تقديراً والإطلاق لما ذكر من أنها الأصل فإذا ينصرف المطلق إليه لتبادره منه، وقوله وذكر القلوب الخ يعني إن لين الجلود في مقابلة اقشعرار الجلود، فزيدت القلوب لأنها محل الخشية، ولو لم تذكر كفى لين الجلود، أو المراد أن ذكر الخشية أوّلا في قوة ذكر القلوب، فكأنها مذكورة فيهما وإنما خص بالذكر ثانيا لأنه يوصف باللين، ولا يصح وصفه بالاقشعرار. قوله: (يهدي به من يشاء) فاعل يشاء إمّا ضمير الله، أو ضمير من، وكلام المصنف رحمه الله محتمل لهما، والأوّل أولى، وقوله هدايته مصدر مضاف إلى المفعول، إذا كان الضمير لله والمصدر مبني للفاعل فإن كان لمن فالمعنى أن يكون مهديا على أنه مصدر المجهول فتأمل. قوله:) يجعله درقة يقي به الخ (الدرقة بفتحتين ترس من جلود يتقي به، وهو
هنا تشبيه بليغ، أي يجعل وجهه قائما مقام الدرقة في أنه أول ما يمسه المؤلم له، لأنّ ما يتقي به هو اليدان وهما مغلولتان، ولو لم يغلا كأن يدفع بهما عن الوجه لأنه أعز أعضائه، وقيل الوجه لا يتقي به فالاتقاء به كناية عن عدم ما يتقي به، إذ الاتقاء بالوجه لا وجه له وليس ببعيد من كلام المصنف رحمه الله، وقوله كمن هو الخ هو الخبر المقدر، وسوء العذاب من إضافة الصفة للموصوف بها، وقوله وباله ففيه مضاف مقدر، أو هو مجاز أطلق فيه السبب على مسببه، وقوله الواو للحال، أي وقيل والإجلاء الإخراج من ديارهم، وقوله لو كانوا الخ إشارة إلى تنزيل يعلمون منزلة اللازم لعدم القصد إلى تعلقه بمعمول، وقوله لعلموا الخ جواب لو المقدّر. قوله: (حال من هذا الخ إنما ذكر الاعتماد على الصفة الأن قرأنا جامد لا يصلح للحالية، وهو أيضاً عين ذي الحال فلا يظهر حاله، أمّا إذا جعل تمهيداً لما بعده فالحال موطئة للمشتق بعدها، وهو الحال في الحقيقة فلا محذور فيه، أو هو ليس حالاً بل منصوب بمقدر تقديره أعني أو أخص وأمدح، ونحوه ويجوز كونه مفعول يذكرون أيضاً. قوله: الا اختلال فيه بوجه ما الخ) لأنّ عوجا نكرة وقعت في سياق النفي، وهو غير والمراد به الاختلال فيقتضي أنه لا عوج فيه أصلاً وهو أبلغ من مستقيم، لما عرفت من عمومه والاستقامة يجورّ أن تكون من وجه دون وجه، ولأنه نفي عنه مصاحبة العوج فيقتضي نفي اتصافه به بالطريق الأولى، كما في قوله: ﴿وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا﴾ [سورة الكهف، الآية: ١]. قوله: (وأخص بالمعاني (وفي نسخة اختص بالمعاني، قال التفتازاني وهو الوجه الثاني، وترجيحه لأن لفظ العوج بالكسر مختص بالمعاني، فدل على استقامة المعنى من كل وجه، بعدما دل على استقامة اللفظ بكونه عربيا، بخلاف ما إذا قيل مستقيما أو غير معوج، فإنه لا يكون نصا في ذلك لاحتمال أن يراد نفي العوج بالفتح انتهى، وقد تبع فيه الشارح الطيبي واليمني، وهو عجيب منهم، فإن المعاني تطلق على مقابل الألفاظ، فيكون بمعنى المدلول عيناً كان أو غيره، ويطلق على مقابل الأعيان،
فيشمل الألفاظ، فبعد قول الكشاف الثاني إن لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان انتهى، كيف يتأتى ما ذكره كما أشار إليه بعض الشراح، وقد زعم بعضهم أن ما ذكر من جلبه من سوقيه وزاد فيه ما زاد وفي قوله بعدما ذكر الخ، بحث إذ لا دلالة فيما ذكر عليه فتأمل، وقد مز في الكهف تحقيقه، وان ما يقصد سومه لا يخلو عن عوح مّا، وإن دق فعبر بالعوج ليدل على أنه بلغ إلى حذ لا يدرك العقل فيه عوجاً، فضلا عن الحس، ولهذا اختار المكسورة لما كان المنفي أمراً دقيقا، وعبر عنه بما يعبر به عن المعاني المعقولة. قوله: (بالشك استشهادا بقوله الخ) معطوف على قوله بالمعاني، أي اختص بالشك هنا لا مطلقا، لا على قوله بوجه ما كما قل لبعده لفظاً ومعنى، والاستشهاد البيت على أنّ العوج استعملته العرب بمعنى الشك غير ظاهر لاحتمال أن يكون المراد لا خلل فيه، وان كان مقابلته باليقين مشعرة به، وما قيل في توجيهه أنه مقتبس من الآية، وقائله فصيح من أهل اللسان، فلو لم يكن فهمه منها ما أتى به، كذلك تعسف ظاهر لأنه لم يتبين أنه اقتبسه منها، ولو سلم يكون محتملا لما يحتمله العوج في النظم، أو هو كما قال المصنف رحمه الله تخصيص له ببعض أفراده، لكونه في مقابلة اليقين فلا ينافي الاقتباس، ولا يقتضي تخصيص ما في النظم به فتدبر. قوله: (علة أخرى (لأنّ لعل يفهم منها التعليل كما مرّ، فعلل ضرب الأمثال أوّلاً بالتذكر وألاتعاظ ثم علل التذكر بالاتقاء لأنه المقصود منه، فليس من تعليل معلول واحد بعلتين. قوله: (مثل المشرك الخ (إنما جعله مقتضى مذهبه، لأنّ الأصنام جمادات لا يتصوّر منها التنازع وهم يعلمون ذلك، ويقولون ما نعبدهم إلا ليقرّبونا إلى الله زلفى، ومعبوديه جمع


الصفحة التالية
Icon