الضمائر، ويحتاج إلى تكلف لأنّ عدم جزائهم بمثل العمل بمعنى الزيادة والمضاعفة أبعد وأبعد، وأمّ كون المنقطع لا بد فيه من هذا التأويل أيضاً فغير مسلم لأنّ إلا مؤوّلة بلكن وما بعد المستثنى كخبرها كما ذكره النحاة فيصير التقدير لكن عباد الله المخلصين لهم رزق وفواكه، الخ فلا حاجة لتكلف مثله ولا لتكلف أنّ الإخراج من مماثلة الشيء بالشيء فينتفي عنهم، ويثبت جراء الحسن بالحسن والأحسن كما قيل، وفي شروح التأويلات للسمرقندي أن الاستثناء محتمل أن يكون من قوله: ﴿لَذَائِقُو الْعَذَابِ﴾ فيكون الاستثناء حيمئذ حقيقة، ويحتمل أن يكون من تجزون على أنّ ما كنتم تعملون بتقدير بما كنتم تعملون فالاستثناء لأنهم لا يجزون بما كانوا يعملون بل يعطون النعم تفضلاً منه تعالى لأنّ عبادتهم لا تؤدي شكر ما أنعم به عليهم في الدنيا، وجزاء الكفرة في مقابلة العمل ومقدّر بقدره، ولا يحتمل العفو والإسقاط بمقتضى الحكمة انتهى. قوله: (خصائصه من الدوام الخ) جواب عن سؤال صرح به السمرقندي بأنّ الرزق لا يكون معلوما إلا إذا كان مقدراً بمقدار لأنّ ما لا يتعين مقدأره لا يكون معلوما، وقد قيل في آية أخرى يرزقون
فيها بغير حساب، وما لا يدخل تحت الحساب لا يحد ولا يقدّر فلذا جعل معلوميته باعتبار وصفه، وخصائصه المعلومة لهم من آيات أخر كقوله غير مقطوعة ولا ممنوعة ونحوه فلا ينافي ما في الآيات الأخر، وقوله من الدوام الخ لم يرد به حصر الخصائص فيما ذكر وقد ذكر فيه في الكشاف، وغيره وجوها أخر ككونه معلوم الوقت لقوله: ﴿بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [سورة مريم، الآية: ١٦٢ وقول قتادة المعلوم الجنة يأباه قوله في جنات وان كان المعنى على أن الجنة معينة لهم، وهم مكرمون فيها بإقامة الظاهر مقام الضمير لأنّ جعلها مقرّ المرزوقين لا يلائم جعلها رزقا أما إذا كان للرزق فهو ظاهر الإباء كما في الكشف وكون المساكن رزقا للساكن فإذا اختلف العنوان لم يكن به بأس لا يدفعه كما توهم. قوله:) أو تمحض اللذة) في بعض النسخ عطفه بالواو، وقوله ولذلك فسره بقوله فواكه إشارة إلى أنه عطف بيان وعلى غيره هو بدل كل أو بعض أو خبر مبتدأ محذوف والجملة مستأنفة، وقوله محفوظة عن التحلل أي التحلل في البدن المحتاج لبدل فلا ينافي ما ورد في الحديث من إنه يتحلل بعض فضلات الغذاء بعرق طيب الرائحة فإنه الاحتياج إلى التقوت ليحصل من كيموسه بدل عما تحلله الحرارة الغريزية من أجزاء البدن كما ذكر. الأطباء وهو دفع لما يتوهم من منافاته لقوله: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ﴾ [سورة الواقعة، الآية: ٢١] لأنّ المراد بالفاكهة ثمة المعروفة وهنا ما يتلذذ به مطلقا. قوله: (كما عليه وزق الدنيا) من الكد والكسب، وقوله ليس فيها إلا النعيم إشارة إلى أنّ الإضافة على معنى لام الاختصاص المفيدة للحصر، وقد مرّ في ألم السجدة أن المراد في نعيم الجنات ومرّ ما فيه. قوله: (وهو ظرف القوله مكرمون أو معلوم ولذا لم يعين متعلقه، وقوله خبر ثان إشارة إلى أنّ قوله لهم رزق معلوم خبر أوّل ويجوز كونه خبرهم أيضا، وقوله يحتمل الحال أي من المستتر في مكرمون أو في جنات النعيم وكدّا قوله فيكون متقابلين حالاً أي من المستتر الخبر أو في قوله على سرر على احتماليه. قوله: (بإناء فيه خمر) إشارة إلى ما ذكره أهل اللغة من أنها لا تسمى كأسا حقيقة إلا وفيها شراب فإن خلت منه فهو قدج، وقوله أو خمر مجازا من إطلاق المحل على الحال فيه لكنه مجاز مشهور بمنزلة الحقيقة، وقوله وكأس الخ يشير إلى قول الأعشى من قصيدة له مشهورة:
وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منهابها
لكي يعلم الناس أني امرؤ أتيت اللذاذة من بابها
يعني ورب كاس شربتها لألتذ بسكرها وأخرى لأداوي بها خمار الأولى وكسلها كما
قال:
كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
فقوله شربت قرينة على أنه أراد بالكأس الخمر الذي فيها لأنّ تقدير شربت ما فيها تكلف
كما أن بيان الكأس بقوله من معين هنا قرينة على ذلك. قوله: (ظاهر للعيون) جار على وجه الأرض! كما تجري الأنهار، أو خارج من العيون جمع عين وهو المنبع لأنها تطلق عليه، وعلى ما يخرج منه فهو كقوله وأنهار من خمر ومعين كمعيب أصله معيون من عان أو هو من معن فهو فعيل إذا ظهر أو نبع، وقوله وصف به الخ إشارة إلى أنه استعارة وانه في الأصل اسم مفعول أو صفة بوزن فعيل. قوله: (لأنها تجري كالماء)


الصفحة التالية
Icon