المقصود من قصور النظر لأن معنى تعليل الإحسان بالإيمان بيان
لحاصل المعنى والأصل تعليل كونه محسنا بكونه من العباد الموصوفين بالإيمان، وليس المقصود هنا من إحسانه مجرّد إيمانه بل ما ينبني عليه فعدل عن المقصود لهذا ما ذكره من أصالته لأنه أساس لكل خير يوجد، ومركز لدائرته ومسك خاتمته. قوله: (ثم أغرقنا الخ) ثم للتراخي الذكري إذ بقاء ذريته وما معه متأخر عن الإغراق، وقوله شايعه أي تابعه، وقوله في الإيمان وأصول الشريعة لأنّ الظاهر أنّ كلا منهما صاحب شريعة مستقلة، وهذا المقدار متيقن وأصول الشريعة العقائد أو توانينها الكلبة من إجراء الأوامر الإلهية وفيه وجوه أخر كالتصلب في الدين وقوّة الصبر، وقوله ولا يبعد الخ وجه آخر إذ لم ينقل اختلاف بينهما أو المراد في غالبها فيعطي للأكثر حكم الكل، وقوله ألفان وستمائة الخ هو رواية وفيه أقوال أخر. قوله: (متعلق بما في الشيعة من معنى المشايعة الخ) إن أراد أنه جامد لا يتعلق به شيء لكنه لما فيه من معنى الوصفية جاز تعلقه به ورد عليه ما قيل إنه يلزمه عمل في ما قبل لام الابتداء فيما بعدها، والفصل بين العامل ومعموله بأجنبي فيجاب بأنه لا مانع منه لتوسعهم في الظروف، وان أراد تعلقه بمقدّر يدل عليه ما ذكر كأنه قيل منى شايعه فقيل شايعه إذ الخ لم يرد عليه شيء لكن ظاهر الكلام الأوّل لجعله مقابلاً للحذف. قوله: (من آفات القلوب) وفي نسخة الذنوب والأولى أصح وأكثر فسليم على هذا سالم من جميع الآفات وآفاتها فساد العقائد والنيات السيئة والضمائر القبيحة ونحوه، أو سالم من العلائق الدنيوية يعني ليس فيه شيء من محبتها والركون إليها والى أهلها فهو دائما مشغول بمحبة الله ومشاهدة عوارفه ومعارفه، ولذا فسره بقوله خالص لله أي متمحض لجنابة كما قيل:
تملك بعض حبك كل قلبي فإن ترد الزيادة هات قلبا
وهذا مقام الخلة فليس! فيه جمع بين معنيي المشترك على مذهبه كما توهم. قوله: (أو مخلص له) يحتمل أن يكون بفتح اللام بزنة اسم المفعول بمعنى أنه أخلصه لله، أو بكسرها اسم فاعل من أخلص المنزلة منزلة اللازم أي ذا إخلاص فلا يلزم كون القلب مخلصا لنفسه كما قيل. قوله: (حزين) فيكون استعارة من السليم بمعنى الملدوغ من حية أو عقرب فإنّ المعنى سمته سليما تفاؤلاً بسلامتة، وصار حقيقة فيه يقال لدغنه الهموم، وهو وجه لطيف لكن الأوّل أنسب بالمقام فلذا أخر هذا. قوله: (ومعنى المجيء به الخ) يعني كان الظاهر جاء ربه
سليم القلب فلم عدل عنه إلى ما في النظم، وفي الكشاف معناه أخلص لله قلبه وعرف ذلك منه فضرب المجيء مثلاً لذلك، اهـ وفي المطلع معنى مجيئه ربه أنه أخلص لله قلبه، وعرف ذلك منه معرفة الغائب وأحواله بمجيئه وحضوره فضربه مثلاً وقال الإمام: معناه أنه أخلص لله قلبه فكأنه أتحف حضرته بذلك القلب، فقيل المفهوم من المطلع أن الباء للملابسة ومن كلام الإمام أنها للتعدية وظاهر كلام المصنف الأوّل، قيل وفي قول الزمخشري عرف ذلك إطلاق اسم العارف عليه وقد منعوه ولذا غير المصنف عبارته وقيل إنه بصيغة المجهول فلا يتجه ما ذكر عليه، ثم إنّ ظاهر كلامهم أنّ في جاء استعارة تبعية تصريحية فشبه أخلاصه قلبه بمجيئه الغيبة عن حضرته تعالى إلا أنه لا معنى حينئذ لجعل سليم بمعنى الخالص أو المخلص كما قاله بعض الفضلاء (أقول) هذا جميع ما قالوه برمته والذي يقبله القلب السليم أنّ ما ذكروه من الاستعارة مقرّر وأن ما قاله المصنف هنا خالص أو مخلص بيان لمحصل المعنى فيصير معنى التركيب أنه أخلص لله قلبه السليم من الآفات، أو المنقطع عن العلائق أو الحزين المنكسر فرب قلب سليم عن الأوّلين غير مخلص كما في القلوب البله وكذا الثالث، وإنما عقده تقديمه التفسير ومخالفة الزمخشري إذ تركه، وأما ما ذكروه في المعرفة ففيما أجيب به كفاية لكن أصل الاعتراف فيه توفف، وان اشتهر فقد وقع في أوّل خطبة نهج البلاغة إطلاقه عليه تعالى في قوله عارفا بقرائنها واحيائها وقال شارحه أنه صحيح وكفى به حجة عليه فأعرفه. قوله: (فقدّم المفعول للعناية) لأنّ إنكاره أو التقرير به هو المقصود وفيه رعاية الفاصلة أيضاً، وقوله على أنها الخ إشارة إلى أنه بدل كل من كل وليست الآلهة عين الكذب لكنها جعلت عينه مبالغة أو على التأويل


الصفحة التالية
Icon