(وعطفه على القرآن الخ) يعني على الوجه الثاني لأنهما عبارة عن شيء
واحد بالذات متغاير بالصفات ولكونهما اسمين غلبا عليه، وان كان أحدهما مصدرا والآخر اسم جنس أو صفة في الأصل، ولذا أتى بكاف التشبيه فهو كقولهم هذا فعل السخيّ، والجواد الكريم لأن القرآن هو المنزل المبارك المصدق لما بين يديه فحكمه حكم الصفات المستقلة بالمدح فكأنه قيل تلك الآيات آيات المنزل المبارك وأيّ كتاب كما في الكشاف. قوله: (وتنكيره) يعني على الوجهين لا على الثاني لأنه على الأوّل مبهم لعدم مناسبته للمقام، والمضاف المحذوف آيات، ويجوز عدم تقديره أيضاً. قوله: (حالان من الآيات) هو أحد وجوه سبعة في إعرابه ومعنى الإشارة أشير أو أنبه، وهو الذي سمته النحاة عاملاً معنوياً، وقوله بدلان منها قال في شرح التسهيل اشترط الكوفيون في إبدال النكرة من المعرفة شرطين اتحاد اللفظ وأن تكون النكرة موصوفة نحو: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ [سورة العلق، الآية: ١٦] ووافقهم ابن أبي الربيع في الثاني والصحيح عدم الاشتراط لشهادة السماع بخلافه فلا حاجة إلى ما تكلف هنا من أنه اكتفى بنعت قيدها بالموصول وقوله للمؤمنين إن كان قيدا للهدى والبشرى معا فالهدي بمعنى الاهتداء أو على ظاهره، والتخصيص لأنهم المنتفعون به، وان كانت هدايته عامّة، وجعل المؤمنين بمعنى الصابرين للإيمان تكلف كحمل هداهم على زيادته ومن عممه للبشر جعل القيد للبشرى فقط، وأبقى الهدى على ظاهره من العموم فلا وجه لما قيل من أنه لا دلالة في النظم على التعميم بل دلالته على اختصاصه بالمؤمنين. قوله:) يعملون الصالحاث (كأنه يشير إلى أنه كناية عن عمل الصالحات مطلقا، وانهما خصصا لأنهما إما العبادة البدنية والمالية فقوله من الصلاة والزكاة بتقدير من جنس الصلاة والزكاة، ولو حذفه كان أظهر. قوله: (من تتمة الصلة) لأنّ الحال قيد وهو بيان لاتصاله بما قبله، وقوله وتغيير النظم هو على العطف على الصلة لتغايرهما في الاسمية، ويحتمل أن يكون على الوجهين وثباته تفسير لقوّة اليقين، أو القوّة من تكرير الإسناد والثبات من الاسمية لإفادتها ذلك إذا كانت معدولة، وان كان الخبر فعلا فلا يرد الاعتراض بأنها لا تدلّ على ذلك كما صرّح به أهل المعاني حتى يقال إنه مأخوذ من اليقين كما قيل وقوله وإنهم الأوحديون فيه أي الكاملون في الاتصاف باليقين والياء للمبالغة، وقوله أو جملة اعتراضية هو على ظاهره من غير حاجة إلى جعلها مستأنفة والمراد بالاعتراض الانقطاع عما قبله لابتنائه على أنّ الاعتراض لا يكون في آخر الكلام، وليس بمسلم عندهم وقوله: ويعملون الصالحات إشارة إلى أنهما كناية عما ذكر وقوله هم الموقنون أي الكاملون في
الإيقان بقرينة ما قبله. قوله: (فإن تحمل المشاق الخ) المراد بالمشاق التكاليف الدينية وتحملها إنما يعتد به إذا وافق الباطن الظاهر، أو هو بالنظر إلى الأغلب فلا يرد من يعمل رباء والوثوق مضمن معنى الاعتماد فلذا عدى بعلى، وهما إنما يكونان لكمال الإيقان فتكون العلة للتحمل منحصرة فيه فزوالها يوجب زوال معلولها كوجودها لوجوده فيفيد أنّ المتحمل، هو الموقن لا غيره مع أنّ التلازم بينهما ظاهر فلا يرد أنّ اللازم من التعليل انحصار التحمل في الموقن، والمدّعي عكسة فلا يتم التقريب. قوله: (وتكرير الضمير للاختصاص) كما في الكشاف قيل المراد بالاختصاص الاختصاص المؤكد إذ تقديمه يكفي لإفادة الاختصاص وهذا بناء على أنّ نحو هو عرف يحتمل التقوّي والتخصيص فالتقوي لتكرّر الإسناد، والتخصيص لتقدّم الفاعل المعنوي فلما قدم الضمير، وأكد بالتكرير أفاد التخصيص والتوكيد كما فصل في كتب المعاني وفيه تأمّل، وتقديم بالآخرة للفاصلة ويحتمل الحصر الإضافي للتعريض باليهود. قوله: (زينا لهم أعمالهم القبيحة) قد تقدّم تفصيله في الأنعام وقوله بأن جعلناها الخ إشارة إلى أنه مجاز، وقد جوّز فيه الزمخشري أن يكون استعارة وأن يكون مجازا في الإسناد، وكلام المصنف محتمل لهما أيض أ، وقوله أو الأعمال الحسنة هو منقول عن الحسن وتخصيص الواجب مع أنّ المندوب كذلك لمناسبته للذم يعني أنه تعالى جعل الأعمال الحسنة الواجبة عليهم حسنة كاسمها فعموا عنها كما صرّح به بعد. فالترتيب باعتبار الواقع وتعكيسهم لما يجب عليهم فلا