضي الله عنه دعا الله أخر أجله. قوله: (وقيل المراد يالنقصان ما يمرّ من عمره الخ) فما يعمر المعمر جملة عمر. وما ينقص منه ما مضى منه، وقوله على البناء للفاعل أي بفتح الياء وضم القاف وفاعله ضمير المعمر، أو عمره ومن زائدة في الفاعل وإن كان متعدّيا جاز كونه لله، وقوله علم الله هو على الأوّل من وجوه النقص والزيادة ويجوز في الأخير أيضاً وما بعده على الأخيرين فتدبر، وقوله إشارة إلى الحفظ أي المفهوم من كونه في الكتاب والزيادة والنقص مفهومان من فعليهما. قوله: (ضرب مثل الخ) هذا هو المشهور رواية ودراية، وما قيل الأظهر إنه لبيان كمال القدرة العلية فلا يتكلف لتوجيه ما بعده ليس بشيء فترك لأجله ما في هذا من محاسن البلاغة وكسر العطش إزالته، وقوله يحرق أي يؤذي شاربه، وسيغ صفة مشبهة وملح كحذر كذلك وليس بمقصود من مالح لأنه لغة رديئة وان قيل به. قوله: (استطراد الخ) جواب عن سؤال مقدر، وهو أنه لا يناسب ذكر منافع البحر الملح وقد شبه به الكافر ولا دخل له في عدم الاستواء بل
ربما يشعر به بوجوه أحدها أنه ذكر على طريق الاسنطراد لا على طريق القصد، وليس هذا الجواب بقوي وأصل معنى الاستطراد أنّ الصائد يكون يعد وخلف صيد فيعرض له صيدآخر فيترك الأوّل ويذهب خلف الثاني فاستعير للانتقال من كلام إلى آخر يناسبه. قوله: (أو تمام التمثيل الخ) يعني أنه من جملة التمثيل