رحم الله الخ وأصاب إذ لم يجعله حديثاً فانّ الحديث كما في الصحيحين وغيرهما إنه ﷺ قال: " رحم الله المحلقين قالوا
والمقصرين يا رسول الله قال والمقصربن " وهو عطف تلقين بالواو ولا شاهد فيه فاعتراض الطيبي رحمه الله لا يرد عليه لكنه وارد على المصنف. قوله: (على ما هو المألوف الخ) من تثيد ما يهتم به بتقديم القسم ونحوه، وهو دفع لما مرّ من أنه كلام مع منكر مكذب فلا فائدة في القسم، ثم أشار إلى أنّ عدم فائدة القسم إنما تكون إذا لم يذكر برهانه وما يحققه، وهو قد ذكر بقوله: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ الخ وأما ما قيل من أنّ الصانع ووحدته قد تثبت بالدليل النقلي بعد ثبوت ذلك بالعقل ففائدة القسم ظاهرة هنا فغير تام هنا لأنّ الكلام مع من لا يعترف بالتوحيد. قوله: (فإنّ وجودها الخ) قد مرّ من المصنف مثله في سورة البقرة ويرد عليه أنه مبني على وجوب الأصلح كقوله في الإحياء ليس في الإمكان أبدع مما كان، وقد شنع عليه كثيرون فيه بأنه مخالف للمذهب الحق من أنّ قدرته تعالى لا تتناهى، وأنه قادر على أن يوجد عالما آخر أحسن وأكمل من هذا العالم وقد صنف فيه عدة رسائل، والجواب عنه ما قاله الآمدي في كتابه غاية المرام في علم الكلام إنّ ما علم الله سبحانه وتعالى إنه لا يكون منه ما هو ممتنع لذاته كالجمع بين النقيضين ومنه ما هو ممتنع متعلق علم الله بعدم وجود مع إمكانه في ذاته والقدرة من حيث هي قدرة تتعلق به، ولا معنى لكونه مقدوراً غير هذا فيطلق عليه مقدور وممكن بهذا الاعتبار فإن أطلق عليه أنه غير مقدوراً وممكن لأمر خارج وهو مخالفة علمه تعالى فلا محذور فيه، ولذا قيل:
وليس في ليس في الإمكان ما فهموا وإنما هو في التحقيق تخييل
وفي كلام المصنف إشارة إليه ٠ قوله: (مع إمكان غيره) قد عرفت أنه لا بدّ من هذا ليوافق المذهب الحق فما قيل إنه لا حاجة إليه إذ يكفي إمكان نفسه إنما الحاجة إليه في إثبات صفة الإرادة غفلة مع أنه ردّ بأنه لا بد منه في إثبات التوحيد فإنّ هذا الوجه ا! مل إذا كان واجباً لا ينتهض ما ذكره المتكلمون في برهان التمانع لإثباته دليلا عليه إذ يقال المانع من تعلق قدرة الآخر، وارادته بغير هذا الوجه هو عدم إمكانه. قوله: (دليل على وجود الصانع) ذكره توطئة لقوله وحدته إذ التوحد مستلزم للوجود فلا وجه لما قيل من أته لا وجه لذكره إذ ليس الكلام فيه لقوله لواحد. قوله: (ورث بدل من واحد) فهو المقصود إلى أنه هو الرب الذي لا
يشاركه غيره، واذا كان خبر محذوف فهو مرفوع على المدح. قوله:) فيدل على أنها من خلقه (ردّ على المعتزلة في خلق أفعال العباد قيل ووجها لدلالة خفي إذ لا يلزم من التربية الخلق وهو غير موجه لأنّ الرب كما يكون بمعنى المربي والسيد والمالك يكون بمعنى الخالق، واضافته للسموات تعينه وهو المراد فتأمّل. قوله: (مشارق الكواكب) هو المناسب لقوله إنا زينا الخ وقوله وهي ثلثمائة وستون هو بتنزيل الأكثر منزلة الكل وعدم اعتبار الكسور إذ السنة الشمسية تزيد على ذلك بنحو ستة، وقوله ولذلك اكتفى الخ هو جار على تفسيره بالكواكب أيضاً وفي قوله زينا إشارة إليه فلا يتوهم أنّ الاكتفاء يحصل بالعكس، وهو الاقتصار على المغارب كما أشار إليه بقوله مع أنّ الشروق الخ، وما قيل عليه إنه حينئذ تتمة لما قبله لأنه لا يتم بدونه لا وجه مستقل وأسلوب التحرير يأباه وقوله وبحسبها الدال على أصالتها يكفي وجها لعدم العكس فالوجه إنه جواب آخر مستقل كما فعله الإمام لأنّ الشروق لدلالته على أتم قدرة وأبلغ نعمة ينبغي الاكتفاء به غير متجه لأنّ مجرّد هذه الدلالة بدون الاستلزام غير كافية فجعل المجموع، وجا واحداً أتم والإباء المذكور ممنوع، قال الإمام: ولهذه الدقيقة استدل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالشروق حيث قال فإنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فتأمّل. قوله: (وما قيل الخ) فيكون على النصف من الأوّل فإنّ مشارقها من رأس السرطان إلى رأس الجدي متحدة معها من رأس الجدي إلى رأس السرطان بعد الاعتدالين فإن اعتبر ما كانت عليه وما عادت إليه واحداً كانت مائة وثمانين، وان نظر إلى تغايرهما كانت ثلثمائة وستين فأوقاتها من أوّل الصيف إلى أوّل الشتاء، ثم من أوّل الشتاء إلى أوّل الصيف فلك أن تنظر إلى الاتحاد والتغاير