لصحة الجزم فيه، وقوله: لأنه لو قيل الخ بيان له، والماضي وإن كان يصح عطفه على المضارع إلا أنه هنا غير مناسب فإنه لا يترتب الماضي على المستقبل بالفاء التعقيبية أو السببية فإنه غير معقول، والمعقول عكسه وتأويل أحد الفعلين يدفع ذلك فهو لازم لكنه إن نظر إلى زمان الحكم كان الجواب مستقبلا فيؤوّل ظلت بتظل كما قرئ به، وان نظر إلى زمان الحكاية يؤوّل تنزل بأنزلنا كما قرئ به، وهو الذي اختاره الشيخان لأنه وإن كان مستقبلا حقيقة لأنّ المعتبر زمان الحكم لا التكلم على المشهور، ولو خط فيه أيضا صورة نزول تلك الآيات العظيمة الملجئة إلى الإيمان، وحصول خضوع رقابهم عند ذلك في ذهن السامع ليتعجب منه وعبر عنه بالماضي إشارة إلى أنّ نزول تلك الآيات لقوة سلطانه، وسرعة ترتب ما ذكر عليه كأنه كان واقعاً قبله، وإلا لم يصح الترتب والتسبب لما مرّ فلذا جرى فيه على خلاف مقتضى الظاهر كما في شرح الكشاف فما قيل في دفع كون كلمة الشرط تخلص للاستقبال، وانّ النظم
لو كان أنزلنا أوّل يتنزل من أنّ إن الشرطية قد تخرج عن الاستقبال كما في نحو إن كنت قلته فقد علمته، وهو كذلك هنا بدليل وقوع لو في نظائره كقوله: ﴿وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ [سورة الأنعام، الآية: ٣٥] فالمعنى هنا لو شئنا لأنزلنا فلذا عطف على المعنى تكلف ما لا حاجة إليه من كون أن بمعنى لو ومضيّ ما في حيزها، وأنت في غنية عنه بما قدمناه ومن قال إنّ الفاء لا يجزم ما بعدها لم يفرق بين العاطفة والجوابية فتأمّل. قوله: (موعظة أو طائفة من القرآن) يعني المراد إما التذكير والموعظة، ومن زائدة أو القرآن ومن تبعيضية والجاز والمجرور صفة لمقدر، وقوله: بوحيه متعلق بيأتيهم، وعنوان الرحمن إشارة إلى أنه رحمة، وقوله وتنويع التقرير أي التثبيت في الأذهان أو الحمل على الإقرار، والأوّل أولى. قوله: (إلا جدّدوا إعراضاً) قيل كان ينافي ما ذكر، فالظاهر أتا لمعنى ما يجدّد الله تعالى بوحيه على نبيه ﷺ موهـ هـ ودريرا إلا استمرّوا لحى ما اعتادوه من الإعراض! وردّ بأنه لوقوعه في مقابلة ما يأتيهم فالمراد به بالاستمرار التجدّدي، وقوله: محدث لتوكيد. ، والاستثناء يدلّ على أنّ الإعراض وقته إتيان الذكر، ولا يخفى أنّ هذه الجملة حالية ماضوية وأن كان تدلّ على الاستمرار التجددي ووقوعها في مقابلة المضارع لا يقتضي إلا الثبوت عليه مع تجدد التذكير وتكرّره، وهو أبلغ في الذمّ فالظاهر أن المصنف رحمه الله أراد ما ذكره المعترض، ولولاه لم يقل واصراراً الخ، وإنما قال جددوا لأنّ الإعراض عما يحدث لا بد أن يكون حادثا إذ لا يتصوّر الإعراض عن شيء قبل وجوده، فإن أراده هذا القائل! ن فاسداً وان أراد الاستمرار بعده فهر معنى الإصرار، وقال بعض الفضلاء في فقد كذبوا تمادوا على التكذيب، وكان تكذيبهم مع ورود ما يوجب الإقلاع من تكرار إتيان الذكر كتكذيبهم أوّل مرّة، وللتنبيه على ذلك عبر عنه بما يعبر عن الحادث وله نظائر كقوله: ﴿رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ﴾ [سورة الشعراء، الآية: ١١٧] فكذبوه وفي قوله وأمعنوا إشارة إليه فتاً مّل. قوله: (بعد إعراضهم) هذا مقتضى الفاء، واعراضهم تكذيب فعلى هذا لا حاجة إلى أن يقال وعنده أيضا، وأمعنوا بمعنى بالغوا فيه، وقوله المخبر به عنهم الظاهر أن يقول عنه، وكذا هو في نسخة مصححة، وإنما جعله متضمناً له لأنّ قوله ما كانوا به يستهزؤون يقتضي تقدم الاستهزاء، ولو جعل الإعراض والتكذيب دالاً عليه كان أظهر، وقوله: ﴿إِذَا مَسَّهُمْ﴾ [سورة الاً عراف، الآية: ٢٠١] الخ هو غير مغاير لقوله في الأنعام عند ظهور الإسلام وارتفاعه كما توهم، واتيان الخبر كناية عن وقوع
محذور منتظر، واليه أشار ببيان الأنبار بقوله من أنه الخ. قوله: (أولم ينظروا إلى عجائبها (بيان لمحصل المعنى أو لتقدير مضاف وقد جعل هذا معطوفا على مقدر هو أكذبوا بالبعث لدلالة الذكر عليه، وقوله صنف إشارة إلى أنه ليس المراد بالزوح معناه المعروف، وهو أحد القرينين من ذكر وأنثى، بل ما في قوله: ﴿أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى﴾ [سورة طه، الآية: ٥٣، أي أنواعا متشابهة وقال الراغب: إنه يطلق عليه لتركبه، وقوله وهو أي كريم صفة بمعنى محمود مرضيّ لا بمعنى معطي. قوله: (وهاهنا يحتمل أن تكون) أي صفة الكريم مقيدة هو بالقاف كما في بعض الحواشي، وهو الظاهر فالمعنى أنّ الصفة يحتمل أن تكون مقيدة للصنف مخصصة بما ذكر لأنه ليس كل صنف كذلك، وقوله لما يتضمن الدلالة إمّا صلة مقيدة فما يتضمن المنبت مطلقا أو تعليلية ففاعل يتضمن ضمير كريم أي لتضمن كرمه الدلالة على القدرة أي