المرض الحاضر، وهو معنى كثير الأشعار القديمة كقول حميد بن ثور:
وحسبك داء أن تصح وتسلما
ومنه أخذ المتنبي قوله:
قداستشفيت من داءبداء وأقتل ما أعلك ماشفاكا
والبيت الذي ذكره المصنف للبيد من قصيدة وقبله:
كانت قناتي لا تلين لغامز فألانها الإصباح والإمساء
وجاهدا بمعنى مجتهداً ويصحني منأصحه إذا صيره صحيحا، ولبيد كان ممن رزق العمر الطويل والمثل والبيت بيان للوجه الأخير. قوله: (هاربين مخافة العدوى (بفتح العين، وهي
سراية المرض وعلى تفسيره هذا مدبرين حال مقيدة لا مؤكدة كما هو المتبادر، وقوله فذهب الخ أصل معناه الميل في جانب ليخاع من خلفه فتجوّز به عما ذكره لأنه المناسب هنا والطعام المذكور كان يقرب للأصنام في أعيادهم، وأتى بضمير العقلاء لمعاملته معهم معاملة العقلاء، وقوله وأنّ الميل لمكروه، وعلى للمضرّة كما في دعا عليه وضربا مصدر لراغ باعتبار المراد منه بطريق التجوّز أو بدلالة السياق، ويجوز كونه حالاً بمعنى ضارباً أو مفعولاً له. قوله: (وثقييده باليمين الخ) فيكون المراد الضرب القوفي والباء في الأوّل للاستعانة ويجوز كونها للملابسة، واليمين بمعنى القوّة مجازاً كما مرّ، وفي الثاني للسببية. قوله: (بعدما رجعوا فرأوا أصنامهم مكسرة) إشارة إلى التوفيق بين ما في هذه الآية وما في الأخرى سمعنا فتى يذكرهم الخ فإنّ هذه تقتضي أنهم شاهدوه، وهو يكسرها فأسرعوا إليه وتلك تدلّ على أنهم لم يشاهدوه، وإنما استدلوا بذمّه على أنه الكاسر لها بأنّ هذه لا تنافي تلك فإنّ معناها أنه حين كسرها لم يشعر به أحد وأقبالهم إليه يزفون بعد رجوعهم من عيدهم، وسؤالهم عن الكاسر وقولهم فأتوا به على أعين الناس، وليس في النظم ما ينافيه وأجيب أيضا بأنّ الرائي له بعض أتباعهم ولم يذكره لكبرائهم لصارف مّا حتى بلغهم فقالوا ما صدر عنهم وهو المذكور في سورة الأنبياء. قوله: (من رّف النعام) أي أسرع لخلطه الطيران بالمشي، ولذا قيل زت العروس لا لسرعة المشي بها بل لخفة السرور، ونشاطه ومصدره الزف والزفيف وأزفه حمله على الزفيف أو دخل فيه فيكون متعدياً ولازما من الثلاثي المعلوم قرأ جميع القراء إلا حمزة فإنه قرأه بضمّ الياء على أنه معلوم المزيد، والقرا آت الباقية كلها شاذة فما نقله المصنف عن حمزة مخالف لما في جميع كتب القرا آت وقوله يزف بعضهم قدر مفعوله لأنّ أزف متعد وقد عرفت أنه يكون لازماً فلا يحتاج لتقديره، وكون وزف بمعنى أسرع أثبته الثقات فلا يلتفت لمن أنكره، وزفا بمعنى حدا استعير لمعنى أسرع كما أشار إليه بقوله كان الخ. قوله: (وما تعملونه (فما موصولة وعائدها محذوف،
وهذا رجحه في الكشاف على المصدرية لكنه زعمأنه هو الموافق لمذهب أهل العدل لأنّ أهل السنة استدلوا بهذه الآية على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله تعالى وبنره على كون ما مصدرية وأنه الأصل لعدم احتياجه إلى التقدير وليس هذا أيضاً بلازم كما أشار إليه المصنف وقال الزمخشريّ أنّ المعنى الآية يأباه إباء جلياً لأنه تعالى احتج عليهم بأنّ العابد والمعبود جميعا خلق الله فكيف! عبد المخلوق المخلوق على أنّ العابد هو الذي صوّره وشكله، ولولاه لم يكن له صورة فلو قلت والله خلقكم وخلق عملكم لم تكن محتجا عليهم، ولا كان لكلامك طباق وما في ما شحتون موصولة فلا يعدل بها عن أختها لما فيه من فلف النظم وتبتير. هذا محصله، وهو كلام حسن لكنه حق أريد به باطل كما سنبينه. توله: (فإن جوهرها بخلقه وشكلها وإن كان بفعلهم (ردّ على الزمخشري إذ جعل الموصولية دالة على أنّ جوهرها أي مادّتها بخلقه تعالى دون تشكيلها، وتصويرها فإنها من أفعال العباد المخلوقة لهم عنده فالموصولية لا تنافي مذهب أهل الحق إذ تعلق الفعل بالمشتق يقتضي تعلقه بمبدأ اشتقاقه فمعنى يحب التوّابين يحب ذواتهم وتوبتهم، وقوله وان كان الخ أن فيه وصلية أي لهم مدخل في الفعل بالكسب الاختياري والمباشرة، وإن كان الله خلقه كما هو مذهب الأشعرية ولا دلالة في كلامه على أنه لا مدخل لشلق الله في الشكل كما توهم، وقوله ولذلك جعل من أعمالهم دفع لما قيل إنه كيف جعل. مخلوقا لله ومعمولاً لهم من غير احتياج إلى إيقاع الخلق على جوهرها والعمل على شكلها كما في الكشاف تاييدا لمذهبه، وقوله فبأقداره الخ خبر


الصفحة التالية
Icon