أخلصو! الإيمان وجددوه لأنّ الأوّل كان إيمان يأس، وقوله أو إلى غيرهم قيل هو متعلق بمقدّر لا معطوف على قوله إليهم لأنّ قوله ثان يأباه وفي إبانه نظر. قوله: (في مرأى الناظرا لما كانت أو للشك، وهو محال على علام الغيوب وجهه بأنه ناظر إلى الناظر منا والمقصود بيان كثرتهم، أو أنّ الزيادة ليست كثيرة كثرة مفرطة كما يقال هم ألف وزيادة، وجوّز أيضاً أن تكون أو للإبهام من غير اعتبار للناظر لنكتة أو بمعنى بل أو الواو كما قرئ به وأمّا كون المكلفين بالفعل مائة ألف والمراهقون الذين بصدد التكليف زيادة، ولذا عبر فيه بالفعل فمع أنّ المناسب له الواو وتكلف ركيك وأقرب منه أنّ الزيادة بحسب الإرسال الثاني، ويناسبه صيغة التحذد يزيدون أو تجريده
للمصدرية فإنه ضعيف. قوله: (فصدّقوه أو فجددوا الإيمان به) متعلق بالإيمان وقوله بمحضره متعلق بجددوا وهو بعدما آمنوا بغيبته بعدما رأوا أمارات العذاب كما قيل تبعا لبعض المفسرين، ويرد عليه إذا نزل العذاب أو بدا نزوله لا يصح الإيمان لأنه إيمان يأس فإمّا أن يكون ما ذكر قبل معاينة العذاب فلا إشكال، أو بعده فيجوز أن يقبل منهم لأنه علم صدقهم فيه ويقينهم لا قصد دفع العذاب وهؤلاء هم الذين أخبر الله عنهم أنهم لا ينفعهم الإيمان بعد المعاينة كما صرح به السمرقندي أو يكون هذا مخصوصا بهؤلاء لقوله تعالى: ﴿إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ﴾ [سورة يونس، الآية: ٩٨] الخ والتفسير الأوّل على الوجوه والثاني على تكرير الإرسال. قوله ة (لم يختم قصته الخ) أي بقوله ﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ﴾ الخ والكبر بضم ففتح جمع كبرى، وتوله أو اكتفاء الخ قيل تخصيصهما بالاكتفاء محتاج المخصص فهذا الجواب لا يغني عما قبله فينبغي الاكتفاء بالأوّل ودفعه ظاهر لأنهما لتأخر ذكرهما قربا منه فكان الاستغناء به عن سلامهما ظاهراً وكيف يصح الاقتصار على الأوّل، واليأس ليس من أولي العزم وأصحاب الشرائع الكبر. قوله: (معطوف على مثله في أوّل السورة) وهو قوله: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا﴾ [سورة الصافات، الآية: ١١] الخ والفاء في المعطوف عليه جزائية في جواب شرط مقدّر وهذه عاطفة تعقيبية لأنه أمر بهما من غير تراخ لكنه أورد عليه أنه فيه فصل طويل إن لم يمتنع لا ينبغي ارتكابه، وقد استقبح النحاة الفصل بجملة في نحو أكلت لحماً وأضرب زيدا وخبزا فما بالك بجمل بل سورة، وأشار المصنف رحمه الله إلى جوابه تبعا للزمخشري بأنّ ما ذكره النحاة في عطف المفردات وأمّا الجمل فلاسنقلالها مغتفر فيها ذلك، وهذا الكلام لما تعانقت معانيه وارتبطت مبانيه، آخذاً بعضها يحجز بعض حتى كأنها كلمة واحدة لم يعد بعدها بعدا فقال لما يلائمه من القصص موصولاً يعضها ببعض الخ واتصالها بأوّل السورة كاتصال المعطوف لأنّ عظيم خلقه كما دل على الحشر دل على تنزهه عما لا يليق بجلاله كالولد والردّ على مثبتي الولد مناسب للرد على منكري البعث أتم مناسبة، والسائل والمسؤول منه والأمر فيهما متحد:
وليس يضير البعد بين جسومنا إذا كان ما بين القلوب قريبا
وأمّا ما قيل إنّ ضمير استفتهم للرسل المذكورين، وما عداه لقريش والمراد أحد إحبارهم
ممن يوثق به من أممهم أو كتبهم أي ما منهم أحد إلا نزهه تعالى عن أمثال هذا حتى يونس
عليه الصلاة والسلام في بطن حوت! هـ فلا يليق بالنظم الكريم لما فيه من التعسف إذ كيف يستفتي من لم يره فلما شعر به هذا جعل استفتاءه سؤال علماء أمّته، والنظر في صحفه فليت شعري بماذا يجيب لو قيل له ما دعاك لهذا المضيق حتى ارتكبت ما لا يليق، وعدى الاستفتاء بعن وهو يتعدى بفي لما فيه من معنى التفتيش. قوله: (جارا لما يلاتمه) من ذكر الأنبياء وتكذيبهم؟ وما حل بهم من سوء العاقبة وشآمة الإنكار ليعتبروا بهم وتفصيل ملاءمة كل جملة لما بعدها مفصل في شرح الطيبي فإن أردت فانظره، وقوله ثم أمر الخ عطف بثم والذي في النظم العطف بالفاء فلا وجه للعدول عنه كما وقع في الكشاف فكأنه لما كان بينهما فصل طويل، وهو بصدد بيانه ناسب هنا ثم، وقوله هؤلاء يعني به القائمين والتجسيم وما بعده بدل من ضلالات والتجسيم من التوالد لأنه من خواص الأجسام، وقوله تجويز البنات وقع في نسخة الفناء بدله لأنّ التوالد لبقاء النوع، وإنما يطلبه من


الصفحة التالية
Icon