فيه لعجمته. قوله: (أتعبدونه) على أنّ الدعاء بمعنى العبادة أو هو طلب الخير بمعناه المشهور، وقوله صنم كان لأهل بك الخ ظاهره أنّ الصنم لقوم إلياص، وفي القاموس إنه لقوم يونس ولا مانع لكونه لهما حتى يقال إنه تحريف وظاهره أيضاً أنّ البلد لم تسم قديماً بعلبك بل بك فقط والمشهور خلافه، وقوله أتدعون بعض البعول أي الأرباب والمراد الأصنام فالتنكير للتبعيض فيرجع لما قيل قبله. قوله تعالى: ( ﴿وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ﴾ ) لا يرد عليه أن أفعل يضاف لما هو منجنسه وخلق الله بمعنى الإيجاد، وخلق العباد كسبهم وهو على مذهب المعتزلة ظاهر لأنّ المراد أعظم من يطلق عليه ذلك بأي معنى كان كما قاله الآمدي، وقوله وتتركون عبادته فهو بتقدير مضاف فيه أو المراد بتركه ترك عبادته ولم يقل أو تتركون طلب الخير منه كما فسر به تدعون قبله اكتفاء بما علم مما سبق بل لأنهم لا يتركون ذلك كما لا يخفى لقوله: (إذا أصابتهم مصيبة دعوا الله مخلصين) ونحوه وقال: وتذرون ولم يقل تدعون مع مناسبته ومجانسته لما قبله لأنّ مثله من الصيغة المتكلفة غير ممدوح عند البلغاء ما لم يجيء عفواً بطريق الاقتضاء ولذا ذم الفصحاء من يقول مثله فقالوا:
طبع المجنس فيه نوع قيادة أو ما ترى تأليفه للأحرف
على أنّ المناسب هذا دونه لأنّ مثله ربما ألبس على من يقرأ من المصحف دون حفظ
من العوام وأيضاً يدع إنما استعملته العرب في الترك الذي لا يذم مرتكبه لأنه من الدعة وهي الراحة، ولذا سمي مفارقة الناس بعضهم بعضا موادعة دون مواذرة، ويذر بخلافه لأنه يتضمن إهانة وعدم اعتداد لأنه من الوذر وهي قطع اللحمة الحقيرة كما أشار إليه الراغب وهذا مما لا مرية فيه، وأمّ ما قيل من أنّ الجناس ونحوه من المحسنات فهو مناسب مقام الرضا والمسرة لا مقام الغضب والتهويل فمما لم يقله أحد سواء مع مخالفته للمعقول والمنقول أمّا الأوّل فلأنه لا علاقة بين البلاغة وبين ما ذكر، وأمّا الثاني فلأنهم قالوا لم يقع الجناس التامّ في القرآن إلا في موضعين في قوله: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ﴾ [سورة الروم، الآية: ٥٥] وقوله: ﴿يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ﴾ [سورة النور، الآية: ٤٣- ٤٤] جمع بصر وبصيرة وهما في المقام الذي زعم أنه غير مناسب، وكذا ما قيل إنّ ح أمر للترك قبل العلم وذر بعده كما نقل عن الرازي فإنه لا يساعده
اللغة والاشتقاق فالوجه ما سمعتة وإنما أطلنا الكلام لما ذكره المتصلفون، وهم يحسبون أنهم يحسنون. قوله: (وقد أشار فيه) أي في قوله أحسن الخالقين إلى المفتضى للإنكار على من ترك عبادته، وهو خالق عظيم إلى خلافه ثم صرح بما أومأ إليه أوّلاً للاعتناء به بقوله: ﴿اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾ الخ فإنّ من كان ربا لهم ولآبائهم هو الحقيق بتوحيده بالعبادة وعبادته بالتوحيد، وقوله بالنصب أي نصب الثلاثة على أنها بدل من قوله أحسن الخالقين وغيرهم قرأه بالرفع على أنه مبتدأ وخبر أو خبر مبتدأ محذوف وربكم عطف بيان أو بدل منه. قوله: (مخصوص بالشرّ عرفاً) أي في العرف العام أو حيث استعمل في القرآن لإشعاره بالجبر والقهر، وقوله من الواو أي في قوله فكذبوه، وقوله لفساد المعنى لأن ضمير محضرون للمكذبين فإذا استثنى منه اقتضى أنهم كذبوه ولم يحضروا وفساده ظاهر وقيل وجهه أنه إذا لم يستثن من كذبوا كانوا كلهم مكذبين فليس فيهم مخلص فضلاً عن مخلصين ومآله ما ذكر لكنه قيل عليه إنه لا فساد فيه لأن استثناءهم من القوم المحضرين لعدم تكذيبهم على ما دل عليه التوصيف بالمخلصين لا من المكذبين، والمعنى واحد وردّ بأنّ ضمير محضرين للمكذبين لا للقوم فلا وجه لما ذكر أصلا كما مرّ، وتعقب بأنّ ضمير محضرين للقوم كضمير كذبوا والذي غرّه الفاء وهي إنما تفيد ترتب إحضار القوم على تكذيبهم فالمال واحد ولا يخفى أنّ اختصاص الإحضار بالعذاب يعين كون ضميره للمكذبين لا لمطلق القوم فإن لم يسلمه فهو أمر آخر لكن اختصاصه صرّج به السمرقندي وغيره، وهذا إنما هو على تقدير الاتصال. قوله: (كسيناء وسنين) وجه الشبه بينهما أنّ الأوّل علم غير عربي تلاعبوا به فجعلواه بصيغة الجمع، أو أنّ زيادة الياء والنون في السريانية لمعنى كما في الكشاف لا في الوزن والا لكان حقه أن يقول كميكال وميكائيل، واختاو هذه اللغة على هذا رعاية للفاصلة. قوله: (وقيل جمع له) على طريق التغليب بإطلاقه عليه وعلى أتباعه وقومه كما يقال المهالبة لمهلب، وقومه وضعفه بما ذكره النحاة من أنّ العلم إذا


الصفحة التالية
Icon