كونهما من التزكي أمر معلوم فإذا بين عود نفعهما على من قاما به كان ذلك داعيا لهما وحثا عليهما، وما قيل من أنّ المعنى أنه تاكيد لوجوبهما أو نفعهما لا وجه له والاعتراض هنا سالم من الاعتراض فمن قال إنه ليس اعتراضاً نحوياً لعدم تعلق ما بعده بما قبله لم يصب، وقوله وما يستوي معطوف على قوله أوّلاً وما يستوي. قوله: (الكافر والمؤمن الخ) على أنه ضرب مثلاَ لهما كالبحرين فهو بجملته استعارة تمثيلية أو في الأعمى والبصير استعارة مصرحة، وقوله وقيل الخ فيكون من تتمة قوله ذلكم الله الآية وهو أيضاف استعارة تمثيلية والمعنى لا يستوي الله مع ما عبدتم، أو الأعمى عبارة عن الصنم على أنه اسنعارة أو من استعمال المقيد في المطلق فالبصير على حقيقته. قوله: (ولا الثواب) وقدّم الظل ليكون مع ما قبله على نمط واحد فإنّ العمي والظلمة والظل متناسبة أو لسبق الرحمة كما مرّ مع ما فيه من رعاية الفاصلة، وقوله وتكريرها على الشقين أي في النور والحرور والظل لمزيد التأكيد فإنّ أصله حصل بتصديرهما بالنفي وأما ترك ذلك في الأول فلأن قوله الأحياء والأموات لما كان بمعناه اكتفى بالتكرار فيه عن التكرار فيه، وقيل كرّرت فيما فيه تضادّ والأعمى والبصير لا تضادّ بين ذاتيهما فإنّ الشخص بصير أعمى بعدما كان بصيرا، وإن تضادّ وصفاهما وقيل لأنّ المخاطب في أوّل الكلام لا يقصر في فهم المرام وقيل وقيل وفي هذا كفاية. قوله: (غلب على السموم) بعدما كان بمعنى الشديد الحرارة مطلقاً، وقيل السموم الخ وقيل الحرور بالليل والنهار وقوله ولذلك كرر الفعل إشارة إلى أنه مقصود بالتمثيل وجمع لذلك، وقوله وقيل للعلماء والجهلاء فإنّ الموت والحياة كثيرا ما يستعار لهما كما قيل:
لايعجبن الجهول بزته فذاك ميت لباسه كفنه
وقوله يسمع المراد به سماع تدبر وقبول. قوله: (محقين أو محقاً) يعني أنّ بالحق حال
إما من فاعل أرسلنا أو من مفعوله أو هو صفة لمصدره والباء للمصاحبة، وقوله صلة أي للأوّل
وحذفت صلة الثاني ولوضوحه أجمله. قوله: (ينذو عنه) أي عن الله، وقوله والاكتفاء الخ يعني أنه في الأصل نذير وبشير فاكتفى بتقديره إيجازاً لما ذكر أو المراد أنه اقتصر على هذا، وترك الآخر رأساً من غير تقدير وقيل خص بالذكر لأنّ البشارة لا تكون إلا بالسمع فهو من خصائص الأنبياء فالبشير نبي أو ناقل عنه بخلاف النذارة فإنها تكون سمعا وعقلاً فلذا وجد النذير في كل أمة، وردّ بأن الحسن والقبح شرعيان عند أهل الحق فالإنذار كالأبشار لا يكون إلا سمعا ولو سلم فالإبشار يوجد أيضاً بالعقل كإثبات الفلاسفة اللذة الروحانية بعد الموت، ورد بأن ما ذكر مبني على ما ذهب إليه الحنفية من أن لبعض الأشياء جهات حسن يدركها العقل كالإيمان بالله فبإدراكه يستحق العقاب كيلا يلزم الدور كما تقرّر في الأصول فلا ورود لما ذكره وهذا كله لا محصل له وكدر العين من أول مجراها ولولا التزام ما قيل وقال كان ترك هذا عين الكمال. قوله: (ولآن الإنذار الخ) وجه آخر للاقتصار وبه يندفع عن الأوّل أنه لم أكتفي بهذا دون ذاك مع حصول الإيجاز بالعكس، وقوله على إرادة التفصيل يعني ليس المراد أن كل رسول جاء بجميع ما ذكر حتى يلزم أن يكون لكل رسول كتاب وعدد الرسل أكثر بكثير من الكتب كما هو معروف، بل المراد أن بعضهم جاء بهذا وبعضهم جاء بهذا ولا ينافي جمع بعضها لبعض آخر كالكتاب مع المعجزة مثلاً ومآله لمنع الخلو منها، وقوله ويجوز أن يراد الخ أي بالزبر والكتاب على إرادة الجنس فيهما وعبر بيجوز إشارة لبعده والوصفين زبر وكتاب بمعنى مزبور ومكتوب، وقوله إنكاري بالعقوبة مرّ تفسير. وتفصيله في سورة سبأ. قوله: (أجناسها وأصنافها الخ) فسر الألوان بوجهين الأنواع كما يقال جاء بألوان من الطعام فاختلافها تعدد أصنافها، وقوله كلا لإحاطة الأنواع أي كل نوع منها كالكمثري له أصناف متغايرة لذة وهيئة كما يرى في بعض ثمار الدنيا، ويجوز أن يراد الإفراد، وقوله أو هيئاتها الخ على أن يراد بالألوان معناها المعروف المدرك بالبصر وهذا أيضاً في الأنواع أو الأفراد. قوله تعالى: ( ﴿وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ﴾ ) إما معطوف على ما قبله بحسب المعنى أو حال، وكونه استئنافاً مع ارتباطه بما قبله غير ظاهر، وقوله ذو جدد بضم الجيم وفتح الدال، وهي القراءة المشهورة جمع جدّة بالضم وهي الطريقة
من جده إذا قطعه وقال