لقربه لفظاً ومعنى، وإنما فسره بما ذكر إيضاحا لمعناه لا لأنه صفة مصدر مقدر كما توهم فإنه لا وجه له. قوله: (وفي الحديث الخ) رواه الطبرانيئ وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو ضعيف كما قاله العراقي لكنه لا يضرّنا، وقوله يصب عليهم الأجر صبا الظاهر أن الصبّ مجاز عن كونه بالغا حد الكثرة من غير تقدير. قوله: (موحدا) إخلاص الدين تقدم أنّ معناه لا يشوب طاعته رياء ولا شرك، وهو مستلزم للتوحيد فلذا فسره به، وقوله مقدمهم أي مقدم المسلمين لأن إخلاصه أتم من اخلاص كل مخلص فلذا حاز به القصب فلا يتوهم أنه غير مختص دون أمته بالإخلاص حتى يكون ذلك سبب تقدّمه، وقيل إنه لما كان الهادي للإسلام كان إخلاصه موجبا لسبقه على غيره فالأوّلية زمانية وهي باعتبار معنى الإسلام الشرعي فإنه أوّل من اتصف به من أمته فهو يرجع إلى ما بعده، وقوله لأن قصب السبق الخ أي لأن إحراز قصب السبق ففيه مضاف مقدر لأنه معروف في التعبير عنه، واحرازه كناية عن التقدم والسبق وفي نسخة حيازة قصب الخ فلا تقدير فيه وأصله أنهم كانوا في مراهنتهم في سباق الخيل يوضع في نهاية ميدانه قصبة مغروزة كل من يأتي أوّلاً يأخذها فيعلم بذلك سبقه لغيره، ثم صار مثلاً في كل سبق وعلى هذا فالأوّلية في
الشرف والرتبة. قوله: (أو لأنه أوّل من أسلم الخ) فالأولية زمانية على ظاهرها، وقوله من دان بدينهم معطوف على قريش وفيه أنّ أهل السير ذكروا أن بعض قريش كان يتحنف ويتعبد بدين حق في الفترة كورقة بن نفيل وأشخاص أخر إلا أنه لا يعد ذلك في جنبه شيثاً فإنه لم يكن عن تحقيق قاطع لغرق الشبهة، وقد صار منسوخا برسالته ﷺ وهذا معطوف على جملة ما قبله بحسب المعنى واللام على هذا تعليلية أيضا ولو عطف على مقدر لكان أظهر والتقدير لأنه تقدمهم الخ أو لأنه الخ فما قيل إنّ حق العبارة أو لأن أكون أوّل من أسلم الخ بالزمان لا وجه له والمراد الإسلام على وفق الأمر فلا ينافيه تعبده ﷺ قبل النبوّة. قوله: (والعطف لمغايرة الثاني الآوّل) دفع للسؤال الوارد على تقديره، وتقريره وهو أنه اتحد فيه المتعاطفان وليس عطف تفسير بأنه لذكر العلة فيه صارا بالزيادة متغايرين، وقوله والإشعار الخ هو المرجح للعطف بعد ذكر المصحح له يعني أنّ في العطف رمزاً إلى أنّ عبادة المخلص مأمور بها لذاتها ولأجل تحصيل شرف الدارين وهذا على التفسير الأوّل ولو قدر وأمرت بالإخلاص كانت المغايرة ظاهرة أيضا، والسقة بضم فسكون ما يعطاه من سبق من الخطر ويقال له سبق بفتحتين أيضاً. قوله: (ويجوز أن تجعل اللام الخ (وهي كما ذكره الزمخشريّ تزاد في المفعول بعد فعلى الإرادة والأمر كثيراً إذا كان المفعول غير صريح للتنبيه على أنه معدول عن النهج المعتاد، وقوله والبدء بنفسه هو معنى قوله وأمرت الثاني أي أنه أمر أوّلاً بعبادة الله مخلصاً له وثانياً بأن يكون أوّل عامل بما يدعو الناس للعمل به لا كالملوك الجبابرة الذين يأمرون بما لا يفعلون ليكون مقتدى به قولاً وفعلاً.
تنبيه: هذه المسألة من مسائل الكتاب قال: سألت الخليل عن أريد لأن أفعل فقال إنما
يريد أن يقول إرادتي لهذا كما قال وأمرت لأن أكون أوّل المسلمين، اهـ وقال السيرافي هذه الآية فيها وجهان فعند البصريين إنها تعليلية والمفعول مقدر أي أريد ما أريد وأمرت بما أمرت لكذا، والثاني أنها زائدة وقال أبو عليئ في التعليقة: إنها متعلقة بمصدر دل عليه الفعل أي أردت وإرادتي لكذا وهو أشبه بكلام الكتاب لكنه لا بد للعدول عن الظاهر من نكتة لأنه متعد بنفسه، وكأنها والله أعلم أن إرادة غيره قد تتخلف وأمر غيره قد لا يمتثل فقدر المفعول هنا ليفيد مع العموم أنه مقرر غير محتاج للتصريح به فتامّل. قوله: (بترك الإخلاص الخ (هذا هو
المناسب، وكون العذاب عظيما لعظمة ما فيه ظاهر ولو أبقى على عمومه صح والمقصود به تهديدهم والتعريض لهم بأنه مع عظمنه لو عصى الله ما أمن العذاب فكيف بهم، وقوله لعظمة ما فيه إشارة إلى أنّ وصف اليوم يا لعظمة مجاز في الطرف أو الإسناد وهو أبلغ ولذا عدل عن توصيف العذاب به. قوله:) أمر بالإخبار عن إخلاصه (هذا معنى الله أعبد وما يفيده فحواه لأنّ تقديم المفعول يفيد الحصر الدال على إخلاصه عن الشرك الظاهر والخفيئ، وقوله وأن يكون الخ هو منطوقه، وقوله بعد


الصفحة التالية
Icon