قوله: (ولآنّ البشارة بإسحق الخ) يعني في قوله تعالى في هود: ﴿فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ﴾ [سورة هود، الآية: ٧١] منه أي من إسحق فظاهره اقترانهما في البشارة بهما كما هو المتبادر وان أمكن وقوع البشارة بيعقوب منه بعد قصة الذبح كما مرّ فإذا بشر بالولد وولد الولد دفعة كيف يتصوّر، ويجيء ذلك الولد مراهقاً قبل ولادة يعقوب منه وكتابة يوسف إلى يعقوب غير ثابتة بل قال ابن حجر إنه موضوع فلا حاجة إلى تاويل ابن الذبيحين بأنه قد يطلق على العمّ والد، وقوله بفتح الياء أي من إني وهو ظاهر، وقوله احترقا أي حين حاصرها في زمن ابن الزبير رضي الله عنهما الحجاج، ومن قال هو إسحق يقول الذبح بالشام أو عند الصخرة وكتابة يعقوب إلى يوسف عليهما الصلاة والسلام حين أخذ أخاه ووقع في النسخ إسرائيل الله بالإضافة لأنّ إسرائيل بمعنى الصفوة، وقد مرّ أنّ معناه صفوة الله فلا وجه للإضافة منه إلا على التجريد وقيل إنّ في الدلالة على كونه إسحق أدلة كثيرة وعليه حمل أهل الكتاب، ولم ينقل في الحديث ما يعارضه فلعله وقع
مرّتين مرّة بالشام لإسحق ومرّة بمكة لإسماعيل. قوله: (من الرأي) يحتمل أنه بيان لكون يرى من الرأي ويحتمل أن يكون بياناً لما في النظم ويعلم منه تفسير ترى أيضاً وهو على قراءة الفتح من الرأي والقصد المشاورة، وماذا مفعول مقدّم وقوله وهو حتم أي الذبح لأنه بوحي أو ما في حكمه مما يفيد الإيجاب، ولذا قال ابنه أفعل ما تؤمر وقوله بفتحها أي التاء وبإخلاص فتحها أي الراء، وقيل إنه لتسن المشاورة أو لأنّ ذبحه مما لم يرض قيل والأمر فيه سهل وضم التاء مع كسر الراء على حذف مفعوله أي تريني إياه من الصبر وعلى الضمّ، والفتح فالمعنى ما يسنح لخاطرك وفكرك. قوله: (أي ما تؤمر به الخ) يعني أنّ ما موصولة حذف عائدها بعدما حذفت الباء فعدى بنفسه كقوله:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به
أو حذفا معاً أو ما مصدرية والأمر بمعنى المأمور به لأنه المفعول ولا حذت فهي، ثم إنّ الحذف بعد الحذف كالمجاز على المجاز مإنه يجوز إذا شاع الأوّل حتى التحق بالحقيقة ويمتنع في غيره والحذف الأوّل سائغ كما في البيت المذكور فكأنه متعد بنفسه فالحذف فيه كأنه واحد فلا ينافي هذا ما مرّ في قوله: ﴿لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى﴾ [سورة الصافات، الآية: ٨] من منع المصنف اجتماع حذفين فمانه ليس على إطلاقه واذا جاز حذف جمل متعددة فلم لا يجوز حذف حرفين فلا حاجة إلى القول بأنّ الممنوع كونه حذفا قياسيا فلا يمتنع سماعاً على طريق الندرة. قوله: (على إرادة المأمور) يعني أنّ الأمر بمعنى المأمور كالطهور والإمام لما يتطهر به، ويؤتتم به فالمصدر المسبوك بمعنى الحاصل بالمصدر فإنه كالمصدر الصريح، وهو كثير إما يراد به ذلك كما مرّ فلا يرد أنّ المصدر المؤوّل لا يراد به الحاصل بالمصدر كما قيل، وقوله والإضافة إلى المأمور أراد بالإضافة معناها اللغوي يعني أنه كان الفعل المجهول فيه سنداً إلى الجارّ والمجرور وأصله بما يؤمر به فأسند إلى ضمير إبراهيم وهو المأمور تجوّزاً من غير حذف فيه وفيه نظر. قوله: (ولعله فهم من كلامه الخ) لأنّ قوله تؤمر يقتضي تقدم الأمر، وهو غير مذكور فإمّا أن يكون فهم أنّ معناه إني أمرت بذلك أو رؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وحي
فهي في معنى الأمر، والفرق بين الوجهين أنه فهمه على الأوّل من كلامه وعلى الثاني من عزمه على ما لا يقدم مثله عليه بدون أمر واليقظة بفتح القاف وتسكن للضرورة كما في قوله: فالعيش نوم والمنية يقظة والمرءبينهما خيال ساري
قوله: (وإنما ذكر بلفظ المضارع) الداد على الاستمرار التجددي لتكرّر الرؤيا كما مز، وقوله: ستجدني أي لا يقع مني ما تخشاه، وقوله على قضاء الله أي كل ما قضاه ذبحا كان أو غيره فهو أعمّ من الأوّل. قوله: (استسلما) أي انقادا وأطاعا فيكون لازما وما بعده على أنه متعدّ مفعوله مقدر، وقوله الذبيح وما بعده بالرفع بدل من ضمير التثنية أو فاعل لفعل مقدر مفسر لقوله سلما، وقوله وقد قرى بهما أي باستسلما وسلما وقوله وأصله أي الأفعال الثلاثة وفي نسخة أصلهما والأولى أولى، وقوله فإنه الخ توجيه لاستعماله للخلاص بأنه لسلامته من النزاع. قوله: (صرعه على شقه) أصل معناه رماه على التل، وهو الترأب المجتمع كتربه، ثم عمّ لكل صرع وكونه على شقه من الجبين لأنه أحد جانبي الجبهة كما أشار إليه، وقوله كبه على وجهه الخ مرضه لأنّ قوله على الجبين يأباه ولذا خطأ الكندي أبا الطيب المتنبي في شرحه لقوله:


الصفحة التالية
Icon